صنّاع النكسة ونعيم الجحيم ! موفق مطر
هل يمكننا رد النكسة الى عقل مسببها؟ وكيف؟ الجواب نعم، ما دامت النكسة، نكسة عقل اولا، فالعقل هو الأب الروحي للايمان، والتفكير الصواب ومصدر القوة، ومحرك الابداع الذي يستمد طاقته من الكون.
بامكاننا رد النكسة اذا حررنا انفسنا من اورام الموروثات السرطانية، واسترجعنا لعقل الانسان في أوطاننا مكانته السيادية، فالغزاة المحتلون لم يستطيعوا اختراق جبهاتنا الأرضية الا بعد تدمير دفاعاتنا الثقافية والفكرية، وتحطيم منظومة التفكير والتجريب لدينا، التي تركناها – عرضة لمناخات التغيير التاريخية - مكشوفة بلا حماية ولا صيانة ولا تطوير، حتى اننا لم نفكر بانقاذ ما بقي منها ملائما لعصرنا، فتأكسدت بفعل رطوبة انفاسنا، لكثرة ما نفخنا عليها، ونفخنا بها بطوننا وادمغة اجيالنا.
الشجاعة لوحدها لم تمنع الجندي العربي من النكسة في حزيران 67 ـ فهذه قد تسقط بقانون الكثرة (الكثرة غلبت الشجاعة)، رغم ان عديد جيش اسرائيل لم يكن ولن يكون اكثر من عديد جنود جيوش العرب لكن عقله المدبر استطاع تغيير المعادلة، عندما قرر ان الكثرة لا تمنح الشجاعة، وان الشجاعة ليست مولود الكثرة، فجهز حصونا فولاذية طائرة ودبابة ومائية وبرمائية لجنوده وضباطه، حتى اذا صهر فولاذ اسلحتنا وهي جاثمة على الأرض، ما نفعتنا حينها سيرة عنترة أو ابو زيد الهلالي، ولا نياشين جنرالات (الانقلابات) ولا اناشيدهم الحماسية!.
اصبنا بنكسة في 5 حزيران قبل نصف قرن، لأن عقل الانسان العربي كان منطوحا بقرون ثيران اضاده (الاسلامويين والوطنجيين والقومجيين) الذين ادركوا سلفا مخاطر تحرر الانسان العربي من مفاهيمهم الخاصة جدا جدا للدين والانتماء الوطني والقومي، كما رأوا في انهيار عروشهم حال فك القيود على العقل وابداعاته.. لكنهم في صبيحة 5 حزيران وبعد ان ربطوا الجندي العربي بسلاسلهم التي اولها في معصميه وآخرها في غرف تحكم اجهزة المخابرات، اعطوا الجندي هذه ألاوامر لخوض معركة (القلب الشجاع) مع (العقل المدرع) ففازوا بلقب صنّاع النكسة!.
بامكاننا رد النكسة وتحويلها الى انتصار اذا كف محتلو المنابر في المساجد والمهرجانات والاحتفالات عن تصوير الجحيم الى جنة، ومآسي الناس وعذاباتهم والموت العبثي الى بطولة!! اذا احرقنا كل كتاب يعتبر إعمال العقل حرام، ورمينا في سلة المهملات من يأمرنا كسلطان متفرعن بأخذ مفاهيمه للحياة كمسلمات، ورفضنا الاصغاء لمن لا يرى في تاريخ الوطن والانسانية الا جماعته وحزبه! واذا افرغنا رفوف المكتبات من طلاسم وخزعبلات في مجلدات، لا صلة لها بالله والوطن الا بكلمات مذهبة منقوشة على غلافات!! واستبدلناها بكتب البحوث العلمية والمعرفية والدراسات، اذا غيرنا مناهج التعليم، والقوانين وطهرناها من الادعاءات، والافتراءات على الله.
سنحول النكسة الى انتصار عندما يكف الاخوان ورأس حربة جماعتهم المسلحة في فلسطين (حماس) عن تلاوة القرآن بالمقلوب، فجحيم غزة عند اسماعيل هنية نعيم وعيش رغيد!! فهلا علمتم الآن سر النكسة؟!.