فلسطينيون في "سمرقند"
بلال غيث كسواني
يواظب الشابان أحمد الخطيب وبيسان صالح على متابعة حلقات مسلسل "سمرقند" الذي يبث حاليا على عدد من الفضائيات العربية، وينظران بتمعن للملابس التي قاما بإعدادها في محال الخياطة التي حاكت قرابة 1500 ثوب لأبطال المسلسل، التي كانت سائدة في سوق سمرقند العظيم قبل بضعة قرون.
في المقابل بدأت الشابة منال الخطيب وهي المنتجة المنفذة لهذا العامل الدرامي الكبير بمتابعة كل تفاصيل المسلسل في حلقاته الثلاثين لضمان نجاحه.
وعرض "سمرقند" لأول مرة في رمضان على العديد من الشاشات العربية، والمسلسل مبني على رواية الأديب اللبناني أمين معلوف، وهو من بطولة نخبة من نجوم الدراما العربية: أمل بوشوشة، وعابد فهد، وميساء مغربي، ويوسف الخال.
وتدور أحداث المسلسل في قالب تاريخي مشوق ومليء بالحكايات التاريخية عن السلاطين وعلاقاتهم بالجواري والخدم في الزمن القديم، ورسم المسلسل بيئة الشرق في رواية تجسد حالة تنافر طرفها الأول حلم (عمر الخيام) بمرصد وحديقة وورد مع امرأة وكأس، وطرفها الآخر يمثله سعي من أطراف متعددة إلى الملك والجاه والسلطة، وما امتد من ذلك إلى عنف وكراهية وتقتيل أسسها (حسن الصباح) ونفذتها فرقة الحشاشين، أقوى نظام اغتيالات عرفه التاريخ في ذلك الوقت.
ويقول الشبان الثلاثة إنهم نجحوا في الوصول والمشاركة في هذا العمل الذي يبث على خمس قنوات عربية وهي: (ام بي سي، وأبو ظبي، ودراما، والمستقبل، وتن) الذي صور في الأردن وأبو ظبي، وكان من الصعب عليهم المشاركة في انتاج أعمال درامية كبيرة من هذا النوع، وتحقيق أحلامهم في هذا المجال داخل فلسطين، إذ يحرم الاحتلال الفنانين من الحضور لفلسطين للتمثيل، كما يصعب حياكة الملابس داخل فلسطين وإرسالها للعواصم العربية، لذا كان عليهم السفر للأردن للعمل بضعة أشهر في انتاج المسلسل هو سبيلهم للنجاح والشهرة.
وعن كيفية الاختيار ضمن طاقم العمل العربي، قالت الشابة بيسان رضوان صالح، إنها درست إدارة الأعمال في جامعة بيرزيت وعملت في عدد من الشركات في رام الله، لكنها لم تجد أنها تحقق أحلامها، فسافرت إلى الأردن، وبحثت عن عمل في مجال تصميم الأزياء، وبدأت الدراسة في معهد إيطالي بعمان حول تصميم الأزياء، ومن خلال المعهد وصلت إلى مجال تصميم الأزياء التاريخية، وقد وقع الاختيار عليها لتكون مسؤولة عن إنتاج الملابس الخاصة بمسلسل "سمرقند".
وأضافت بيسان، إنها نجت في انتاج 1500 ثوب للمسلسل، بعد أن تطور عملها في تصميم الأزياء التاريخية، وانتقلت من مساعدة صغيرة إلى مسؤولة عن تجهيز الملابس لكل المسلسل، حيث كان يجري إرسال الملابس المنتجة في الأردن بشكل يومي إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي، حيث جرى تصوير المسلسل في العاصمتين.
وأضافت أنه من الصعوبة بمكان القيام بهذا العمل، فعليك مراعاة كل تفاصيل الحياة في الحقبة التاريخية التي يتحدث عنها المسلسل، فلم تكن في ذلك الوقت حياكة بل كانت الملابس تثنى بطريقة خاصة ليتم ارتداؤها وكان هذا ليس بالأمر السهل، إضافة إلى حاجة بطل المسلسل مثلا وهو النجم العربي الكبير عابد فهد إلى 30 لباسا مختلفا، ففي كل يوم من حلقات المسلسل كان عليه ارتداء ثوب جديد، وكان علينا العمل على مدار الساعة لإنتاج الكمية المطلوبة من الملابس المطلوب استخدامها في التصوير.
وتشير بيسان إلى أنها كانت مسؤولة عن إدارة الأمور المالية الخاصة بإعداد ملابس الممثلين التي صنعت في الأردن، وأرسل قسم منها لتمثيل الحلقات التي تمت في العاصمة الإماراتية.
وقالت إنهم كانوا متنبهين بشكل جيد لتجنب أخطاء قد تقع في هذا المسلسل التاريخي، مثل ظهور بعض الادوات المستخدمة حديثا أو الهاتف النقالة أو بعض الملابس الحديثة، لذلك حقق المسلسل رواجا كبيرا وقد قامت عدة فضائيات مميزة بابتياع المسلسل وعلى رأسها أم بي سي.
وعن تعامل الممثلين مع طاقم العمل في الانتاج، قالت بيسان إن تعامل الممثلين كان لطيفا جدا، بطل المسلسل النجم عابد فهد الذي يحظى بشعبية كبيرة في فلسطين، كان من أفضل أفراد طاقم المسلسل في التعامل.
وأضافت، إنها سعيدة بالعمل في مجال تصميم الأزياء في المجال الفني، وأحلم بأن أعمل في بلدي في مجال تصميم الأزياء للنساء لأقوم بخدمة أبناء شعبي في هذا المجال.
من جانبها، قالت الشابة منال الخطيب إنها كانت تعمل كمنتجة منفذة في مجال الانتاج مع 3 أشخاص آخرين، وأضافت: "أنا كنت أتواصل مع كل العاملين في المسلسل سواء الممثلين أو الفنيين وغيرهم من العاملين في انتاج هذا العمل، وكنا نتابع كل التفاصيل وصولا للنجاح".
وقالت إنها عملت ضمن مراحل في انتاج المسلسل: المرحلة الأولى صورت في قلعة عجلون بالأردن، ثم انتقل كل الطاقم لأبو ظبي من أجل تنفيذ حلقات من المسلسل في العاصمة الإماراتية، وكأنا نقوم بإرسال ممثلين وضيوف حلقات وطاقم عمل من الأردن للمشاركة في انتاج المسلسل، ثم عادت الطواقم للأردن.
وأضافت، إنه يجب إدراك قيمة الانتاج الدرامي في فلسطين وأهميتها في نقل الرواية الفلسطينية للعالم، لذلك نحن نسعى لخلق دراما فلسطينية، وأحلم أن نقوم بعمل درامي يدعم المرأة الفلسطينية وينتشر على مستوى العالم.
ودرست منال الخطيب التي ولدت في العراق قبل أن تعود عائلتها لفلسطين، في أكاديمية الدراما في رام الله، وشاركت في عدة أعمال درامية عربية وآخرها سمرقند.
ويطمح الشبان الثلاثة للعمل داخل فلسطين في مجال الدراما، والقيام بتنفيذ أعمال درامية محلية ترقى إلى المستوى الدولي في المستقبل، بالاستفادة من الخبرات التي يقومون بجمعها من عملهم في الدراما العربية.