الأحمد يلتقي القنصل العام البريطاني لدى فلسطين    "هيئة الأسرى": الأسير فادي أبو عطية تعرض لتعذيب وحشي أثناء اعتقاله    سلسلة غارات للاحتلال تستهدف مناطق متفرقة في لبنان    رام الله: قوى الأمن تحبط محاولة سطو مسلح على محل صرافة وتقبض على 4 متهمين    أبو الغيط: جميع الأطروحات التي تسعى للالتفاف على حل الدولتين أو ظلم الشعب الفلسطيني ستطيل أمد الصراع وتعمق الكراهية    قوات الاحتلال تغلق حاجز الكونتينر شمال شرق بيت لحم    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم جنين لليوم الـ34    لليوم الـ28: الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها    الاحتلال يقتحم قباطية ويجرف شوارع ويدمر البنية التحتية    الطقس: فرصة ضعيفة لسقوط الامطار وزخات خفيفة من الثلج على المرتفعات    الاحتلال يؤجل الافراج عن الدفعة السابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    شهر من العدوان الاسرائيلي على مدينة ومخيم جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم وسط اعتقالات وتدمير واسع للبنية التحتية    الرئيس يصدر قرارا بتعيين رائد أبو الحمص رئيسا لهيئة شؤون الاسرى والمحررين    معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال  

معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال

الآن

الحركة التشكيلية بعد النكسة: نمو في صميم مأساة فلسطين وترعرع على الثورة

محمد أبو فياض

"هي حركة نمت في صميم مأساة فلسطين، وترعرعت على الثورة، إنها حركة ملتزمة وبشكل طبيعي تجاه قضية شعبها وثورتها، وبناء دولتها الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف، لم نسمع يوما أن السلطات شنت عداءً على الألوان ذاتها، إلا في ظل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، حيث أصبحت قصة الألوان الأربعة المحرمة معروفة لدى الجميع"  .

بذلك لخص الفنان التشكيلي المعروف فايز السرساوي في حديثه لـ"وفا"، واقع الفن التشكيلي في ظل الاحتلال الإسرائيلي بعد نكسة عام 1967، وقبل قيام السلطة الوطنية.

وقال: رغم ظروف التشرد والتشتت التي تعاني منها الحركة التشكيلية الفلسطينية، لتواجد الفنانين الفلسطينيين في عدد من الأقطار، والبلدان العربية، والعالمية، ما يحول دون إحداث الاتصال المباشر، والحوار، والتفاعل فيما بينهم، إلا أنها تعتبر من نشطة ضمن الحركات التشكيلية العربية.

وأضاف: تتميز الحركة التشكيلية الفلسطينية بالتصاقها الشديد بقضية شعبها، حيث أن مضمون أعمال غالبية الفنانين يحمل بين طياته القضية الفلسطينية بكل أبعادها، فهي حركة نمت في صميم مأساة فلسطين، وترعرعت على الثورة، إنها حركة ملتزمة حكما وبشكل طبيعي تجاه قضية شعبها وثورتها، وبناء دولتها الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف.

وأضاف: منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، وجّد الناس أن المعركة تتطلب حشد كل الطاقات، والوسائل، والعديد من الشباب وجدوا سلاح الفن أحد الأسلحة الهامة، لذلك ظهرت حركات فنية لم تكن موجودة من قبل، وكان من بينها حركة الفن التشكيلي التي رافقها تخرج عدد من الفنانين من الجامعات والمعاهد المتخصصة .

وتابع: لقد ولدت الحركة التشكيلية الفلسطينية قوية واعية، ارتبطت بالجماهير ارتباطا عضويا، وحملت هما كفاحيا ضد الاحتلال الإسرائيلي، فنا مقاوما بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وذلك رغما عن ظروف القهر التي يعيشها الفنانون، من منع المعارض، ومصادرة اللوحات، والملاحقة، والتي تحول دون إمكانية التعبير عن ذاتهم وطموحاتهم، وما يريد أن ينقلوه إلى جمهورهم، وليس من المستغرب أن تكون بعض أفضل أعمال الفنانين التشكيليين لم تلتقِ بالجماهير، تحسبا من المصادرة، أو الملاحقة .

وقال السرساوي: يتجاوز عداء الاحتلال الإسرائيلي للثقافة الفلسطينية إلى أبعد من ذلك، فهو يستهدف الوجود والطموحات الفلسطينية، وما تجسده الثقافة الوطنية من تعزيز لهذه الطموحات، فالفنان كسائر المثقفين الفلسطينيين: تقدمي النزعة، وطني العطاء، وهذه الصفة المشتركة دفعتهم إلى إنجاز أعمال متقاربة الأفكار، بل تكاد أن تكون متقاربة الأسلوب، والتكنيك، ولقد استطاعت الحركة التشكيلية الظهور بمعارض فردية وجماعية على المستويين العربي والعالمي، وفي أوائل السبعينات برزت مجموعات من الطاقات الفنية الشابة أمثال: كامل المغني، وبشير السنوار، وسليمان منصور، وإسماعيل عاشور، ونبيل عناني، وإبراهيم سابا وعصام بدر، والتي كان لها دور في المساهمة الفاعلة في إرساء قواعد الحركة التشكيلية في الضفة الغربية، وقطاع غزة.

وبيّن أن الدرب الصعب الذي سار عليه الفنان الفلسطيني، وارتضاه، وآمن به هو الدرب الذي سيجعل من هذا الفنان الصادق التعبير والرؤية قادرا على الفعل، والمشاركة الثورية، من أجل تحقيق الطموحات الوطنية الفلسطينية، رغم كل المعوقات، والصعاب.

وتابع: كان لهزيمة حزيران عام 1967، وتشريد المزيد من أبناء شعبنا، وسيطرة الاحتلال على كافة الأرض الفلسطينية بالغ الأثر في الواقع السياسي، الاجتماعي الذي تجسد بوضوح أكبر في المنتجات الثقافية الفلسطينية، ومنها: الأعمال التشكيلية. وعلى العكس من هزيمة عام 1948، حيث كان المبدعون يعيشون أثرها حالة رومانسية حالمة تتغنى بالماضي، والبرتقال الحزين، والشاطئ، والرمل الذهبي، ويرسلون التأوهات لإبراز صور التشرد في الخيام البالية، وغضب الطقس، وذل بطاقات الإعاشة، على العكس من هذا، رفض الفلسطيني بعد عام 1967 الاستسلام للهزيمة، فهب لحمل السلاح، وتسامت روح المقاومة والثورة، وتشابك الفداء مع روح الإبداع، فظهرت التنظيمات الثورية، وتشكيلاتها الثقافية والفنية، فضلا عن منظمة التحرير التي شكلت نسيجا لكل الحركات الثورية، والإبداعية الفلسطينية.

وقال: أخذ الفنانون التشكيليون في التعبير عن روح المرحلة بحماس زائد، وتأييد جماهيري واسع، وظهر "البوستر" كعلاقة يومية بين الثورة، والشارع. وفي هذه المرحلة، ومن خلال البوستر، أخذت تظهر بعض التعابير الثابتة والمتكررة في الأعمال التشكيلية: كالعلم، والحطة، وإشارة النصر بالأصابع المفتوحة، وشجرة الزيتون كرمز للأرض والعطاء الدائم، وقبة الصخرة كرمز للإيمان، والدولة، ووحدة القدس، وتلاحمها مع كل الأرض المحتلة.

 وأشار السرساوي إلى أنه في هذه المرحلة اغتنت الحركة التشكيلية برفد زائد من الشبان والشابات من خريجي معاهد وكليات الفنون العربية والغربية، وبلدان الكتلة الاشتراكية، واغتنت أيضا بالعديد من الشبان الذين تدربوا على الرسم، داخل السجون الإسرائيلية.

وأردف: في هذه المرحلة، فإن الأجهزة الرسمية التي كانت ترعى وتطور الحركة التشكيلية الفلسطينية كانت في قسم الثقافة الفنية بمنظمة التحرير الفلسطينية بإدارة إسماعيل شموط (1965)، وقسم الفنون التشكيلية في الإعلام الموحد للمنظمة بإدارة منى السعودي (1977 )، والاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين وفروعه               (1969)، ورابطة التشكيليين الفلسطينيين– فرع الاتحاد العام في الضفة الغربية وقطاع غزة (1973)، 
والأعمال التشكيلية في هذه المرحلة عبرّت عن الروح الفلسطينية الجديدة المفعمة بالتصميم على النصر والفداء وإقامة الدولة، وأصبح للون لغته الإيحائية، واستقامت لدى الفنانين مصطلحات اللغة التشكيلية العالمية، وأحكام القياس والتحليل مصطلحات اللغة التشكيلية العالمية، واحتكم القياس والتحليل والتذوق الفني بما اكتسبه الفنانون من معارف أكاديمية، وامتازت هذه المرحلة بروح العمل الجماعي، فتعددت المعارض الجماعية والفردية، وكثرت ورشات العمل المشترك، كورشة يوم الطفل، يوم السجين ويوم المعلم، وورشة رسوم الأطفال وغيرها.

وأضاف: كانت أعمال الفنانين وسائر المبدعين ومنتجي الثقافة الآخرين هي التربة الوجدانية التي تبرعمت فيها روح حجر الانتفاضة الذي رفض الاحتلال وصمم، بإدارة مشتركة وعمل جماعي، على كنسه من أرضنا.
وأشار إلى أنه بعد هزيمة حزيران 1967 احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، وشرّدت مرة أخرى آلاف جديدة من الفلسطينيين، لينضموا إلى من سبقهم من جموع اللاجئين، وبهذا أصبح كل التراب الفلسطيني تحت السيطرة الإسرائيلية، وأخضع من بقي من السكان تحت نظام عسكري شديد القسوة ، وفي الأيام الأولى للاحتلال أصدرت سلطات الحكم العسكري مجموعة من الأوامر العسكرية المقيدة التي تمنع التجمعات، والنشر، والنشاطات العامة، لم تكن الضفة الغربية وقطاع غزة خالية من النشاطات الثقافية، بل شهد قطاع غزة تزايدا وإقبالا ملحوظين على دراسة الرسم، خصوصا ومناهج التعليم في القطاع استحدثت الرسم كمادة أساسية في الدراسة، متأثرة بالمناهج المصرية.

وقال الفنان التشكيلي السرساوي على هذا الأساس، فإن التشكيليين الفلسطينيين حاولوا التعبير الفني عن الواقع الجديد للاحتلال في مناسبات كثيرة لم يتطرق إليها الدارسون، كالمعارض التي أقامها محمد عبد السلام الخليلي عام 71و72، وكذلك المعارض التي إقامتها ليلى علوش في الفترة ذاتها، بالإضافة إلى الكثير من المعارض الفردية الأخرى، والفنان الفلسطيني استفاد من الوضع القانوني الجديد لمدينة القدس بصفتها الجديدة، فهي تخضع للحكم المدني، ولا تسري عليها الأحكام العسكرية، فأصبحت القدس مركز النشاط الثقافي، والفكري، والإعلامي.

وفي 20-10-1973 تقدّم الفنانون التشكيليون في الأرض المحتلة بطلب إلى الحاكم العسكري العام في الضفة الغربية لتسجيل جمعية فنية، إلا أن الطلب قوبل بالرفض، بدون إبداء الأسباب، وبعد جهود مضنية استمرت حتى عام 1980، أعلن عن تشكيل رابطة الفنانين التشكيليين في الأرض المحتلة، كفرع للاتحاد العام، والذي ينص قانون العام على أن القدس هي مركزه الرئيسي، والربطة نشطت في إقامة المعارض في الضفة الغربية، والقطاع، وخارج البلاد، وتخصصت بعض المعارض لمواضيع محددة، مثل: "القرية الفلسطينية"، و"الطفل الفلسطيني"، و"يوم السجين"، كما أن بعضها تم بمشاركة فنانين إسرائيليين، مثل معرض "فنانون إسرائيليون وفلسطينيون ضد الاحتلال – من أجل حرية التعبير"، و" يسقط للاحتلال".

وتابع: عبر الفنانون الفلسطينيون في الأرض المحتلة عن الواقع الاحتلالي البغيض، وصوروا إرادة المقاومة وبطولاتها، والسجون والانتصار عليها، والكدح، والأرض، والتراث، وانطلاقة الأجيال الشابة، وطموحات الشعب، وأصبح الفنانون في الضفة والقطاع، والفنانون العرب المقيمون في إسرائيل يدا واحدة، وجبهة واحدة.

واختتم قائلا: الوحدة الفنية من الأساليب، والخط، واللون، والمصطلح، وإحكام القياس، قرّبتهم، وأثرى كل طرف الآخر بمعطيات فنية جديدة، فضلا عن عودة أفواج جديدة من خريجي المعاهد، والكليات الفنية في الخارج إلى الوطن، وممارسة نشاطاتهم، سواء بالمشاركة الفعلية في الإنتاج الفني، أو تدريس الفن في المدارس، أو القيام بالدراسات، والأبحاث في الفولكلور، والفنون التطبيقية، والثقافة الجماهيرية في تنوعاتها المختلفة، وإشراقاتها الوطنية الفلسطينية .

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025