معايدة على الحاجز
بلال غيث كسواني
بالقرب من الحاجز العسكري المقام على مدخل قرية بيت إكسا شمال غرب القدس تصطف بضع سيارات يستقلها عشرات الفلسطينيين بانتظار السماح لهم بالدخول للقرية المحاصرة؛ لمعايدة ذويهم وأصدقائهم وأقاربهم القاطنين داخل القرية التي لا يتجاوز عدد سكانها ألفي نسمة.
يحاول أقاربهم إقناع الجنود المتمركزين على الحاجز العسكري الذي يفصل القرية الواقعة إلى الغرب من مدينة القدس عن محيطها العربي بالسماح للزوار بالدخول إلى القرية دون جدوى، فيما يحضر آخرون من منازلهم في منتصف اليوم الأول للعيد لتلقي المعايدات والتهاني على الحاجز العسكري، فيما يطلب آخرون من نظرائهم العودة في المساء أملا في الدخول بعد تغيير الوردية التي يقودها أحد ضباط الاحتلال المستمتع بعذابات الفلسطينيين.
بين هذه المشاهد يمر أبناء القرية بعد أن يخضعوا لإجراءات تفتيش قاسية على الحاجز تتمثل في فحص بطاقات هويتهم ثم تفتيش محتويات سياراتهم قبل السماح لهم بالدخول إلى منازلهم، مشيرين إلى أن هذا الحاجز أصبح كابوسا يوميا يرهق المواطنين.
في هذا السياق، يقول المواطن محمد محمود إنه بمجرد رؤية جنود الاحتلال المتواجدين على الحاجز فإن ذلك كفيل بإفساد العيد، فهو يصطف في طابور سيارات بانتظار السماح له بالدخول للقرية، مشيرا إلى أن معاناة أهالي القرية لا تقتصر على أيام العيد بل أن جنود الاحتلال لا يسمحون أيضا لأبناء القرية الذين قاموا بتغير عنوان سكنهم إلى مدينة رام الله بالدخول إلى القرية، كذلك يقومون بالتنكيل بأبناء القرية من حملة الهوية المقدسية ويمنعونهم من الدخول في بعض الأحيان.
من جانبه، قال المواطن أنس شحادة إن جنود الاحتلال المتمركزين على الحاجز العسكري منعوا أقاربه من الدخول إلى القرية بحجة أن مكان إقامتهم الخليل، ومنعوا قرابة 10 مواطنين من أقاربه من الدخول إلى القرية، وحاولوا الحديث مع الجنود من أجل السماح لهم بالدخول لكنهم رفضوا السماح لهم بالدخول قطعيا إلى قريتهم.
وأضاف أن الجنود كانوا يقتشون الخارجين من القرية أيضا والتدقيق في هويتاهم وتفتيش سياراتهم من أجل الإمعان في إذلال أهالي القرية ودفعهم للهجرة، وبذلك حرموا الأطفال بالتمتع بأجواء العيد مع أقاربهم.
ومن بين قرابة ألفي نسمة يقطنون في بيت إكسا ألف شخص يحملون الهوية المقدسية، وهجر جلهم القرية إلى القدس المحتلة بعد إغلاق الطريق الرابطة بين القدس المحتلة والقرية علما أن القرية لا تبعد عن مدينة القدس سوى 5 كيلو مترات، فيما توجه آخرون للسكن في رام الله نظرا لصعوبة إجراءات المرور وخطورتها على حياتهم.
وفي السياق ذاته، يقول رئيس المجلس القروي سعادة الخطيب، إن معاناة أهالي القرية تتواصل على مدار الساعة فهي لا تقتصر على منع المواطنين من الدخول للقرية، بل يمنعون من إدخال البيض والغاز وغيرها من المواد الغذائية.
وأضاف الخطيب أن أعضاء المجلس قاموا بالتوجه للحاجز لساعات عديدة من أجل ضمان دخول الضيوف للقرية لكن جنود الاحتلال لم يسمحوا لكثير من الضيوف من الدخول، خصوصا من أهالي القرى المجاورة مثل قطنة وبدو وبيت سوريك وهي أكثر القرى تواصلا مع أبناء القرية لوجود صلات قرابة ونسب بينهم.
وطالب الخطيب الجهات القانونية والحقوقية والمنظمات الإسرائيلية التي تعمل في مجال رصد انتهاكات الاحتلال على الحواجز بالتوجه لحاجز بيت إكسا من أجل رصد الانتهاكات التي يتعرض لها أبناء القرية على أيدي جنود من يسمون "حرس الحدود" الذين يتولون إدارة هذا الحاجز.
من جانبه، قال عضو المجلس القروي محمد عبد العزيز عوض الله، إن جنود الاحتلال يواصلون منع المواطنين من الدخول إلى القرية بشكل ممنهج، ونحن نناشد الجهات الحقوقية التدخل من أجل وضع حد لمعاناة المواطنين في قرية بيت إكسا.
وأضاف عوض الله أن جنود الاحتلال يمنعون دخول خلاطات الاسمنت والمضخات للقرية، ولا يسمحون لمنتجات الألبان بالدخول إلى القرية إلا بعد عناء كبير، كذلك لا يسمحون لموزعي الغاز بالدخول إلى القرية أيضا، ما يفاقم معاناة المواطنين فيها.
وبنت إسرائيل عددا من المستوطنات على أراضي بيت اكسا أشهرها النبي صموئيل شمالا، وريموت شرقا، ومسافيرت تسيون غربا، وفي الجهة الجنوبية تمر سكة القطار الإسرائيلية التي تربط تل أبيب بالقدس المحتلة، وشوارع تربط مدينة القدس بمختلف أرجاء إسرائيل، ويحد القرية من الغرب قرية قالونيا والقسطل، ومن الجنوب دير ياسين ولفتا، ومن الشرق شعفاط وبيت حنينا، ومن الشمال قرية النبي صموئيل.