اسرائيل التي لا تعتذر - حسن سليم
جيش الاحتلال الاسرائيلي المتمركز على مدخل بلدة بيت عور التحتا، والذي قتل الطفل محمود بدران (15 عاما)، قال قادته ان القتل تم عن طريق الخطأ، لم نسمع من المستوى السياسي لدولة الاحتلال ادانة او اعتذارا او الاعلان عن اجراء سيتم اتخاذه بحق من اقدم على تلك الجريمة، واتخاذ المقتضى القانوني بحقه.
الجريمة التي نفذها الجيش المنظم، لا زالت تحظى بحصانة وحماية المستوى السياسي، ولم يصدر ما يدينها او الاعتذار بشأنها، فيما المستوى السياسي الفلسطيني، مطلوب منه ان يكون جاهزا للادانة والشجب، حتى لو كان الامر يتعلق بحادث سير، او بسبب الاحوال الجوية.
اسرائيل تريد من العالم اجمع ان يذرف الدموع لاجل من يسقط منها، حتى لو من اجل قطة، في حين تصر على ادارة ظهرها لمسلسل المعاناة اليومي لشعبنا، ولا تكترث لاي جهد او مبادرة من شانها ان تحقيق حلم السلام، الذي اصبح بفعل جرائمها وغباء سياستها بعيد المنال، وبالمقابل لم يستسلم المجتمع الدولي، لرفضها، بل بقي لا يوفر فرصة للبحث عن فرص او في افكار من شانها ان تعيد اطراف الصراع الى طاولة المفاوضات، وبعيد عن لغة الدم .
فرنسا وعلى لسان وزير خارجيتها، لوران فابيوس كانت قد اعلنت ان مبادرتها التي طرحتها، جاءت بغية تجنيب المنطقة انفجارات سيتأذى الجميع منها، ومن أحداث ستعيد خلط الأوراق الى غير معلوم، ولهذا تم استدعاء اعضاء الفريق الدولي، وتم وضعهم في صورة ما هو قادم، وما هو مطلوب من اسرائيل.
بالطبع اسرائيل تعلم ان الجلوس الى طاولة المفاوضات، يعني تلقائيا دفع ثمن، وهكذا يعلم نتنياهو وشريكه في الحكم ليبرمان، ولهذا يتجنبان الجلوس برعاية دولية، ويهربان نحو التصعيد، كونه المخرج الاسلم لهما، بل ويتقاطع مع عقليتهم وثقاتهم غير المؤمنه بالتعايش والسلام .
الموقف الفلسطيني الذي كان واعيا منذ الاعلان عن المبادرة الفرنسية، استطاع ان يستقطب الدعم والتاييد الدولي، ومن ثماره، موقف الاتحاد الأوروبي الذي اعلن تبني المبادرة الفرنسية، الامر الذي يشكل بداية للعودة للمسار الصحيح، بتدويل القضية الفلسطينية، وإخراجها من الرعاية الحصرية الأميركية، ومن استقواء إسرائيل، وإخضاع الاتفاقات التي توقعها لمزاجية أركان حكومتها، وقادة جيشها.
ولكن ولضمان عدم العودة للمربع الأول، و"ترك الحبل على الغارب"، لدولة الاحتلال، فان المطلوب ضمان توفير متطلبات النجاح لها، من حيث المرجعية القانونية، وخارطة طريق محددة الأهداف والرؤية، مع عدم ترك امر التنفيذ لمزاجية دولة الاحتلال وحسن النوايا، بل واكثر من ذلك، بالحاجة لما يجبرها على التنفيذ، في حال حاولت التنصل.