كاتب اسرائيلي ليبرمان يواصل سرد الاكاذيب السياسية
كتب اوري مسغاف في “هآرتس” ان الاسرائيليين مغمورين بالأكاذيب، يغرقون فيها. قسم كبير من هذه الاكاذيب تصل اليهم من الحوار الأمني. عندما أطل وزير الامن، افيغدور ليبرمان، من داخل مقصورة القيادة في طائرة F–35، الاولى من بين 33 طائرة اشترتها اسرائيل، اعلن: “جاراتنا تعرف بأن هذه الطائرة ستولد الردع”. وهذا ما اتضح من خلال فحص لوضع جاراتنا: سورية ممزقة ومدمرة جراء خمس سنوات من الحرب المدنية؛ الاردن وقع معنا منذ اكثر من 20 سنة على اتفاق سلام وقلق بشكل خاص من الحدود الشرقية والغليان المحتمل للفلسطينيين على ارضه؛ اتفاق السلام بين مصر واسرائيل تم توقيعه قبل حوالي 40 سنة، والحكومة المصرية منشغلة منذ الربيع العربي في صراعات داخلية قاسية؛ لبنان كان ولا يزال صغيرا، ضعيفا وممزقا، ومع الذراع العسكري لحزب الله، كما مع الذراع العسكري لحماس في الجنوب، لا توجد لإسرائيل مصالحة وانما حرب هشة.
ولكن من المشكوك فيه ان هناك حاجة الى قاصفة الشبح التي يصل ثمنها الى 90 مليون دولار من اجل ردعها. كان يكفي استخدام القاصفات من الجيل السابق من اجل مسح احياء كاملة في بيروت وغزة.
واذا كان الامر كذلك، فمن هي الجارات التي تحتاج الى الردع؟ يصعب الافتراض بأن ليبرمان يتحدث عن قبرص – على الرغم من انه بقيت لديه هناك عدة هياكل في الصناديق وعلامات استفهام. والامر كذلك بالنسبة للعراق الجريح والممزق والمنشغل في حرب وجودية امام داعش. بقيت اذن ايران التي وقعت على الاتفاق النووي، وفكرة الهجوم الاسرائيلي على اراضيها، والتي كانت واهية من قبل، اختفت من الرادار.
وبقيت ايضا صفقة شراء مختلف عليها، تكلف اكثر من 11 مليار شيكل. فما العمل؟ يطلقون على الطائرة اسم “ادير” (ضخم) وينثرون الشعارات. في مراسم دحرجة الطائرة في تكساس شارك رئيس مقر قيادة سلاح الجو، ايضا، والذي حظي بالجلوس في الطائرة النموذجية التي تمثل التحليق بالطائرة الجديدة. وقال بلهجة شاعرية: “شعرت بأنني امسك بالمستقبل بين يدي”. صحيح انه امسك بالمستقبل بين يديه – ولكن مستقبل “لوكهيد مارتين” وسلاح الجو.
وماذا عن مستقبل الاسرائيليين؟ هذا هو السؤال، لكن الاسرائيليين، طبعا، يبتلعون بدون أي صعوبة الأكاذيب الامنية و”الحقائق” الأمنية. خاصة في مجال التسلح. مثلا، صفقة شراء ثلاث غواصات “دولفين” من المانيا، ذات قدرات على حمل اسلحة نووية، وبتكلفة نصف مليار دولار للغواصة (ثلثه بتمويل الماني). هذه التكلفة لا تشمل الصيانة، ولا حتى تجفيف البحر وبناء حوض لاستيعاب الغواصات.
هل فعلا يحتم امن اسرائيل ثلاث غواصات كهذه؟ ربما كان يمكن، لنفترض، الاكتفاء بغواصتين؟ في وزارة الامن والقيادة العامة كانت هناك جهات رفيعة اعتقدت هكذا عندما تمت مناقشة الصفقة. وكان هؤلاء قطعة لا تتجزأ من لحم الجهاز الأمني، ولكن بالذات في اوساط الجمهور الواسع، الذي كان يفترض ان يكون حساسا بشكل اكبر لجدول الاولويات وتقسيم الكعكة بين الامني والمدني، يجري تقبل الامور بدون مبالاة، وليس فقط بشأن طائرات الشبح والغواصات. لقد مر من تحت الرادار في السنوات الاخيرة، ايضا، انشاء منظومة الحراسة البحرية لحقول الغاز بتكلفة عالية تتراوح بين ثمانية وتسعة مليارات شيكل، ومن دون أي مشاركة مالية من قبل شركات التنقيب.
وفوق هذا كله، تحوم بالطبع أكبر قصة حقيقية، والتي تعتبر من المحرمات حقا: التحديات الأمنية الملتهبة والحياة اليومية في اسرائيل تجري على الإطلاق في الأراضي المحتلة. معظم القوة القتالية والإمكانات القتالية للجيش الاسرائيلي مستثمرة في الاعمال الشرطية في الضفة الغربية وبين الحين والآخر في المواجهات المحدودة مع غزة، هنا لا حاجة الى القاصفات الاستراتيجية، والغواصات النووية وزوارق الصواريخ. من المثير معرفة ما الذي سيحدث اذا فهم الاسرائيليون ذلك في يوم من الأيام.