رمضان بنابلس غير
بسام أبو الرب
تمتاز مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، او دمشق الصغرى كما يسميها البعض، بعادات وتقاليد تعطيها رونقا آخر عن باقي المدن الفلسطينية، بأسواق بلدتها القديمة عبق يغذي الروح، ومن حكايات اهلها وناسها طرب للقلوب، ومن عاداتها وتقاليد اهلها التي يتمسكون فيها الى اليوم تاريخ يتجدد.
النابلسيون الذين اعتادوا على احياء عادات لها نكهات خاصة في شهور السنة، منها شعبان أو ما يسمى "الشعبوينية" وليلة الشعلة، اضافة الى عدد من الاكلات الشعبية والحلويات غير الموجودة في أماكن أخرى ... ولرمضان ميزته في نابلس بحلواه المميزة مثل العوامة واصابع زينب وغيرهما، والعصائر والخبز المغطي بحبة البركة، التي تملأ الاسواق التي تصاحبها اصوات الباعة بقول "الله وكيلك يا صايم"، ومشاهد المساجد وصلاة العصر، وسماع التسابيح بين ازقتها وأروقتها.
ويحرص النابلسيون على إحياء بعض العادات القديمة ومنها شهدته المدينة يوم امس من احياء لإحدى العادات "السوق نازل"، بتنظيم من منظمة "تطوُّع" للتنمية المجتمعية، حيث يذهب من خلالها معظم أهل المدينة إلى الأسواق، ويستمر النزول إلى 'السوق نازل' طيلة ليالي الشهر، ينشدون الأغاني التراثية القديمة، وينظمون الاحتفالات والدبكات، ويحملون الفوانيس في جميع ليالي شهر رمضان.
وتخللت الفعالية فقرات للحكواتي طاهر باكير، الذي ادخل البهجة والسرور لقلوب الاطفال، ووصلات غنائية من القدود الحلبية والموشحات الاندلسية، اضافة الى الفرق الموسيقية الصوفية، وتوزيع الحلوى والعصائر على المشاركين في الفعالية.
الناشط في منظمة "تطوع" الدكتور طريف عاشور، قال "إن عددا من العادات والتقاليد بدأت تنقرض وتتلاشى، فجاء دورنا من اجل اعادة احياء تلك العادات وتسليط الضوء عليها من جديد، من اجل إعادة تصديرها للأبناء والأحفاد كي يتوارثوها من جديد ."
واضاف لـ"وفا"، واحدة من تلك العادات في الليالي الرمضانية تسمى السوق نازل، حيث كان ينزل اطفال المدينة الى البلدة القديمة ومعهم الفوانيس وهم يغنون ابتهاجا وفرحا برمضان، وليالي رمضان في اغنية شهيرة معروفة للكبار في السن، يشترون خلال هذا النزول على السوق الحلويات والموالح التي كان يجتهد أصحاب العربات بتزيينها للأطفال .
وتابع عاشور، "هذا العام، قمنا بتنظيم فعالية السوق نازل في خان الوكالة، هذا المكان التراثي الجميل داخل البلدة القديمة، حيث حضرت الفرق الموسيقية الصوفية التي غنت كذلك القدود الحلبية والموشحات الأندلسية، رافق ذلك وجود الحكواتي الذي أمتع الصغار والكبار بالحكايا النابلسية باللهجة النابلسية القديمة، كذلك اقمنا سوقا خاصة بالمشروبات الرمضانية والحلويات والموالح وكل ذلك بشكل مجاني، مع وجود المهرجين ومن يرسم على وجوه الأطفال، الذين كانوا في غاية سعادتهم مع أسرهم، فالكبير عادت به ذكريات الزمن الجميل، والصغير عاش تلك الأوقات، كي ينقلها إلى اولاده واحفاده بالمستقبل .
ويتحدث عاشور ان رمضان في نابلس، سيما التجول في البلدة القديمة بعد صلاة العصر حتى الغروب، ولقاء الاحبة والاصدقاء لم تصدفهم خلال اشهر، والتسوق من الحلويات والحمض والفلافل المحشي والمخللات والتمر.
ويشتاق أهالي نابلس لإعادة إحياء الكثير من العادات منها مدفع رمضان الذي كان يطلق وقت الافطار او حتى الامساك في ساعات الفجر، حيث تمنع اسرائيل إعادة تشغيله أو تزويد السلطة الوطنية الفلسطينية بالمواد المستخدمة في إطلاق قنابله، مع بداية انتفاضة الاقصى، فهو عادة وتراث إسلامي قديم يعود لدولة المماليك.