جيل الهواتف الذكية يُدخل الـ Facebook إلى الكنيست
إيهاب الريماوي
احتل موقع facebookالمرتبة الأولى على مستوى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في فلسطين، حيث بلغت نسبة مستخدميه وأصحاب الحسابات عليه 84% من المشتركين بالانترنت في فلسطين، حسب تقرير وسائل التواصل الاجتماعي للعام 2015.
وبلغ عدد مستخدمي الموقع في الضفة الغربية وقطاع غزة حسب التقرير 1780000، وفي القدس 170000، وفي أراضي الداخل 486000.
والأكثر استخداماُ لهذه الوسيلة هم فئة الشباب ممن تقع أعمارهم بين 18 – 24 عاماً، تليها الفئة العمرية من 25-34 عاماً، ثم فئة الفتية الذين تتراوح أعمارهم بين 13-17 عاماً.
ومع انتشار أجهزة الهواتف المحمولة "الذكية"، توجه 36% من مرتادي facebook لاستخدام هذه الأجهزة إما للتصفح أو للنشر، وهو ما سهل عملية تكرار الدخول إلى الموقع لنحو 90% من المستخدمين.
واحتل الموقع بذلك مكانة متقدمة في ترتيب مصادر الأخبار، حيث بات 90% من مستخدمي facebook في فلسطين يعتبرونه مصدراً لمتابعة الأحداث والأخبار، حسب تقرير وسائل التواصل الاجتماعي في فلسطين.
وأمام هذه الإحصائيات، وجدت إسرائيل نفسها أمام منصة إعلامية قادرة أولاً على جذب المتابعين للتطورات الأخبارية، ومن ثم التأثير عليهم، من خلال ما ينشر من أنباء وصور وفيديوهات أو حتى تعليقات.
ومما لا شك فيه، فإن facebook بما يتيحه للمستخدمين من مساحة تعبير يشكل أداة اتصال وحشد. حاله حال أي موقع مبني على سياسة "المحتوى الذي ينتجه المستخدم"، ليشكل بذلك تحدياً لآليات الرقابة التي يكون تطبيقها أسهل على وسائل الإعلام التقليدية، حسب الباحثة في وسائل التواصل الاجتماعي تالا حلاوة.
وتضيف حلاوة: "هذا التطبيق الذي يعد الأكثر استخداما في الوطن العربي وفي فلسطين، أصبح يشكل ملتقىً للشباب رغم كل العوائق الجغرافية التي تحد من قدرتهم على التجمع الفعلي في مكان واحد. فجاء facebook كنقطة تجمع افتراضية وأداة تواصل لمن يحملون نفس الفكر والتوجه في مكان واحد، وقد تثمر عن لقاءات فعلية تنتج حراكات كالتي شهدتها عدة دول عربية، كمصر ولبنان وتونس"
وتشير إلى أن "فئة الشباب تحتل النسبة الأكبر من عدد المستخدمين الكلي لـ facebook، وبالنظر إلى مهارات هذه الفئة وقدرتها على التواصل بلغات أجنبية وفي مقدمتها الإنجليزية؛ فلا بد أن تشكل قلقاً للحكومات".
القلق الذي أشارت له الباحثة حلاوة أدى إلى قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي باعتقال 170 مواطناً منذ تشرين أول/ اكتوبر عام 2015 حتى نهاية شهر حزيران/ يونيو الماضي، وفقاً لإحصائية صادرة عن نادي الأسير الفلسطيني.
ولم تكتف إسرائيل بذلك استجابة لمدى خشيتها من تأثير منصة التواصل الاجتماعي تلك، حيث صادقت الكنيست يوم أمس الخميس بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون "يلزم شركة facebook برصد مضامين تعتبر (تحريضية) لحجبها عن الشبكة خلال مدة أقصاها يومان".
ويتيح القانون المقترح فرض غرامة مالية قدرها ثلاثمئة ألف شيقل على الموقع، إذا امتنعت إدارته عن حجب المضامين "التحريضية" خلال الفترة المحددة ب48 ساعة.
الخبير في الشأن الإسرائيلي محمد مصالحة، يعتقد أن ناقوس الخطر دق في إسرائيل من هذه الوسيلة التي لم تحسن استخدامها لخدمة أغراضها السياسية والعسكرية، فقررت محاربتها.
ويقول: "الرسالة الإعلامية الإسرائيلية وجدت نفسها أمام جيش الكتروني فلسطيني وعربي، قادر على إبراز الحقائق وتفنيذ الادعاءات والشائعات التي تروج من قبل تل أبيب على المستويين السياسي والعسكري، اللذان يحاولان فرض رقابة على مضامين ما ينشر ولا يتوافق مع الرؤية الصهيونية".
ويعتقد مصالحة أن على إسرائيل الاستفادة من التجارب التي شهدها العالم العربي مؤخراً فيما يخص مسألة التضييق على الحريات، لأن هذا بلا شك سيؤثر عليها بشكل سلبي وسيقود للانفجار في وجهها.
ولا يستبعد أن قيام إسرائيل بفتح النار على facebook ما هو إلا محاولة لإثناء هذه الشركة العملاقة عن الاعتراف بفلسطين، من خلال منح المواقع والأشخاص في الأراضي الفلسطينية المحتلة تعريفات تشير إلى أنهم ليسوا داخل حدود الدولة العبرية.
قانونيا، يؤكد د. محمد شلالدة عميد كلية الحقوق في جامعة القدس، أن سن قوانين محلية لا يجبر الشركات العابرة للقارات على الامتثال لها، خاصة facebook التي تُخضع المحتوى لأنظمة وقوانين يصعب فرض الرقابة عليها.
ويشدد على عدم جواز المصادقة في أي برلمان ومن بينها الكنيست على قوانين تخالف نصوص الاتفاقيات الدولية الخاصة بحرية التعبير عن الرأي، وأولها المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) والذي ينص على "الحق في حرية التعبير التي تشمل البحث عن واستقبال وإرسال معلومات وأفكار عبر أي وسيط وبغض النظر عن الحدود".
ودعا د. شلالدة القيادة الفلسطينية ومؤسسات حقوق الانسان العاملة في الأرض الفلسطينية إلى استخدام الآليات القانونية والقضائية لوقف مثل هكذا قرارات التي لا تهدف إلا لتضييق الخناق على أبناء الشعب الفلسطيني، خاصة أن التحريض كما تسميه إسرائيل؛ مصطلح فضفاض قابل لأن يشمل حتى أبسط المعلومات والأخبار حتى لو كانت عن انتهاكات يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى البروفيسور جورج جقمان أستاذ الفلسفة السياسة في جامعة بيرزيت، أن "التحريض" يمثل بالنسبة لإسرائيل أي شيء يعتبرو معادياً لها، حتى لو كان ذلك كلاماً يقال في وسائل الإعلام أو حروفاً تكتب على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأوضح أن مصادقة أي برلمان على أي قانون سيكون ملزماً فقط ضمن حدود الدولة التي أقر فيها، وهو ما يفتح الاحتمالات أمام مسعى إسرائيل لتشكيل وسيلة ضغط على وسائل التواصل الاجتماعي من الجانبين السياسي والاقتصادي باستخدام فزاعة قانونية.
وأضاف د. جقمان: " اليمين المتطرف الذي توغل في إسرائيل وتربع على السلطة، يسعى لفرض تطرفه أينما كان إذا لم يجد نفسه عليه ضغوطات داخلية أو خارجية، وسيعمل على فرض سطوته على الرأي العام في إسرائيل أو حتى المجتنمع الدولي، وهاي النتائج بدأت تظهر شيئاً فشيئاً في الكنيست وعلى صعيد حكومة بنيامين نتنياهو".
سياسة facebook تتيح لأي فرد أن يقدم شكوى ضد محتوى معيّن، ويقوم فريق من الشركة بدراسة مدى اعتراض المحتوى مع سياسة الاستخدام والخصوصية والقوانين المحلية للجهة المشتكية، وهذا يأخذ وقتا وجهدا ولن يشكل آلية عملية للتعاطي مع المقترح الاسرائيلي حتى من ناحية تقنية.
ورغم ذلك، فإن الموقع الذي يتعامل مع المنشورات على اعتبار أنها "معادلات خوارزمية"؛ قد يميّز المصطلحات السليمة لغوياً باللغة الإنجليزية وإلى حد ما بالعربية، لكن لا يجب إسقاط كم المحتوى العربي باللغة المحكية (العامية) ومدى صعوبة تصنيفه كمعادلات، حسب الباحثة تالا حلاوة.