الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة    الأمم المتحدة تطلب رأي "العدل الدولية" في التزامات إسرائيل في فلسطين    عدوان اسرائيلي على مخيم طولكرم: شهيد وتدمير كبير في البنية التحتية وممتلكات المواطنين    الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان  

"التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان

الآن

وليد الشيخ: القراءة ردّ على ضيق هذا العالم

يامن نوباني

هو الخجول والمتواضع في الحياة والمواقف اليومية، الجريء والمتمرد في الكتابة، يكتب اللامتوقع، ويغامر بعيدًا دون خوف، لا يقيس خطواته، أين صارت، وهل عليها أن ترجع قليلًا، يمشي في الشعر إلى التجريب والإبداع والخلق، إلى ما يخشى الكثيرون الخوض فيه، في المرأة والوطن والحب والطفولة.

نظرته إلى الجالس معه، إلى الأشياء من حوله، مكثفة وهادئة، زاخر بالمعرفة والقِدَم والتأمل، لا يحاور، بل يرسم، وحين يتحدث عن مكان تشعر أن قدمك تطأه، وحين يحرك يديه ليصف أثر العتمة عليه ودورها الملهم في مشواره الأدبي، يهبط فجأة الليل.

الليل صديق وليد الشيخ، فهو يراه كائن حي يتنفس، غامض بما يكفي لدخول أسراره وتتبع خيوطه واكتشاف لذته، الكتابة بالنسبة له، ليست رصاصة ولا قنبلة ولا تلقي بيانا سياسيا، فهذا بحسب الشيخ، شأن الأحزاب، لكنها مطالبة بإعلاء قيمة الحرية والمعاني الخلاقة والإبداع.

يشتبك في قصائده مع الواقع الفلسطيني اليومي، مع ذكريات الطفولة في مخيم الدهيشة، مع السفر والغربة، مع الخيبات الجماعية والفردية، مع المكان والزمان.

 في بدايات العام 2015 كان لوليد الشيخ أولى أمسياته الشعرية في فلسطين، فهو البعيد كل البعد عن التواجد فوق المناسبات الثقافية، واعتلاء منصة، وإلقاء خطبه الشعرية على حشد من الجماهير المتلهفة أو المتململة.

يتفق أصدقاؤه وقراؤه أنه أكثرهم جرأة، وأن صوته منفرد.. ولمعرفة ممّا يتكون وليد الشيخ، أجرت "وفا" معه الحوار التالي، في محاولة للتعرف أكثر على هذا الإنسان الشاعر والروائي الشاب، وتقديمه طازجا وعفويا، تماما كما يتعامل مع الشعر والأحداث من حوله:

يقال أنك خجول، هل هذا صحيح؟

ليس خجلاً، إنه ارتباك حين تجد نفسك فجأة بين عدد من الناس ومطلوب منك مثلاً أن تقرأ قصيدة، يكون هنا الخروج من المكان بأسرع وقت ممكن هو طوق النجاة، ليس خجلا بل رغبة في تجاوز حالة مربكة ومرتبكة من تبادل عبارات لا تعرف كيف تبدأها أو تنهيها. لا أعرف بعد الشعر أن أنهي أي حديث، الجمل تظل مفتوحة، وحين أصل الشارع وأطمئن أكمل ما أردت قوله (وحيدا).

أين وليد من الحضور العلني الواضح في الفعاليات الثقافية ؟

أنا لا أحضر بشكل سري أيضاً. أشارك أحيانا في بعض الفعاليات التي أعلم عنها وعن مكان انعقادها، لا يوجد أي موقف مسبق أو غير مسبق من الفعاليات الثقافية، بالعكس. لكن يصدف دائماً إما أنني لا أعلم أو تكون الظروف غير مناسبة.

على موقع جود ريدر وجدنا إعجاب واحاد عن مجموعة "أندم كل مرة " الشعرية، كيف تبدو علاقتك مع القارئ؟

عليّ أن أشكر صاحب هذا الإعجاب، قد يكون أحد أفراد العائلة وأبدى إعجابه من باب المساندة أو الفزعة القبلية حين وجد المجموعة الشعرية وحيدة في ذلك الموقع .

لا علاقة مباشرة مع القراء، وأحب ذلك. أحب أن يكون ثمة قارئ بعيد، يتواطأ معي، ويضحي بوقته كي يقرأ ما كتبت. لهذا النوع من القراء أكتب .

 طبعا أحب وأرتبك كلما صادفت قارئاً يقول لي شيئاً لطيفاً، هم قلة على أية حال. وأنا أمتن لهم، لأن هذا يجعلني أثق أكثر بمعنى الكتابة .


هل تكتب الآن شيئا؟

نعم، بشكل متقطع. قصائد ونصوص، أتمنى أن تصبح الكتابة فعلاً يومياً، أحاول أن أتمرن على ذلك، لكن لا أنجح. المشكلة الحقيقية في القراءة، فقط أحلم بوقت أكثر كي أستطيع أن اقرأ كل هذه الكتب الرائعة التي ينتجها البشر.

 
هل تخاف من الكتابة فتشعر أنها أضاعتك أو أنك ضعت منها؟

الكتابة كائن متوحش إن كنت تنظر إليها باعتبارها غنيمة أو ميزة. أنا أتعامل معها ببساطة وجدية في آن واحد، لكن لا أقودها عنوة ولا أسمح لها بأن تقودني، أنا أستمتع بها، لا أقلق عندما أتعثر في الكتابة،  التعثر جزء من الكتابة.

"يهتم بقراءة أدب الشباب وخاصة ما يُنشر في فلسطين الشباب، ويرىبأنهم قادرون على إثراء المشهد الثقافي الفلسطيني"

كيف تنظر الآن إلى الشعر على المستوى الفلسطيني؟

المشهد الشعري متنوع، الخيارات الآن أصبحت أبعد من فكرة التصنيفات، أو التنظير حول الفرق بين القصيدة والشعر، الآن كما كل شيء في الحياة، يأخذ الشعر مسارات جديدة، ليس فقط على مستوى الايقاع، إن كان ايقاع للصوت أو للصورة أو غير ذلك.

 لا أحد يستطيع أن يراهن على اقتراحه الشخصي فقط. باستمرار يوجد شعر جديد، يأتي دائما من الهامش، عشرات من الشباب والشابات الآن في فلسطين يشكلون اقتراحاتهم الإبداعية، ويدخلون بقوة وثقة. في النهاية، هي مسألة ذائقة، وجزء كبير من الذائقة تشكله معرفة القارئ وسعة اطلاعه على المنجز الشعري وتنوعاته.

 في رأيي لا أسماء كبيرة أو أسماء صغيرة في الشعر، هناك قصائد كبيرة وقصائد عادية يمكن المرور عليها، لكن لا مشانق لأي اقتراح شعري.

"يرى أن علينا أن نتساءل بين فترة وأخرى، حول ما ينتج ثقافيا في فلسطين وخدمته للقضية الفلسطينية في المحصلة النهائية، هل يخدم قضيتنا ويمشي بنا الى الأمام. ويرى أننا كفلسطينيين لا نتساءل هذا السؤال". 

حين يضيق بك العالم الى أين تهرب؟

كان العالم ضيقا منذ البداية، ليس بالمعنى المجازي، بل واقعاً، غرفة وكالة غوث اللاجئين التي ولدت فيها كانت ضيقة، شوارع المخيم ضيقة، الشارع الرئيسي محاط بأسلاك شائكة، والزمن كان ضيقا مع تكرار حالات منع التجول .

كنت احتار عندما أتذكر ما قاله عمرو بن الأهتم "لعمرك ما ضاقت بلاد على أمرئ"، لقد كانت ضيقة فعلاً، وهي ضيقة الآن أيضاً.

الروح أيضاً لا تحتمل كل سوء الفهم الكوني هذا، الآن صار لدي هامش أو ترف القدرة على أن أنزوي، لا أهرب، بل ابتعد، أذهب كالعادة إلى القراءة أو الكتابة. أحب العلاقة الخاصة والحميمة مع ما أقرأ. ما زلت رومانسياً على هذا الصعيد، أعتبر القراءة أو الكتابة فعلا يحيطه عالم من الخصوصية، أحس بسعادة عندما أقرأ. القراءة رد على ضيق هذا العالم.

 
هل لديك أصدقاء؟ حدثنا عنهم

محظوظ جدا بوجود عدد كبير من الأصدقاء، وحزين أني لا أراهم لفترات طويلة أحياناً. أصدقائي أكثر تفهماً وتسامحاً معي، لديهم قدرة عالية على الغفران .

أكثر من التقيه من الأصدقاء الكتّاب زياد خداش. مرة في الأسبوع على الأكثر وأحياناً مرة في الشهر. نتحدث عن والده وعن والدي، وفشلهما الفادح في إرغامنا على أن نصبح آباء.

صديقتي الدائمة، سلام، شريكتي في الحياة. منذ ثلاثين عاماً ونحن نتحدث، ولم ننته بعد.

 
هل تملك عزلة؟ كيف تقضيها؟

أحب البيت، وأفكر فيه دائماً، كلما ابتعدت عنه أقضي وقتا طويلاً فيه. لكن العزلة تحتاج الى تحديد أكثر، إذا كنت تقصد هل تنعزل عن الناس مثلا؟ أعتقد أن كل واحد منا يحتاج أحيانا للابتعاد، مقدار هذه الابتعاد ومدته يختلفان من شخص لآخر. تمر أيام لا ارى فيها احداً. أحب أن أمارس عزلة تامة أحياناً كلما قيض لي. أستمتع بذلك.

 ماذا عن أيام دراستك في الاتحاد السوفييتي؟

تشبه أيام دراسة أي طالب في بلاد الغربة، عندما يكون في العشرينيات من العمر. ربما اللافت في التجربة أنني شهدت سقوط التجربة الاشتراكية بنسختها السوفيتية هناك. كما أن الظروف شاءت أن أكون في جامعة الصداقة بين الشعوب، حيث الآلاف من الطلبة من مختلف دول العالم. كان الارتطام ليس سهلا، انتقلت مباشرة من حارات مخيم الدهيشة الى جامعة الصداقة بين الشعوب في موسكو .

استفدت كثيرا في تلك الفترة، وتعرفت على ثقافات مختلفة. سأظل ممتنا لتلك التجربة بسنواتها السبع في موسكو .

"يرى أن على الكاتب ألا يحمّل الناس جميلة أنه يكتب وكأنه يصنع للكون معروفا كبيرا، ولا يفهم سر الغضب والحد والنقد اللاذع الزائد عن اللزوم تجاه بعض الأشياء الثقافية من كتابات ونصوص وغيرها، وبأن المسالة لا تحتمل كل ذلك، ويجب أن تأخذ مع أنها جدية جدا أن يكون فيها متعة، إذ ليس من المعقول أن أكون كاتبا وأعذب نفسي والآخرين أو أن أكون دائما في حالة غضب. أشعر أن عالمنا الثقافي الفلسطيني فيه حدة عالية قليلا، ربما الظرف السياسي يلعب دور فيها، ربما العلاقات الاجتماعية تعقدها، الجغرافيا، اختلاف الذائقة، اختلاف المواقف".

 كمئات الآلاف الذين وجدوا أنفسهم خارج البيت، وخارج قراهم ومدنهم، ونصفهم وجد نفسه خارج حدود فلسطين، وجدت عائلة الشاعر والروائي وليد الشيخ نفسها تسكن مخيم الدهيشة في بيت لحم.

ووجد وليد نفسه يعبر من أمام سكان قرى مجاورة يتنادون ويقفون بصمت وبابتسامات صعبة مثل حرس الشرف، حتى يجتاز هو وأقرانه من أطفال المخيم، حواكيرهم وبيوتهم، ويقول إنه لم يكن يفهم هذا الإصرار العنيد في السؤال: من وين، بالضبط؟ ولم يكن يفهم طرافة إجابته وافتخاره (غير المبرر): من الدهيشة!

كتب: في العام 1980 وصل الشوق حداً لا مجال لمداراته، ذهبنا مع الجد والجدة إلى "زكريا" في رحلة أسى لن أنساها ما حييت، نزل جدي من السيارة وأخذ يركض بسنوات عمره الطويلة على تل "زكريا" وينادي على جميلة ويذكرها ويشير بعصاه على ذكرياته هنا زرعت، هناك نسيت، إلى أن أجهش الرجل في نوبة حنين تبعها صمت مطبق امتد لأيام. رأيت غرباء في "زكريا"، وسمعت نواح عمتي عن البيوت التي يغيب سكانها، ووعد بطلاء البيت بالحناء إذا عدنا.

وفي الحب يكتب:

عندما تعرفتُ على يدك اليسرى:

تركتُ قاعة المحاضرات فيما البروفيسور يواصل هذيانه الأكاديمي

كنتِ تقاطعين تدفق الكلمات الغزيرة

الكلمات المتقنة

التي تجيب على أسئلة الحياة والموت.

وللشيخ المولود في العام 1968 أربعة دواوين شعرية، وهي: أندم في كل مرة، وحيث لا شجر، والضحك متروك على المصاطب، وأن تكون صغيراً ولا تصدق ذلك، ورواية واحدة، هي: العجوز يفكر بأشياء صغيرة.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024