من غدر بالمملكة الاردنية فقد طعن فلسطين - موفق مطر
ايا كانت جنسية الفاعل ودوافعه، فردا كان او مجموعة او تنظيم، فان الجريمة بحق الدماء الانسانية التي سفكت في اليوم الأول من شهر المحبة والسلام والطمأنينة والأمان (رمضان) وكان ضحيتها خمسة مواطنين اردنيين عاملين في سلك رسمي، وكانوا في اطار مهامهم الوطنية في مركز امني في البقعة شمال عمان عاصمة المملكة الاردنية الهاشمية، هي جريمة ارهابية بامتياز، ليس بسبب الرغبة الدموية الهمجية الدافعة والمحركة لسفاكي الدماء هؤلاء وحسب، بل لاختراقها قوانين ومبادىء القيم والاخلاق الانسانية عموما، والاسلامية خصوصا، فهذا الشهر المبارك عند المسلمين اتخذه المجرمون الارهابيون (المستترون بشعارات اسلاموية) مناسبة لذبح ضحاياهم تحت مفهوم الوصول الى الجنة بسفك الدماء.
نعرف جيدا قدرات وامكانيات الاجهزة الأمنية في المملكة الاردنية الهاشمية، واستطاعتها في الاحاطة بأركان الجريمة من فاعليها ودوافع المنفذين والمحرضين والادوات التي استخدمت فيها وغير ذلك، لكن ما نعرفه اكثر، هو وعي الأشقاء المسؤولين ألأمنيين والسياسيين في المملكة لأبعاد وتداعيات هذه الجريمة، واصرارهم على وضع اليد على الجهة المستفيدة اولا واخيرا من هذه الجريمة التي ننتظر بعض المعلومات التفصيلية حتى يتبين لنا المستفيدون من زعزعة امن واستقرار المملكة، وبث الرعب في نفوس المواطنين فيما قيادة البلاد تعمل على حماية المملكة من موجات تسونامي الارهاب الهمجي المستتر بمصطلحات اسلامية ..لكن وحتى تلك اللحظة التي تتكشف فيها الحقائق، وحسب منهج المحققين يمكننا اخذ بعض الاحتمالات في الاعتبار، الى حين اعتماد واحدة منها ..لكن حري القول هنا ان الأطراف التي نعتقد باستفادتها من الحدث جميعها مستفيدة حتى بتنسيق فيما بينها او دون تنسيق.
لو نظرنا مثلا الى الاخوان المسلمين لوجدنا انهم اصل كل التفريخات الارهابية في المنطقة والعالم، والمفاهيم التي يحملها الداعشيون اصلها (اخوانية) دون اضافات او تعديلات، أما وانهم في صراع مع قيادة المملكة وسياساتها وسلطاتها وتوجهاتها، خاصة بعد جملة اجراءات قانونية اتخذتها السلطات المسؤولة في اغلاق مقرات تابعة لهم، وهذا مايدفعنا للاعتقاد انهم لن يتورعوا للحظة عن ضرب امن المملكة عبر مجموعات ارهابية تحمل (مسميات مخترعة) .. فمن لا ينتمي للوطن، يسهل عليه التفكير بكل ما من شأنه كسر العمود الفقري للوطن (الأمن), فجماعة الاخوان تمتاز بعقلية الانتقام، وهذه سمة يلتقون بها مع التوأم التلمودي.
أسس الاخوان جماعات مسلحة في مصر العربية، وذبحوا جنودا في رمضان ايضا، واشهروا فعلتهم، وكلنا نعرف كيف ربط البلتاجي القيادي الاخواني ايقاف العمليات الارهابية في سيناء باطلاق سراح محمد مرسي الرئيس الاخواني ايضا ما يعني ان تجربة الاخوان في ابتزاز الدولة عبر ضرب ركائز الامن فيها ساطعة
اسلوب تنفيذ الجريمة كما تداولته وسائل اعلام محلية وعربية ودولية يوحي مباشرة بان المجرم مشبع بمفاهيم سفك الدماء وتحديدا دماء كل ما لبس زيا رسميا او عسكريا او في الدولة المعنيين بهدم اركانها، وهذا الاسلوب محسوب لجماعة الاخوان المسلمين منذ انطلاقتهم وحتى اليوم. فنفد المجرم جريمته فيما الشقاء في المملكة منشغلون في الذكرى ال70 للاستقلال ومئوية الثورة العربية.
حاولت بعض وسائل الاعلام اللعب على وتر مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين حيث يقع المركز الأمني، ما يعني الايحاء بشكل او بآخر الى جنسية منفذ العملية، لكن حتى لو كان الأمر كذلك، فان العقلية الاستراتيجية لدى القيادة في المملكة اكبر من ان تسمح لمستفيد من فتنة بين التوأمين الفلسطيني والاردني، وهنا يتطلب الأمر مراقبة دقيقة لسلوك وسائل الاعلام الاسرائيلية وتلك المعادية للمملكة وفلسطين وقيادتيهما لاستكشاف الخيوط المؤدية الى المستفيد الثاني بغض النظر عن ترتيبه بين المستفيدين، فربما يجد نهاية الخيط عند الموساد.
لا يمكن فصل داعش عن الاخوان، لكن بما ان داعش معني بابراز وجوده فان الهجوم على المركز الأمني الاردني تزامن عن قصد مع الهجوم العراقي على قواعده في الفلوجة، والدولي على اهم قلاعه في منبج والرقة في سوريا، ولا ننسى ان داعش يعتبر المملكة الاردنية وفلسطين في جبهة الحرب الدولية عليه وعلى الارهاب، لذا فداعش معني بضربة في الخلف لرفع معنويات التنظيم المنهارة قلاعه بالتتابع.
يهمنا القول بوجوب تعزيز التعاون الأمني بين فلسطين والمملكة بحكم المصير المشترك، فما يصيب المملكة يصيب فلسطين والعكس صحيح ففلسطين رئة المملكة والمملكة رئة فلسطين أما الارهاب فانه يستهدف قلبنا العربي الواحد. ومكن غدر بالمملكة الاردنية الهاشمية فقد طعن فلسطين.