خريجو الجامعات في مخيمات لبنان .. ورحلة البحث عن وظيفة
بيروت- وفا- وسام يونس- يبدأ أبناء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، منذ اللحظة الأولى لتخرجهم من الجامعات، في رحلة البحث عن وظيفة تساعدهم في تحسين ظروفهم الحياتية والمعيشية القاهرة.
ورغم الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعانيها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، إلا أن هاجس التحصيل العلمي يبقى مسيطرا على الأغلبية العظمى منهم، الذين يرون في العلم سبيلا للخروج من الواقع المرير الذي يعيشونه.
هذا الطموح يصطدم للأسف بواقع أكثر صلابة، يتمثل بعدم وجود سوق عمل تشغيلي لهم في لبنان أو خارجه، ما يدفع الكثيرين منهم للبحث عن أفضل الممكن في انتظار فرص أكثر ملاءمة مع الشهادة وتحصيلهم العلمي.
لا تقف معاناة خريجي الجامعات من أبناء اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان من البطالة وحسب، بل تعمل الغالبية العظمى منهم في وظائف متدنية الأجر تخضع في معظم الأحيان إلى ظروف عمل قاسية وغير آمنة.
وقال المستشار الثقافي في سفارة فلسطين لدى لبنان، مدير مؤسسة محمود عباس، ماهر مشيعل، إن أكثر من ألف طالب فلسطيني تخرجوا من الجامعات في العامين المنصرمين، لكنهم اصطدموا بموانع وعقبات كثيرة خلال بحثهم عن فرص عمل في لبنان.
وأضاف أن القانون اللبناني، يمنع الفلسطيني من مزاولة 73 مهنة، وبالتالي فإن سوق العمل اللبناني شبه مغلق في وجه الفلسطيني، ما يضطره الى العمل في مهن بعيدة عن مجال دراسته الجامعية.
ولفت إلى أن أجور الفلسطينيين العاملين متدنية مقارنة بنظرائهم اللبنانيين والاجانب، لعدم وجود عقود عمل تضمن حقوق الفلسطينيين، إضافة لعدم وجود ضمان اجتماعي.
وبيّن أن مصلحة الاقتصاد اللبناني، تشغيل الفلسطيني المقيم في لبنان، نظرا لما يتمتع به من خبرة وكفاءة، إضافة لكون دخله يساهم في تحريك العجلة الاقتصادية في لبنان، خلافا للعامل الاجنبي، الذي يحول ما يجنيه من أموال في لبنان، إلى بلده الأصلي.
ورأت آلاء أسعد، خريجة علوم كمبيوتر من الجامعة الامريكية للثقافة والتعليم، أن فرص العمل للفلسطيني شبه معدومة في لبنان، ولا يستطيع الحصول على إجازة عمل تسمح له بمزاولة ما يريد، رغم الكفاءة والمهنية التي يتمتع بها.
وأشارت إلى أن الحل يكمن بالاعتراف بالحقوق الاجتماعية، وتوفير الأونروا فرص عمل أكثر للاجئين، وفتح المجال امامهم للعمل في الدول العربية.
آلاء التي تنتظر فرصة عمل حاليا، تذكر بالمساهمة الفعالة لليد العاملة الفلسطينية في دعم الاقتصاد اللبناني، في حال تبني سياسات تسمح للفلسطيني بالعمل في لبنان.
المهندس حسين سالم، خريج جامعة بيروت العربية، ويعمل حاليا لدى إحدى الشركات، بعد عام كامل من البحث عن عمل، قال إن هناك مشكلة أخرى تواجه معظم الخريجين الفلسطينيين، تتمثل بعدم قدرتهم على الانتساب لنقابات المهن الحرة اللبنانية، التي تعطي الإذن بمزاولة مهن الطب والهندســـة والمحاماة والصحافة.
وبخصوص عمله الحالي، أشار سالم إلى أنه يعمل من دون توقيع عقد مع الشركة، وان ما يربطه بها هو اتفاق شفهي، الامر الذي يحرمه من حقوقه ويجعله عرضة للتسريح من عمله في اي وقت، كما أن راتبه لا يقارن برواتب الآخرين في نفس العمل.
سوسن مكية، خريجة كلية التجارة من جامعة بيروت العربية، تركت عملها السابق جراء قرار وزارة العمل اللبنانية تخفيض عدد الاجانب في الشركة، رغم حصولها على درجة الماجستير بتقدير جيد جدا، إلا أنها غير قادرة حتى الآن على تأمين عمل دائم لها.
تعمل مكية حاليا متطوعة في أحد المشاريع التي تنفذها منظمة "اليونيسيف" في لبنان على فترات متقطعة، من دون ضمان اجتماعي أو تأمين صحي.
مهندس الميكانيك خريج الجامعة اللبنانية الدولية علي زيد، اضطر للعمل في إحدى الشركات في لبنان كفني بأجر متدنٍ، بعد أن بقي لمدة عام من دون عمل.
وقال زيد: قبلت هذه الوظيفة بسبب الظروف الاقتصادية لعائلتي، اريد ان اساهم في اعالتهم، أبحث عن عمل خارج لبنان استطيع من خلاله الحصول على راتب أفضل وتأمين صحي وضمان اجتماعي، وألا اكون عرضة للتسريح في أي وقت.
وقال استاذ الاقتصاد في الجامعة الامريكية في بيروت جاد شعبان، إن اللاجئ الفلسطيني في لبنان يواجه عقبات إدارية وقانونية عديدة تحول دون إمكانية دخوله إلى سوق العمل بطريقة نظامية، ما ساهم في ارتفاع البطالة، خاصة لدى الشباب الفلسطيني، وهو ما ادى إلى التأثير سلبا على نسب الالتحاق بالتعليم العالي.
وأضاف أن من يعمل من اللاجئين الفلسطينيين، يكون عمله في إطار غير رسمي وغير محمي قانونيا، مشيرا إلى أن أكثر من 85% من الفلسطينيين في لبنان، يعملون دون عقد عمل أو أي ضمانات أخرى.
ويعتقد شعبان أن إصلاح شروط العمل للفلسطينيين في لبنان، سيحسن أوضاعهم المعيشية، وبنفس الوقت سيساهم بشكل إيجابي بسد العديد من النواقص في المهن، التي لا يعمل فيها اللبنانيون مثل العمارة، والزراعة، والصناعة، والتمريض...
وكان مجلس النواب اللبناني، أقر في شهر آب عام 2010 تعديلات على المادة 95 من قانون العمل، والمادة 9 من قانون الضمان الاجتماعي، التي تضمنت إلغاء رسوم تصاريح العمل للاجئين الفلسطينيين المولودين في لبنان، والمعاملة بالمثل فيما يتعلق بتعويض نهاية الخدمة وإصابات العمل، ولم يتمّ لغاية يومنا هذا إقرار العمل بها في مجلس الوزراء عبر مراسيم تطبيقية، لذلك فإن القوانين والتشريعات في لبنان ما زالت تغلق باب العمل في وجه اللاجئين الفلسطينيين ما يعيق قدرتهم على تحسين ظروفهم المعيشية لحين عودتهم إلى ديارهم.