اباطيل العنصرية، وتجاهل الرباعية..!!
تعرف البشرية، وقد سجل التاريخ ذلك بصفحات مليئة بدم الضحايا الابرياء وعذاباتهم المهولة، ان النازية التي اشعلت فتيل الحرب العالمية الثانية، لم تنهض إلا على أسس القومنة العنصرية، بأفكارها وخرافاتها الانانية المريضة، والتي لم تنتج سوى ثقافة العنف والكراهية، هذه الثقافة التي شكلت بحد ذاتها، تحريضا شديد العدوانية والغطرسة، ضد كل من لم يكن من "العرق الآري" حتى سعت لاستعباد كل الاعراق الاخرى وتدمير كل ما لها من حياة وحضور انساني ..!!
تعرف البشرية ذلك، وتعرف ان الشعوب المظلومة والمكلومة بالاحتلال تحديدا، هي التي تعاني دون غيرها، من ثقافة الكراهية والعنصرية، وسياساتها التي تحرض باستمرار على العنف والعدوان، وهذا ما يحدث مع شعبنا الفلسطيني منذ النكبة وحتى اللحظة الراهنة.
وبقليل من الامانة الاخلاقية، وبلحظة ضمير حي، لحظة واحدة فحسب، بوسع ايا كان ان يرى ويسمع، ان دولة اسرائيل في ظل حكم اليمين المتطرف، هي دولة التحريض العنصري الوحيدة تقريبا في هذا العصر، خاصة بعد ان باتت هذه الدولة وحسب اعترافات نخب اسرائيلية مهمة، مريضة بالفاشية، وهي دولة التحريض لا بحكم الاحتلال الذي تواصله لارض دولة فلسطين، بسياساته العنصرية العنيفة فقط، وانما ايضا بحكم خطاباتها السياسية والاعلامية والتربوية، التي تعمل على ان تجعل من الفلسطيني عنوانا للعنف ومحرضا عليه (..!!) وبالتأكيد فإن هذا الافتراء عديم الاخلاق والمسؤولية الانسانية، يشكل بحد ذاته تحريضا على العنف والقتل، بل هو التحريض العنصري بأم عينه، بلحمه وشحمه ودمه، بصوته وصورته، بل يبدو اليوم انه لا ثقافة في اسرائيل اليمين والتطرف والعنصرية، غير ثقافة هذا التحريض، ولا صوت يعلو فوق صوتها، هل نعدد تصريحات "ليبرمان" على سبيل المثال ..؟؟ ام علينا ان نشير الى احدث مثال انتجته القناة العاشرة الاسرائيلية، في الاختبار الذي اجرته قبل يومين حين اختارت عشوائيا، عربيا ويهوديا، وطلبت ان ينشر كل منهما على صفحته في (الفيس بوك) الاعلان عن القيام بعملية ضد الطرف الآخر، من اجل رصد نسبة التحريض بين الطرفين، وكانت النتيجة ان العربي وهو "شادي خليلية" حصل على سبع تأشيرات اعجاب فقط، ومكالمات تحذره من اختراق حسابه، ولثنيه عن القيام بالعملية، فيما حصل اليهودي "دانيل ليفي" على 1200 اعجاب وعشرات المشاركات والدعم والمساندة (...!!) وفي الوقت الذي اقتحمت فيه الشرطة الاسرائيلية بيت "شادي خليلية" واعتقلته للتحقيق معه عن العملية المفترضة، لم تطرق ابواب بيت "دانيل ليفي" ولا بأي شكل من الاشكال ..!!
الامر الذي يؤكد ان هذه النتيجة، ومثلما اوضح امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات "دليل قاطع على ان سياسة التحريض والكراهية الذي يغذيها المستوى الرسمي، تلقى قبولا كبيرا في المجتمع الاسرائيلي بسبب غياب المساءلة وآليات الردع والمعاقبة، وبسبب عجز المجتمع الدولي، وتغاضيه عن الانتهاكات الاسرائيلية ومعاملته الخاصة لاسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال والسماح لها بالافلات من العقاب".
والافلات من العقاب، في الواقع والحقيقة تحريض هو الاخر، وهذا ما نعتقد بانه الجريرة الاكبر في تقرير اللجنة الرباعية، من حيث ان هذا التقرير تخلى عن مرجعيات الشرعية الدولية بشكل معيب، وفي الوقت الذي ساوى فيه بين الظالم والمظلوم فانه اعتمد الافتراء الاسرائيلي بأن هناك تحريضا فلسطينيا على العنف بموقف لا يمكن تفسيره إلا بغياب النزاهة الموضوعية اولا مع الاسف الشديد، فإلى متى يستمر هذا الموقف الذي ما زال يسمح لاسرائيل بالافلات من العقاب ... الى متى ..؟؟؟؟
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير