فنان يفصل واقع وحالة الفن التشكيلي في قطاع غزة
غزة- وفا- محمد أبو فياض- فصل الفنان التشكيلي أشرف سحويل، واقع وحالة الفن التشكيلي الحالية في قطاع غزة، والتي أوجدت أشكالا وصوراً جديدة لهذا الفن، والتي اكتسحت المشهد التشكيلي في قطاع غزة في السنوات الأخيرة.
وقال الفنان سحويل الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة مركز غزة للثقافة والفنون في حديث خص به وكالة "وفا": إنه في غزة تتعايش عدة فنون تشكيلية معاً وعدة مذاهب فنية أيضاً، فنلمس فيما حولنا من أعمال فنية التقليدي والحداثيّ وما بعد الحداثي، حيث نشاهد اللوحات الزيتية ولوحات الفوتوشوب والمنحوتات
وفن الفيديو والأداء والتكوين.
وأضاف، أما بخصوص لوحات "الفوتوشوب" التي يتدخل الحاسوب والتقنيات التكنولوجية والالكترونية في تشكيلها، فإنها تتفاوت في مستواها الفني بين فنان وآخر حسب قدراته وإبداعه، فبعض الفنانين خرجوا بأعمال متميزة مثل الفنان أحمد أبو الكاس، في حين أن البعض الآخر استسهل هذا النوع من الفن القريب من التصميم الفني (design) المعمول به في الشركات الإعلانية.
وتابع: أما عن الأداء والتكوين فلم تجرب غزة الكثير من هذه الصرعات، وأشير هنا إلى تجارب تيسير البطنيجي وإبراهيم المزين التي كانت لها رسالة فنية جادة، بالإضافة لسبق التجريب التقني أو الشكلي، ولا ننسى التصوير الفوتوغرافي الذي وصل لمستوى جيد في غزة من خلال مصورين مثل ماجد شلا وشريف سرحان وغيرهما. وكذلك من الفنانين المتميزين بالفيديو آرت الأخوان عرب وطرزان (محمد وأحمد ناصر) وهذا النوع أستطيع القول أنه اكتسح المشهد التشكيلي في قطاع غزة في السنوات الأخيرة.
وأشار إلى ظاهرة تشكيلية تتميز بها مدينة غزة، وهي الجداريات التي تزين الكثير من شوارعها، مضيفا: ربما كلمة "تزين" نقولها تجاوزاً فالأمر ليس زينة أو ترف فني، بقدر ما نستخدم هذه الجداريات لإيصال رسالة للعالم مضمونها أننا شعب مقاوم يستحق الحياة، وفي الوقت نفسه، نحن أصحاب حضارة فنية منذ الفن الكنعاني حتى الآن، ولسنا فقط مجرد خبر عاجل على شاشات الفضائيات.
ونوه سحويل إلى أنه كان لتطور الحركة التشكيلية بقطاع غزة أثر ملحوظ على تطور إنتاج السينما والمسرح، رغم محدودية الإنتاج بشكل عام، حيث أصبح المخرج المسرحي أو السينمائي مؤمن بضرورة الاستعانة بالفنان التشكيلي لتصميم الديكور وسينوغرافيا العمل عموماً.
وتابع: وهنا نضرب مثلا تجربة الفنان فايز السرساوي في مسرحية "الجسر"، وتجربة الفنان ابراهيم المزين في مسرحية "السيد بيرفيكت"، والفنان شادي زقزوق في "مدينة في حصار "، والفنان عبد الناصر عامر في مسرحية "قصص وبقايا وطن"، وأحمد أبو ناصر "طرزان" في "اللؤلؤة" وتجربتي المتواضعة في "إحنا هيك أسلوبنا"، أضيف أيضاً تميز فن الكاريكاتير في قطاع غزة وبروز فنانين مثل أمية جحا وأبو النون (محمد النمنم) وشحدة درغام.
وقال: أما عن التغطيات الصحافية المواكبة للنشاطات التشكيلية فهي للأسف قليلة، وحتى إن تمت لا تكون بالشكل المرجو، ومن الكُتاب أو الصحافيين القلائل المهتمين بالفنون التشكيلية.
وأضاف: في كل دول العالم لمؤسسة الثقافة الرسمية وغير الرسمية دورهما في دعم قطاع الفن التشكيلي، وفي فلسطين عامة وغزة تحديداً قد لا تلعب هذه المؤسسات دورها بشكل كافٍ، فالمؤسسة الحكومية المتمثلة بوزارة الثقافة قدمت كل ما تستطيع في ظل ميزانيتها، مثل توفير قاعات عرض وإقامة دورات ومسابقات فنية..إلخ. ونخص جاليري وزارة الثقافة بغزة وما كان له من إسهام واضح في دعم العديدة من المعارض بل وبعض الفعاليات الثقافية الأخرى.
وتابع: أما عن المنظمات غير الحكومية التي تتلقى تمويلها من جهات أجنبية، فأحياناً أخطأت وفي أحيان أصابت، ومن الجمعيات القليلة النشطة فنياً الاتحاد العام للمراكز الثقافية وجمعية الفنانين التشكيليين ومركز غزة للثقافة والفنون الذي أتشرف بترؤس إدارته، وبما أننا جميعاً مرتبطون بالتمويل، فإننا مجبرين ألا نقوم إلا بأقل القليل مما نطمح له وهذا القليل يتمثل في دورات فنية ومعارض.
ونوه إلى أن أغلب التجمعات الفنية تحتاج إلى رؤى أكثر وضوحاً وإدارة ثقافية ومالية ناجحة، حتى تصل إلى ما تنشده وتنجز حراكاً نوعياً في المشهد التشكيلي.
وقال: وعلينا أن نذكر مؤسسة حكومية يمكن أن تلعب دورا بارزا في تربية الذوق الفني لدى الطفل والمراهق الفلسطيني وهي وزارة التربية والتعليم، عبر حصص الرسم على ألا نستبدلها بحصص أخرى أو نستهين بها، مع ضرورة أن ندعمها بمعلمين ذوي دراية من خريجي كليات الفن التشكيلي.
وأضاف سحويل: فربما يخرج من بين هؤلاء الصغار أو الشباب، في مدارسنا أو جامعاتنا، مبدعين في الفن التشكيلي على مستوى العالم، أو على الأقل تخرج لنا أجيالا تتذوق الفن وترتاد المعارض وتناقش وتقرأ في الفن التشكيلي وتثري بالتالي حياتنا التشكيلية الفلسطينية.
وبين أنه من أجل إصلاح وضع الفن التشكيلي الفلسطيني عموما، وفي قطاع غزة خصوصاً، لابد من تشكيل خطة استراتيجية للفن التشكيلي تتعاون في إنجازها المؤسسة الرسمية الحكومية بالشراكة مع مؤسسات غير حكومية، تعمل في مجال الفن التشكيلي وجماعات ثقافية وفنية، كما يتعاونون معاً من أجل توفير التمويل المناسب.
ودعا إلى دعم نشاطات فنية تشكيلية في المدارس والجامعات من خلال دورات أو مسابقات وغيرها، والالتقاء كذلك بكليات الفن التشكيلي بجامعاتنا والاستعانة في مؤسساتنا بمدربين فنانين من دول عربية أو أجنبية، وبفنانين فلسطينيين.
وشدد على ضرورة تعزيز الثقافة الفنية والنقد التشكيلي من خلال إصدار مجلة دورية ورقية والكترونية وكتب فنية، مضيفا: ونستنير هنا بتجربة الفنان مروان العلان من خلال مجلة وكتاب "تشكيل" برام الله، حيث لا بد من وجود حركة نقدية بموازاة الإبداع الفني نفسه، ويمكن أيضاً تعزيز هذه المجلات أو المواقع التشكيلية بتغطيات صحافية جيدة عن فعاليات تشكيلية.
وأكد الفنان التشكيلي سحويل أهمية وضرورة بناء دور فنية وأكثر من جاليري في كل مدينة فلسطينية أو قرية أو مخيم؛ لإقامة معارض دائمة وللتدريب أيضاً. وترميم كثير من الأماكن الأثرية التي تنتمي للعمارة الفنية من أجل استقبال الجمهور فيها، مثل قصر الباشا بغزة.