فيديو – أطفال المساجد في رمضان يرهنون سلوكهم للمجتمع
محمد مسالمة- يضفي وجود الاطفال في المساجد خلال شهر رمضان، اجواء التربية الايمانية والتنشئة الاسلامية، التي تأتي من خلال توجيهات وارشادات الشيوح وائمة المساجد وصولاً الى ذويهم والمصلين.
وللمصلين الصغار سلوك خاص يلتصق بفئتهم العمرية، التي تتميز بالاستكشاف وحب الاستطلاع والتجربة لكل ما يرونه جديد امامهم، ويبدأ ذلك من نظراتهم التي لا تتوقف، وتتفحص كل ما تراه، واقدامهم التي لا تقف عن الحركة في كافة ارجاء المسجد، كما أن السؤال حاضر دائماً على السنتهم حول ما يجري، ولا شك أن هذه السلوكيات تتفاوت بين طفل وآخر.
في مسجد دورا الكبير بمحافظة الخليل، وعلى صوت رفع اذان الظهر بدأ الصغار بالتوافد، ذبولٌ واضح على ملامحهم أثر الصيام، يتوجهون للوضوء داخل المسجد والاستعداد للصلاة، يجددون همتهم على الصيام برفقة ذويهم.
ما زالوا يتوافدون حتى افترش سجّاد المسجد بالمصلين، واقيمت الصلاة فيما وقف الصغار كل واحد في حدى والده حرصاً على تنفيذ توصيات الشيخ امام المسجد محمد الحروب.
الطفل حذيفة عمار ابو زنيد 12 عاماً، يحفظ سبعة أجزاء من القرآن الكريم، جاء ليصلي الظهر مع والدة وأخيه محمد، يقول انه تعلم في المدرسة ومن أسرته ان الصلاة في المسجد تمنح مزيدا من الثواب، على الرغم انه ينتقد العشرات من اطفال حارته الذين ما زالوا يلعبون ولا يدركون اهمية القدوم والصلاة في المسجد.
وأشار حذيفة، أن يومه يبدأ واخوته من بعد تناول السحور بقراءة القرآن الكريم، وصلاة الفجر في المنزل، بينما يذهبون في الصباح الى مركز الهدى لتحفيظ القرآن في مدينة دورا، والتابع لوزارة الاوقاف.
يبقى حذيفة في المركز الى حين صلاة الظهر، يعود ليلعب هو وأخيه على الجهاز الذكي، والعابهم المفضلة "الالغاز الاسلامية"، ولعبة "subway"، وعندما يحين وقف الافطار، يتجمع مع عائلته في بيت جدتّه، حيث يتجمّع اعمامه وابنائهم.
حياة حذيفة ومحمد، والعديد من الذين قابلناهم في المسجد تتناغم مع طقوس شهر رمضان، وتمثلهم لهم الصلاة في المسجد المحور الرئيسي لكافة نشاطاتهم حياتهم بين كل صلاة وأخرى.
يقول عمار ابو زنيد والد حذيفة، انه حريص من فترة طويلة، على محاولة ابناءه لحفظ القرآن الكريم، وأن وجود الاطفال في المساجد خلال رمضان شيء مميز وفيها ايجابيات كثيرة، كسر الحاجز النفسي بين المسجد والطفل، ويشعر بالجو الجماعي بالمسجد ويمكن ان يتواصل مع كافة شرائح المجتمع.
وأكد على ان المواعظ وصلاة الجماعة لها اثر كبير في شخصية الاطفال وحبهم للمساجد، كما ان للمسجد رمزية خاصة في حياة المسلمين، انه ملتقى لجميع الفئات الاجتماعية على اختلافها.
وتابع: حذيفة ومحمد ياتون للمسجد لوحدهم، لانني كنت مسافر، ولكن التحية لوالدتهم التي تحرص على مواظبتهم، وبالتأكيد ان غياب الاب يترك فجوة كبيرة، لكن حرص الأم وبيئة الاهل يعزز التوجه الايجابي عند الاطفال".
وأكد الشيح محمد الحروب امام مسجد دورا الكبير، ان نسبة وجود الاطفال في رمضان تزداد، وان هناك ترغيب لهم في المسجد من خلال الاساليب التي لا تنفرهم، وعدم التعامل معهم بعنف.
وشدد على انه ينصح ابائهم وامهاتهم خلال صلاة التراويح، بأن يحرص الاهل على تواجد الابناء بجانبهم، حتى لا يتم التشويش على باقي المصلين. وأضاف ان الطفل يتعلم الصلاة والأدب واحترام المساجد، وحفظ القرآن وكيفية الوقوف خلف الامام، وعدم العبث بالمساجد واللهو وتضييع الوقت.
وينصح الشيخ ارتياد الاطفال للمسجد من بعد سن السابعة، حيث يدرك ما يجري حوله، موضحاً انه لا يوجد سن محدد بالضبط، ولكن في الغالب يكون الطفل في عمر اقل من 7 سنوات غير ناضج ومناسب لوجوده في المسجد.
وتابع: الجيل السابق كان ينفّر الصغار من المساجد، ولذلك عزفوا عن المساجد، وهناك حالات لرجال نفروا منذ عشرين عاماً ولم يدخلوا مسجداً نتيجة التعامل غير الصحيح معهم وهم اطفال". ورغم ذلك يرى الشيخ الحروب تطوراً في الجيل الجديد حيال تواجده في المسجد، وهناك بعض الاطفال مهذبين أكثر من كبار السن احياناً.
ينهل الطفل من المسجد العديد من القيم، مرجعها القرآن الكريم والسنة النبوية، تعزز الصبر والهدوء والحكمة والحفاظ على الآداب العامة وممتلكات الغير، ولكن يرتهن بقاء القيم والسلوك عند الاطفال بمدى نقاء البيئة المجتمعية خارج المسجد، وفي داخل الاسرة.