المسحراتي في الدول العربية: عبارات مختلفة وهدف واحد
معتصم محسن- يعتبر شهر رمضان المبارك ذو طابع مميز عند المسلمين، وتتنوع صور ومظاهر الاحتفال بهذا الشهر ابتداء من الأجواء و الشعائر الدينية الخاصة، مروراً بزينة ومدفع رمضان، ووصولاً إلى الأطعمه والحلويات الخاصة.
وبين هذه الأجواء جميعها يأخذ مسحراتي رمضان نصيباً خاصاً إذ لا تكتمل أجواء رمضان وبهجته إلا بحضوره، بزيه المميز وصوته الذي يصدح بأغاني وأهازيج مختلفة وبرفقة طبله أو مزماره يجول بين الأزقة والشوارع ليوقظ النائمين للسحور.
وبالرغم من تشابه الهدف، إلا أنه قد يختلف أسلوب مناداة المسحراتي وكلماته من بلد إلى آخر، إذ ينتقي وأحياناً يؤلف الكلمات والأهازيج الخاصة به، والتي تحمل طابعاً دينياً في أغلب الأوقات بالإضافة إلى الكلمات الداعية للإفاقة من النوم، ينادي بها ويرددها في جولته.
في الأردن يسير المسحراتي حاملا طبله مرددا " يا نايم وحد الدايم ..يا عباد الله و حدوا الله ..أفلح من قال لا آله إلا الله… يا نايم وحد ربك خلي العالم تحبك .. يـا غافي وحّـد الله وحّد مولاك الي خلقك وما بنساك.. قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم " وكذلك " صلوا ع الّلي كان صايم وربه هداه، مليان تقوى ومن حوضه سقاه ، آمنة ولدته، وجبريل نزله من سماه".
و ينشد أيضاً "ياغافل وحّد الله ولا إله إلا الله، دستوري لمن حضر، دستوري لمن غاب، دستوري لمن بنى، في أرض طيبة باب، والحاضرين إخواني، والغائبين أحباب".
أما في مصر فإن المسحراتي قديماً كان ينشد القصائد التي يذكر بها النائم على أربع مرات، في الأولى يقول "أيها النوام قوموا للفلاح واذكروا الله الذي أجرى الرياح.. إن جيش الليل قد ولى وراح، وتدانى عسكر الصبح ولاح.. اشربوا عجلى فقد جاء الصباح".
وفي التذكير الثاني يقول "تسحروا رضي الله عنكم.. كلوا غفر الله لكم.. كلوا من الطيبات واعملوا الصالحات ". أما في التذكير الثالث فيقول "يا مدبر الليالي والأيام يا خالق النور والظلام.. يا ملجأ الأنام ذا الجود والإكرام". وفي المرة الرابعة ينادي "كلوا واشربوا وعجلوا فقد قرب الصباح واذكروا الله في القعود والقيام وارغبوا إليه تعالى بالدعاء والثناء".
وفي هذه الأيام، يكتفي المسحراتي بدق الطبلة قائلا "يا عباد الله وحدوا الله" وكذلك "اصحى يا نايم وحد الدايم ..السحور يا عباد الله، يا نايم وحد الله.. الرجل تدب مطرح متحب رمضان كريم".
وفي السعودية وخاصة في مكة المكرمة وجدة، كان المسحراتي، يلف الأحياء والشوارع القديمة، ويردد عبارة "اصحى يا نايم وحد الدايم، ربي قدرنا على الصيام، واحفظ إيماننا بين القوة".
ولكن الأمر يختلف في منطقة الأحساء حيث يردد المسحراتي عبارة "أقعد أقعد يا نايم، اقعد اقعد يا نايم، واذكر ربك الدايم، اصحى يا نايم قوم وحد الدايم، سحور ياعباد الله»، وأشهر مسحراتي في منطقة الأحساء، كان يطلق عليه «أبو طبيلة» أو «المسحر» وتبدأ انطلاقته من منتصف الليل حتى قبيل موعد الإمساك.
أما اليوم فقد بدأت ظاهرة المسحراتي بالتلاشي في السعودية إذ باتت مقتصرة على القلة القليلة من بعض الأحياء والمناطق السعودية.
وفي سوريا ينطلق المسحرون ويجوبون الحارات ويمرون بأبواب المنازل يقرعونها بعصيهم الصغيرة ويرددون بأصواتهم المتفاوتة عبارات رمضان التقليدية والتي تشكل حتى اليوم جزءاً لا يتجزأ من شخصية أولئك المسحرين، ومنهم من ينادي " اصحى يا نايم وحد الدايم، السعى للصوم خير من النوم، ليالى سمحة نجومها سبحة ، اصحى يا نايم، يانايم اصحى وحد الرزاق، رمضان كريم، يا نايم وحد الدايم، يا نايم وحد الله ، ياناس قوموا على سحوركم اجا رمضان يزوركم".
وحتى الآن مازالت بعض العائلات تعطي المسحراتي خلال جولته بعضاً من طعام سحورها، أما أغلب الناس استبدلوا الطعام بالمال. وفي آخر الشهر الكريم وبحلول اليوم الأول للعيد، يعود المسحراتي مع طبلته في جولته الأخيرة ليجمع العيدية من أهالي الحي.
أما في لبنان فقد تراجعت ظاهرة المسحراتي بشكل كبير، وأصبحت تقتصر على عدد قليل من القرى والبلدات وبعض أحياء المدن القديمة في الأطراف ، ففي بعض قرى الجنوب والبقاع يجوب المسحراتي منازل المواطنين يقرع أبوابهم بعصاه و ينادي عليهم بالاسم وقت السحر للقيام والتهيؤ للصوم وهو يقرع على طبلة صغيرة بقضيب من الخيزران، وإنشاده بعض الأشعار والأناشيد والرديّات، ومنها "يا نايم وحّد الدايم"، "يا ناس قوموا على سحوركم.. جاي رمضان ليزوركم". وأيضا " لما توفي النبي قالوا الدوام لله، حزنت ملوك السما والعرش يوم اللي مات، قامت ستنا فاطمة وقالت آه يا بيان والصالحين يا بني نشروا لك الرايات..".
وعبارات أخرى مثل" امدح نبيك كل من صلى عليه زاده، تقوى وإيمان فرق على يد زادوا..".
ولا ينسى المسحراتي أيضا مناداة أصدقائه مستخدما بعض العبارات المشهورة، مثل " يا فلان وحد الله، أو سبح الله.. ويا نايمين اذكروا الله ".
المسحراتي في تونس يطلق عليه " أبو طبيلة "، ولا تزال جهود إبقاء عادة المسحراتي قائمة بالرغم من اقتصار حضورها على بعض المناطق التونسية ، إلا أن " ابو طبيلة " مستمر في مناداته ودعواته إلى النهوض للسحور مردداً" اصحى يا نايم ، وحّد الرزاق وِقول نوِيت بكرة إن حييت، الشهر صايم، الفجر قَايم، اصحى يا نايم، وحّد الرزاق، رمضان كريم، سحّر يامسحّراتي، نقر يا منقراتي".
مسحراتي ليبيا كان يردد وهو يجوب البلاد مُمسكًا طبلته الصغيرة وعصاه "سهر الليل يا سهر الليل، عادة حلوة وفعل جميل، اصحى يا نايم، وحِّد الدايم".
وكغيرها من البلاد العربية فقد أصبح "المسحراتي" مع السهَر الممتدِّ للصباح أمام شاشات التلفاز، من التاريخ الذي يحكيه الأجداد للأحفاد في ليالي رمضان.
وأصبحت مهنة المسحراتي في كثير من البلدان آخذة بالتلاشي، وخصوصاً بعد أن باتت التكنولوجيا تلعب دور "المسحراتي" في إيقاظ المواطنين، عدا عن تقاعس الأجيال في الخروج لممارسة هذه المهنة إضافة إلى الأجواء غير المشجعة للخروج ليلاً ومنها سوء الأوضاع الأمنية في دول عدة.