السارد الامين
لم يكن الرئيس ابو مازن يلقي خطابا امام البرلمان الاوروبي في بروكسل الخميس الماضي، بقدر ما كان يسرد رواية فلسطين بفصولها الأليمة، فصول العذاب والمعاناة التي عاشها شعبنا وما زال يعيشها، بسبب الاحتلال وطغيانه، وبسبب اللجوء والشتات، وحيث البؤس والحرمان، في مخيمات لا تزال تشكل هوية لهذا العصر...!!
ولم يكن الرئيس ابو مازن يسرد رواية فلسطين البليغة في مصداقية جراحها وعذاباتها، لتبيان حقيقة المظلومية التاريخية التي لا تزال فلسطين بأهلها تعيشها فحسب، وانما كذلك من اجل تفتح اجدى للضمير الانساني، كي يضع حدا لهذه المظلومية، وعبر الاسئلة المشروعة الذي وحده الضمير الانساني بوسعه ان يجيب عليها، وان يجيب بفعل وموقف يعيد للعدل والنزاهة، مكانتهما في التاريخ والواقع وبين الامم، ولم تكن الاسئلة المشروعة التي طرحها الرئيس ابو مازن على المجتمع الدولي امام البرلمان الاوروبي، هي أساس الرواية الفلسطينية، بل اساسها وثيمتها كما يقال بلغة الادب، انما هي روحها بالعزيمة التي تنطوي عليها، وبالايمان والوطن الذي تنتمي، وبالامل الذي تصدق، وبالاصرار الذي ما زال يكتبها رواية التحدي والصمود والكفاح المشروع، بطرقه السياسية والدبلوماسية والشعبية السلمية، والذي لا يعرف التردد ولا التراجع، من اجل الخلاص من الاحتلال الاسرائيلي.
بروح الرواية الفلسطينية، وبسلامة هذه الروح ووضوح خياراتها وقرارها، كان الرئيس ابو مازن يسرد فصولها، وهو يفتح بأسئلته المشروعة، دروبا لاجابات شافية تضع حدا لمعاناة فلسطين وأهلها "أيعقل ان يظل شعبنا الفلسطيني وهو واحد من أعرق شعوب المنطقة والعالم ثقافة ومعرفة، محروما من ان تكون له دولته الخاصة به؟؟ أما آن الاوان لأن يتمتع بحريته دون قيود وعراقيل وحواجز عسكرية وبوابات وجسور تفتح وتغلق حسب هوى ومزاج جيش الاحتلال الاسرائيلي..؟؟ ".
سنرفع التحية ثانية للمبادرة الفرنسية التي تسعى بالتحالف مع المبادرة العربية للسلام، للرد على هذه الاسئلة، بلا كبيرة، لا مناهضة لاستمرار هذا الظلم الواقع على شعبنا، والتحية الفلسطينية دائما، لكل مسعى في هذه الطريق، فلا مطلب لنا سوى السلام العادل، من اجل حياة العدل والكرامة والازدهار، حياة الامن والاستقرار، لشعبنا ولكل شعوب هذه المنطقة.
نعم كان الرئيس ابو مازن امام البرلمان الاوروبي هو السارد الامين، ولأنه كان كذلك صفق له البرلمان الصديق وقوفا، وبوسعنا ان نقدم هذا التصفيق "هدية" لمروجي شائعات البديل، وصناع اوهامه المخبولة، من اقطاب اليمين الاسرائيلي المتطرف، الى توابعهم الرخيصة، الى الذين ما زالوا يخطئون في الحساب الوطني، لعل هذه "الهدية" تجعلهم على الاقل اكثر واقعية...!!
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير