"20 ساعة أمل"
بسام ابو الرب
"20 ساعة من الأمل" أعادت الحياة للمواطن زيدان ابراهيم ( 66 عاما) من بلدة بلعا شمال شرق طولكرم، بعد اجراء علمية جراحية وصفت بالخطيرة جدا، اثر انفجار وتضخم في الشريان الأبهري بقلبه، على أيدي أطباء فلسطينيين في مستشفى النجاح الوطني الجامعي بمدينة نابلس.
العميلة الجراحية التي وصفت بالنوعية والضخمة، لخطورة وضع المريض وسوء حالته الصحية، وعن طريق "اماتة المريض سريريا مؤقتا"، يمارس إبراهيم زيدان اليوم حياته الطبيعة، ويقضي حاجاته، بعدما أرهقه المرض، جراء تضخم وانفجار في عدد من الشرايين الرئيسة في القلب.
وفي اتصال هاتفي مع "وفا"، وصف ابراهيم وضعه الصحي "بالممتاز"، وأنه يمارس نشاطه الطبيعي، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم ممارسة جهد كبير، بعد اجراء هذه العملية.
ويضيف "هناك ايمان بالله، وبوجود كفاءات فلسطينية، ومؤسسات قادرة على تقديم خدمات طبية نوعية، ولكن يجب على المواطنين الايمان بقدرات هذه الكفاءات".
مدير مستشفى النجاح الوطني الجامعي عميد كلية الطب وعلوم الصحة بجامعة النجاح البروفسور سليم الحاج يحيى الذي قاد الفريق الطبي تحدّث لـ"وفا" عن آلية اجراء مثل هكذا عمليات، وطريقة اماتة المريض سريريا مؤقتا، فقال "إن اجراء مثل هذا النوع من العمليات الجراحية يعني توقيف الدورة الدموية بالكامل، وتفريغ الدم من الجسم، بعد خفض درجة حرارته لما يقارب 14 درجة، الأمر الذي يعني توقف أعضاء الجسم عن العمل بشكل مؤقت".
وأضاف البروفسور يحيي" آخر العمليات التي أجريت كانت لمريض يعاني من تضخم للشريان "الأبهر"، إذ تجاوز قطره 60 ملم، بينما الطبيعي يجب أن يكون ما بين 25 و30 ملم، بالإضافة إلى تراجع شديد للصمام الأورطي، وللصمام المترالي، وضعف شديد لعضلة القلب، التي كانت تعمل بنسبة 20% من قدرتها الطبيعية، إضافة إلى تراجع شديد للصمام "المترالي" يكون في قلب القلب نفسها، وتضخم الشريان الأبهر الملتوي، الذي تخرج منه شرايين الدماغ، فهذا عمليا يحتاج الى تقنية فنية عالية جدا، وبحاجة الى شبك المريض بآلة "القلب رئة"، وتبريد جسم المريض عن طريقة الآلة التي تبرد الدم، وثم تبرد الدورة الدموية، والجسم إلى 14 درجة مئوية ".
وتابع "عقب تبريد الجسم يصبح جاهزا لعملية تفريغه من الدم، وهو ما نطلق عليه "اماتة سريرية مؤقت"، وهي توقف مجرى الدم في كل الجسم، وتوقف الأعضاء كاملة عن العمل، وهنا نستطيع قص الشريان الابهر الملتوي، وشبك انبوبة جديدة لشريان الدماغ، وأنبوبة أخرى للقلب نفسه، ثم شبك الأنبوبتين مع بعضهما، ونعيد ربطهما في الشرايين التاجية" .
وأشار يحيى إلى أن عملية الشريان الأبهر غير جديد في الطب، وما ميز هذه العملية التي أجريت في مستشفى النجاح عن غيرها هو حجم ضخامتها من ناحية التعقيدات؛ من خلال انفجار الشريان الأبهر، الذي يعتبر بحد ذاته خطيرا في الطب.
وذكر أن من بين الميزات أيضا هو أنه في غالبية المراكز القليلة في العالم التي تقوم بمثل هذه العمليات خاصة في حالة التراجع الشديد للصمام الأبهر يتم استبداله بآخر اصطناعي، ولكن ما قام به الطاقم الطبي هو "اعادة ترميم"، أي عملية تجميلية للصمام بالنسبة لهذا المريض.
وأوضح "بعد الانتهاء من اعادة الترميم، يتم ارجاع الدم للدورة الدموية الذي يكون في آلة " القلب رئة"، وعندها يعمل الطاقم الطبي على تسخين الجسم مرة أخرى، كأنه يعيد احياء الجسم، والأعضاء، واعادتها من الموت السريري المؤقت إلى الطبيعي، وبعدها يعود الدم الى القلب، وفي رجوع حال القلب للعمل بشكل كامل وهو بحد ذاته مهم جدا، يستغرق ذلك ما بين 14 الى 20 ساعة متواصلة".
وأكد أن حالات كثيرة من المرضى تفقد حياتها، كونها لا تحتمل هذا النوع من العمليات، خاصة أن الدم لا يصل الى القلب والدماغ لفترة طويلة، موضحا "نحن أجرينا أكثر من 10 عمليات من هذا النوع، ولكن ليست بهذه الخطورة ."
ولفت إلى أن الطاقم الطبي الذي أجرى العملية "فلسطيني بامتياز"، وعمليات من هذا النوع تعتمد على عمل الفريق، وليس فقط على جراّح بارع، فكل حسب موقعه، ومشاركته ضمن الفريق، وهم مدربين جدا، واي خلل في العملية الحساسة، ينتهي بكارثة.
وبين يحيى أن المريض زيدان بحالة صحية ممتازة، ويمارس حياته بشكل طبيعي.
وأضاف "حسب خطة المستشفى جرى استقطاب اخصائي وجراح في اجراء عمليات نوعية في كي القلب، وتنظيم دقاته، وهي غير موجودة في فلسطين، وهو الطبيب محمد شراب وهو من جامعة "تورتنو" الكندية، والحاصل على عدة جوائز في علاج القلب، والذي سيباشر عمله بداية الشهر المقبل، ما سيوفر العناء على أكثر من 50 حالة مريضة على قائمة الانتظار.
وأشار إلى أن المستشفى يعمد على تنفيذ مشروع آخر يقوم على جراحة الأوعية الدموية بالدماغ عن طريق القسطرة دون الحاجة لشق الجمجمة .
يذكر أن عددا من المؤسسات الصحية الفلسطينية أجرت عمليات نوعية، وذات خطورة عالية.