نزعة ترامب الهتلرية.. وفرصة بوتين الذهبية - موفق مطر
روسيا في المنطقة رغم انها لم تغادرها، لكنها الآن في عهد بوتين على الأرض وفي الجو والبحر بسلاحها، اي ان كرملين روسيا يرسم ملامح المنطقة المستقبلية، وحدود نفوذها بمدى السلاح وليس بحبر على الخرائط، او تنظيرات وتصريحات صحفية كآلية بيت الولايات المتحدة الأبيض، رغم ادراكنا ومعرفتنا وعلمنا بحجم الآلة العسكرية والفعل الحربي للأميركان في المنطقة.
ادرك نتنياهو الحقيقة الجديدة القائمة في المنطقة، فحج الى الكرملين اربع مرات خلال عام واحد، ليربط مع المقرر الجديد لشكل المنطقة الصيغة الأفضل لأمن اسرائيل ومستقبلها في المنطقة، والغريب ان المعلومات الراشحة بعد كل زيارة شحيحة للغاية، في ظل استحالة اختراق الكرملين للوصول الى صدى الاتفاقات في لقاءات القمة، وغض طرف الادارة الأميركية، وحكومة تل ابيب عن امكانية رؤية الطيارين الروس لمدينة صفد شمال فلسطين من اجواء وسماء مدينة دمشق، فهذا الأمر لم يكن متوفرا الا بالأقمار الصناعية.
قد لا يكون ضمان امن اسرائيل، من اية متغيرات على الأرض في سوريا، او ضمان عدم احتكاك سلاح الجو الروسي مع سلاح الجو الاسرائيلي في السماء السورية هما الداعيان الوحيدان للزيارات غير المسبوقة لرئيس حكومة دولة الاحتلال اسرائيل الى موسكو، رغم ان نتائج هذه الزيارات معكوسة بشكل واضح في تمكن الطيران الاسرائيلي من ضرب اهداف في عمق الأراضي السورية (حمص) لا تبعد كثيرا عن نطاق عمليات الطيران الروسي المعهودة في وسط وشمال وغرب سوريا في حلب وادلب، اذ ان لدى اسرائيل وحكومة نتنياهو تحديدا تخوفا من الساكن الجديد في البيت الأبيض مطلع العام المقبل، وتحديدا ان الغبار العنصري الذي يثيره المرشح الجمهوري دونالد ترامب بات مرئيا من اي بقعة في العالم خاصة من تلك المربوط مصيرها بمصير الولايات المتحدة الاميركية.
صب دونالد ترامب الزيت على نار العدائية للمسلمين حينما دمغهم بالارهاب، وهذا ما ارعب اليهود الذين يعتقدون بتدحرج كرة الكراهية العنصرية لتصيبهم، في ظل متغيرات في السلوكيات والنغمات تجاه اليهود الأميركان ايضا وان بصورة اخف من العدائية العنصرية تجاه المسلمين، في ظل تنامي المواقف السلبية المشبعة بالأحقاد كردة فعل على اعمال ارهابية يقوم بها اشخاص باسماء عربية او اسلامية! ما يعني ان حكومة نتنياهو التي لا تستبعد وصول ترامب للبيت الأبيض، ستواجه اياما سوداء مع الادارة الأميركية، ليس بسبب ميل ما للعرب وللفلسطينيين قد يحدث، وانما بسبب فقدان تعاطف الأميركيين مع اليهود، كنتيجة للتأثر بطروحات ترامب التي لا تخلو من نزعة هتلرية وان تبدو حتى الساعة ساذجة وحمقاء!.
فاسرائيل تعتمد على التعاطف مع اليهود والقوانين المعادية للسامية اكثر من اعتمادها على المصالح المشتركة حتى لو كانت امنية، فهذه متبدلة بالنسبة لها، اما مبررات استمرارها كدولة (يهودية) كما يسميها ويريد قادتها اليوم، وتبرير جرائمها واحتلالها وانتهاكاتها لحقوق الانسان الفلسطيني، فتقيمها على عقدة الذنب تجاه اليهودي الضحية، والمعاداة للسامية، واضطهاد اليهود في العالم، ما يؤمن لها حسب نظرية ساستها غطاء حماية – رغم نهجها وتمردها على القانون الدولي.
لا نشك للحظة بموقف روسيا الايجابي من القضية الفلسطينية، لكن ذلك لا يعني النوم في العسل، فروسيا دولة كبرى، تنتظر من الآخرين التحرك نحوها، وليس العكس، فروسيا لن تضغط على اسرائيل لاقرار حل الدولتين، ولن تعيد النظر بعلاقتها الأمنية والسياسية مع اسرائيل فيما خص سوريا والمنطقة دون حراك عربي فلسطيني متواصل تجاهها، لاقناعها ان استقرار تموضعها الاستراتيجي في المنطقة مرهون بتحقيق المبادرة العربية وقيام دولة فلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية، وبأنها في تحقيق توازن نوعي تضمن صداقة العرب، وتحقق نوعا من العدالة لطالما افتقدتها السياسة الاميركية التي استحكمت في مصائر دول المنطقة لعقود.
امام الرئيس بوتين فرصة ذهبية لدخول التاريخ العالمي، وليس الروسي وحسب من اوسع ابوابه بتحقيق توازن في العلاقة مع اسرائيل من جهة والعرب والفلسطينيين من الجهة الأخرى تفضي الى حل الدولتين، وهذا سيؤدي حتما الى سقوط الهيمنة الأميركية وللأبد على المنطقة..فهل يفعلها بوتين؟!.