قانونيون : يجب تقديم ملف الشهيد بدران للجنايات الدولية
العائلة : طفلنا قتل بدم بارد على يدي مدني مسلح أثناء عودته من المسبح مع أصدقائه
بلال غيث كسواني
طالب مختصون في القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، بتقديم قضية إعدام الطفل محمود رأفت بدران (14 عاما) من قرية بيت عور التحتا، والذي قتل بدم بارد فجر اليوم، للمدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية، التي فتحت تحقيقا أوليا في الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، لتكون هذه الحادثة أحد الدلائل على نية جيش الاحتلال استهداف الفلسطينيين وقتلهم.
وقلل القانونيون في تصريحات لــ"وفا" من أهمية إقرار جيش الاحتلال الاسرائيلي بأن الفتى محمود رأفت بدران قد يكون "من المارة الذين لا صلة لهم" برشق الحجارة، وقالوا إن ما جرى كان عملية إعدام خارج نطاق القانون بغض النظر عن الضحية، فلو جاءت سيارة أخرى لكان مصيرها نفس مصير الشهيد محمود وصحبه.
وفي السياق، قال رئيس دائرة التوثيق والرصد في مؤسسة الحق تحسين عليان، إن التحقيقات الأولية التي أجرها باحثو المؤسسة منذ الصباح تشير إلى أن الأطفال لم يعرفوا من أين جاء الرصاص الذي اخترق أجسادهم.
وأضاف أن الباحثين تحدثوا لعدد من الاطفال المصابين الذين بدورهم أكدوا أنهم تعرضوا لإطلاق نار كثيف جدا خلال تواجدهم داخل السيارة التي كانت عائدة بهم من مسبح كانوا يتواجدون فيه في قرية بيت سيرا المجاورة.
وأوضح عليان أن ما جرى مع محمود بدران يشكل عملية قتل خارج نطاق القانون، لأنه كان بالإمكان إيقاف السيارة والتحقق مع من بداخلها واعتقالهم إذا ثبت أنهم أخلوا بالقانون، مشيرا إلى أن هذه ليست المرة الاولى التي يدعي فيها الجيش الخطأ، بل سجلت عدة قضايا بينها الطفل عبد الرحمن عبيد الله في شهر تشرين الأول الماضي، واعترف الجيش الإسرائيلي أن المقصود الشخص الذي بجانبه، وبالتالي الجيش يسلحنا بمعلومة أن نية القتل موجودة.
ورأى أن اعتراف جيش الاحتلال بأن قتل هؤلاء الأطفال كان عن طريق الخطأ يثير تساؤلات أكثر ما يقدم شرحا عن هذه العملية، وقال: "نحن نرى أن جنود الاحتلال باعترافهم أنهم أطلقوا النار على الطفل بدران ومن معه عن طريق الخطأ، فهذا يعني أن الجنود كانوا ينصبون كمينا لأشخاص آخرين وهناك نية لقتل أشخاص آخرين بغض النظر عن من هم، ولكن العملية طالت هذه المرة الطفل محمود بدران، وأن إطلاق النار الكثيف على السيارة يدل على أنه يهدف للقتل وليس لشيء آخر، فإطلاق عشرات الأعيرة النارية على سيارة مكتظة بالركاب بالتأكيد سيؤدي لمقتل عدد منهم".
وقال عليان إن المطلوب الاستمرار في العمل وتوثيق مثل هكذا جرائم حتى تكتمل ملفات القتل وملفات التحقيق، من أجل مساعدة المدعية للمحكمة الجنائية الدولية عبر تزويدها بملفات تساعدها في الدراسة الدولية الأولية التي تجريها في إقليم فلسطين المحتل، وقد بدأت في 16-1-2015 وقد تتطور إلى فتح تحقيق رسمي في جرائم الحرب الإسرائيلي، ونأمل أن يحدث ذلك بناء على ما نقدمه نحن وزملاؤنا لخدمة هذا التحقيق الجنائي الدولي الأولي، الوصول لمساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين ومحاكمتهم.
من جانبه، قال مدير مؤسسة الحق شعوان الجبارين، إن الاعتراف بالقتل بالخطأ يترتب عليها إجراءات مساءلة الجندي وتعويض العائلة، والوصول بالنهاية لمحاكمة الجندي او من أصدر الأوامر بإطلاق النار على سيارة كانت تقل الاطفال.
وأضاف جبارين أن هناك مسؤولية كبيرة مترتبة على إسرائيل بصفتها دولة الاحتلال، تقوم على تحقيق نوع من المحاسبة بحق مرتكبي الجرائم من المناطق المحتلة من قبل جنودها، وأن تقوم بمساءلة الجندي المهمل الذي أطلق النار بالخطأ كما زعم جيش الاحتلال، وكذلك يتوجب عليها تعويض العائلة عن الأضرار الكبيرة التي لحقت بها جراء فقدان طفلها.
إلى ذلك، قال المختص بالقانون الدولي حنا عيسى، إن إسرائيل تريد تبرير قمعها للشعب الفلسطيني من خلال الاعترافات المباشرة أو غير المباشرة بجرائمها، وما جرى في بيت عور هي جريمة حرب بامتياز، حيث تم إطلاق الرصاص على أطفال وإصابتهم وبينهم الطفل محمود بدران الذي استشهد ويحتجز الاحتلال جثمانه.
وقال عيسى إن إسرائيل تتخوف من محكمة الجنايات الدولية، وقد اعترفت بهدف معاقبة الجندي شكليا فقط، وإظهار العقوبة في وسائل الإعلام العالمية لتقديم إسرائيل على أنها دولة ديمقراطية بهدف عدم تقديم تلك القضايا لمحكمة الجنايات الدولية، لتقول إن القضاء الإسرائيلي يقوم بواجبه على أكمل وجه ولا داعي لرفع هذه القضية لمحكمة الجنايات الدولية.
واوضح عيسى أن الاعتراف بقتل هذا الطفل جاء بعد أن أصبحت إسرائيل رئيسة للجنة مكافحة الارهاب في الأمم المتحدة، وهذا يؤكد انها تمارس جرائم إرهابية بحق شعبنا، فكيف لهذه اللجنة أن تقوم بوظائف مكافحة الارهاب الذي يرتكبه جيش الاحتلال أصلا ويرأسه قانوني من دولة الاحتلال، لذلك اعترفت إسرائيل لتجنب الاحراج الدولي ولتقول للعالم إنها دولة ديمقراطية عندما تخطئ تعترف، خصوصا بعد إقرارها قانون مكافحة الارهاب في الكنيست وهو قانون عنصري ويشرع جرائم الحرب.
من جانبها، قالت عائلة الشهيد على لسان خال الشهيد جياب سمارة، إن ما تعرض له 7 من أبناء العائلة من إطلاق نار كثيف من قبل حارس أمن إسرائيلي كان يرتدي زيا مدنيا يؤكد نية القتل، ويؤكد ان جريمة حرب ارتكبت بحق عائلتنا أصيب خلال 6 من أطفالنا واستشهد محمود.
وأضاف سمارة، ان الاطفال كانوا عائدين من متنزه ومسبح في قرية بيت سيرا المجاورة، حيث اصطحبوا ابن عمهم القادم لزيارة فلسطين من قطر لقضاء بعض الوقت في متنزه قريب، إلا أن جيش الاحتلال وأعوانه استهدفهم بإطلاق النار عليهم وقتل محمود وأصاب 3 آخرين من الأطفال واعتقلهم، فيما 3 آخرون نقلوا للعلاج في مجمع فلسطين الطبي، ولا يزال الاحتلال يحتجز جثمان محمود، وان عملية إطلاق النار وقعت في مكان قريب من شارع 443، ولم تقع على الشارع نفسه كما زعم الاحتلال.
وقال إن محمود كان طفلا مميزا مجتهدا في دراسته يدرس في مدرسة نور الهدى في بلدة بيتونيا، قد أنهى الصف التاسع بنجاح وكان يحلم ان يصل للجامعة، لكن إعدامه بدم بارد حال دون ذلك.