الصياد بكر بانتظار عودة قاربه
زكريا المدهون
بفارغ الصبر ينتظر الصياد مدحت بكر، إعادة قوات الاحتلال الإسرائيلي قاربه الكبير الذي صادرته قبل أيام، ويعّد مصدر دخله وعشرات الصيادين الآخرين.
تقطعت السبل بالصياد بكر البالغ 53 عاماً من العمر، وبأكثر من عشرين صيادا كانوا يعملون معه على قارب كبير (لنش لوكس)، صادرته البحرية الإسرائيلية مؤخرا، في عرض البحر بمنطقة السودانية شمال غرب مدينة غزة.
يقول بكر وهو يجلس على الرمال البيضاء قرب مرسى الصيادين غرب مدينة غزة: "أخي خميس لا يزال معتقلا لدى قوات الاحتلال، وأيضا "اللنش" الذي كلفنا أنا وإخوتي 120 ألف دولار، هو الآخر ما زال محتجزا في ميناء أسدود الإسرائيلي".
وأضاف بكر لـ"وفا" أنهم لم يتجاوزا مساحة الستة أميال بحرية، عندما اعترضتهم السفن الحربية الاسرائيلية، بل كانوا على بعد ميلين بحريين ولم يشكلوا أي خطر عليها.
وأعرب الصياد بكر الذي يعيل أسرة مكونة من تسعة أشخاص، عن حزنه الشديد بعدما أصبح دون مصدر دخل برفقة 20 صيادا آخرين كانوا يعملون على متن قاربه المصادر، مشيرا إلى أنه وأربعة من إخوته تشاركوا في ثمن "اللنش" الذي كلفهم كل ما يملكون.
وفي شمال بحر قطاع غزة، صادرت البحرية الاسرائيلية قبل أيام قاربا صغيرا (حسكة مجذاف) يعود للصياد إبراهيم السلطان، الذي قال لـ"وفا" إن المركب يعيل 16 فردا أصبحوا اليوم دون مصدر دخل، مشيرا الى أن قوات الاحتلال اعتقلته رفقة شقيقه وصادرت مركبهما الصغير.
وأضاف أنه كان يصطاد في المنطقة المسموحة، لكن قوات الاحتلال تتعمد التضييق على الصيادين ومحاربتهم في قوت أطفالهم.
وأشار صيادون ومراكز حقوقية، إلى أن قوات الاحتلال صعّدت خلال الأيام الماضية من انتهاكاتها المتعمدة بحق الصيادين في قطاع غزة.
ووثقت نقابة الصيادين كما أعلن أمين سرها أمجد الشرافي، منذ بداية الشهر الماضي وحتى اليوم، 64 انتهاكا بحق الصيادين نتج عنها اعتقال 44، لا يزال ثلاثة منهم معتقلين.
وأوضح الشرافي لـ"وفا"، أنه خلال تلك الفترة الزمنية، أصيب ثمانية صيادين، وتمت مصادرة 22 قارب صيد مختلفة، بينها قارب كبير (لنش لوكس)، وكذلك أحد عشر محركا، وستين قطعة غزل (شباك الصيد).
وأكد أمين سر نقابة الصيادين، أن جميع الانتهاكات الإسرائيلية بحق الصيادين تقع في المناطق التي يسمح الصيد فيها، مطالبا بوضع آلية لتعزيز صمود الصيادين وخاصة الذين فقدوا قواربهم، وبالتالي فقدوا مصدر رزقهم الوحيد.
واتهم الشرافي قوات الاحتلال بتعمد ضرب موسم الصيد (السردين) وخاصة هذه الأيام، ما كبّد الصيادين خسائر فادحة تقدر بأربعة ملايين دولار، كاشفا النقاب عن وضع قوات الاحتلال (ذبذبات ارتجاجية) تحت الماء تعمل على هروب الأسماك.
ويبلغ عدد الصيادين في قطاع غزة 4 آلاف صياد يعيلون 60 ألف فرد، منهم 88% يعيشون تحت خط الفقر المدقع، حسب الشرافي.
وينص اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل على السماح للصيادين بالإبحار لمسافة 20 ميلا بحريا.
وبعد العدوان الاسرائيلي عام 2014، سمحت قوات الاحتلال للصيادين بالصيد لمسافة 6 أميال بحرية ولم تلتزم به. وقبل شهرين سمحت قوات الاحتلال للصيادين بالإبحار لمسافة 9 أميال بحرية من منطقة وادي غزة (وسط) حتى رفح جنوبا، لكنها حسب صيادين، منطقة صخرية وعرة خالية من الأسماك.
ويقول المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: "يحظر على الصيادين الفلسطينيين الوصول إلى 85% من المناطق البحرية التي أقرها اتفاق غزة- أريحا في العام 1994".
وعدّ المركز في تقرير أصدره حديثاً، منع الفلسطينيين من الوصول لمناطق الصيد انتهاكاً للعديد من أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في العمل، والحق في أفضل مستوى معيشة يمكن الوصول إليه.