في شؤون الترتيب
بالطبع لا بد من مواصلة العمل على ترتيب شؤون البيت الفلسطيني، وهو أمر كان وما زال بالغ الضرورة كمهمة وطنية، من اجل اعلاء بنيان هذا البيت، وتقوية اركانه، وتعزيز حضوره اكثر واكثر، ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني وقائدا لنضاله الوطني التحرري، ويبدو اليوم وبصورة واقعية، وبعيدا عن تنظيرات الغايات الغامضة (...!!) أن الترتيب الامثل لا يمكن ان يكون دون انهاء الانقسام المرير، قبل اية خطوة في هذا السياق، الانقسام الذي ما زال يعطل سلامة الوحدة الوطنية بسلطة الامر الواقع في غزة، التي ما زالت تغلق الابواب واحدا تلو الآخر امام تقدم مسيرة المصالحة الوطنية، وقد منعت بالامس وفد وزارة التربية من حكومة الوفاق الوطني، من القيام بجولة تفقدية على مراكز امتحانات التوجيهي في المحافظات الشمالية بقطاع غزة ..!!
انهاء الانقسام اذن هو الخطوة الاستراتيجية الضرورة، للمضي قدما في ترتيب شؤون البيت الفلسطيني، على أسس المشروع الوطني التحرري ووفق برنامجه النضالي، ودون هذه الخطوة، ليس بوسع احد أن يتأمل الكثير في هذا الاطار، لكن هذا لا يعني ان هذا البيت لن يواصل مسيرته النضالية، ودوره الجامع، وابوابه كانت وما زالت وستبقى مفتوحة للكل الوطني، ايا كان الخلاف مع هذا الفصيل او ذاك.
لن يكون الانقسام المرير قدرا على شعبنا، وعلى الكل الوطني ان يدرك ان حرف البوصلة عن هذا الانقسام القبيح، بالحديث عن "انقسامات" اخرى، هي ليس اكثر من تصورات وهمية، سوف لن يخدم مسيرة النضال الوطني، ولن يفعل شيئا سوى اطالة عمر الانقسام، وسيدعم وربما دونما ان يريد ذلك، تكريس واقعه ما يسمح بتظخم اكبر لورم الفكرة المريضة، الفكرة اللاوطنية، فكرة الامارة، او الدولة ذات الحدود المؤقتة ..!!
لا انقسام لدينا سوى انقسام التمرد الحمساوي، وعلى الكل الوطني ان يتحمل مسؤوليته في انهاء هذا الانقسام لا ان يتذرع بتصورات الوهم كي يتنصل من هذه المسؤولية، ونرى اننا معنيون اليوم بتفهم اعمق، لحراك حركة التحرر الوطني الفلسطيني، وجدل اطرها القيادية، بانه حراك وجدل من اجل انطلاقة جديدة، تواجه على نحو اجدى غطرسة الاحتلال، وسياساته اليمينية التي باتت اكثر عنفا وتطرفا وعنصرية، انطلاقة تعزز وبفعاليات نضالية واقعية، سلمية وشعبية، الضمانة الاكيدة لانتصار القضية الوطنية، وهي الثبات والصمود في ارض الوطن، مع مواصلة بناء مؤسسات الدولة بعناوينها كافة وبحسن ادارتها، وكلما تعزز الصمود والثبات بفعالياته النضالية، اصبحنا اقرب من لحظة الانتصار الكبرى، وهذا سيعني بالطبع وفي المحصلة، ان الصمود في ارض الوطن، سيظل ابدا مدخل كل ترتيب فعال لشؤون البيت الفلسطيني، وعلى النحو الذي يجعله اكثر حصانة ومنعة ورفعة، لا بل ان هذا الصمود كفيل بفرض المصالحة الوطنية فرضا لانهاء الانقسام القبيح. الصمود اذن لتبقى الارض شامخة بأهلها، ومنتجة ومثمرة بعملهم الدؤوب ونضالهم الذي لا يسعى لغير حياة السلام والاستقرار والعزة والكرامة، بدولة فلسطين الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
هذه هي شؤون الترتيب كما نعرف، وكما نسعى، وكما سنواصل السعي، ولا خيار لدينا سوى ذلك، ونحن ادرى ان هذه المهمة كانت وستبقى من ابرز مهامنا الوطنية واكثرها اهمية وضرورة.
رئيس التحرير