نساء غزة : عفوا أيها القانون لقد حكمت علينا بالإعدام
غزة – عطية شعت
"مائة أمير ما بطلق زوجة فقير" بهذا المثل الشعبي ،والذي يدلل على القوة والحصانة التي منحها القانون والمجتمع للرجل ،بدأ أبو محمد حديث متفاخرا أمام جمع من الناس بقدراته على إذلال زوجته بتركها معلقة لعقد من الزمان ،ومتباهيا بقدراته على التحايل على القانون مستغلا ثغراته، معلنا أمامهم انتصاره التاريخي بإصابة زوجته بمرض نفسي بعد أن عجزت كل الوسائل القانونية والعرفية أن ترد لها حريتها المسلوبة
بين ظلم الرجل وقسوة المجتمع والأهل وعجز القوانين تعج المحاكم الشرعية بغزة بقضايا تعليق الزوجات ،وقضايا الطلاق ،والنفقة ،والحضانة ... الخ ،والتي تصدر في معظمها أحكام لصالح الزوجة بعد جولات من المراوغة من قبل الزوج قد تستمر لسنوات ، إلا أن عجز القوانين عن التنفيذ وإلزام الرجل يجعلها مجرد حبر على ورق .
وحدة التدخل القانوني بمركز صحة المرأة .
بعد أن عجزنا عن مقابلة بعض الحالات في المحاكم لسبب أو لأخر ، وجدنا ضالتنا بمركز صحة المرأة بالبريج التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر ،الذي انشأ وحدة للتدخل القانوني منذ سنوات لمساعدة النساء المهمشات قانونيا ، ابتداءا ًمن تقديم الاستشارة القانونية والتدخل لحل النزعات سلميا ،مرورا بتوعيتهن بحقوقهن من خلال ورش ودورات تدريبية، وانتهاءاً بتمثيلهن قضائيا في المحاكم مجانا ،وجاء اللقاء ضمن أنشطة حملة مناهضة العنف ضد النساء الممول من صندوق الأمم المتحدة للسكان والاتحاد الأوروبي.
ظلم وتعسف
(أ.ع ) في منتصف العقد الثالث من عمرها حدثتنا عن معاناتها المستمرة منذ سبع سنوات ،فقالت بصوت مخنوق :" لم اعش طفولتي فقد تزوجت أول مرة وأنا بعمر الرابعة عشر من احد اقربائى لأطلق منه بعد4 سنوات عشت
خلالهما ظروف قاسية، وخرجت من تلك التجربة بولد عجزت أن ألزم والده بالنفقة عليه ، وبعد سنوات تزوجت من رجل أخر كان وقتها مطلق ،وبعد فترة من زواجنا رزقني الله خلالها بولدين وبنت أعاد زوجته
الأولى ، التي اشترطت عليه أن يهجرني ، وبالفعل قام بطردي و كنت وقتها حامل ،واخذ اولادى منى رغم اننى حاضنة ،ووضعت ابني الصغير في بيت اهلى ، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش في ساحات القضاء مرة من اجل النفقة ومستحقاتي وأخرى من اجل مشاهدة اولادى ، وأخرى من اجل الطلاق ورغم إصدار أحكام ملزمة في بعض القضايا بالنفقة وتحديد يوم للمشاهدة الأولاد ،إلا أن براعته بالمراوغة حالت دون تنفيذ تلك الإحكام ،فلم اخذ الا جزء بسيط من عفش البيت ،والتزم بالنفقة لعدة أشهر فقط ،أما مشاهدة اولادى كانت بطلوع الروح وكل عدة أشهر وألان محرومة تماما من مشاهدتهم ، أما الطلاق فعجزت بكل الوسائل على نيله ".
. وتضيف لولا الوحدة القانونية بمركز صحة المرأة التي رافقت معاناتي منذ سنوات وعملت ما بوسعها لحل مشكلتي لما تمكنت من رفع اى قضية لاننى لا املك مصاريف ورسوم القضايا والمحامي.
واختمت حديثها بالقول: إن القانون والمجتمع قد حكما علي بالإعدام ،واصفة وضعها بأنه أشبه بالبيت الوقف ،موضحة أنها دخلت بغيبوبة عن الحياة، لأنها افتقدت حريتها في أن تعيش حياتها كامرأة، أو حتى كمطلقة، بل صارت بين هذا وذاك، وكلما امتدت الأيام وتناقصت سنو عمرها تضاءل نصيبها في هذه الحياة.
معلقة ببيت الزوجية
(أ.ع) في بداية العقد الرابع من عمرها إلا إن الهم والغم وقسوة الحياة جعلها تبدو اكبر من ذلك بكثير ،فمعاناتها قد تجدها وان اختلفت التفاصيل في العديد من من البيوت الغزية ، فقد هجرها زوجها منذ عشر سنوات ،ليتزوج من أخرى ، تاركها وأولادها الخمسة يواجهون مصيرهم في الحياة دون نفقة ،وعرضه لمضايقات اهله الطامعين ببيت ابنهم ،فرغم القسوة ارتضت أن تعيش معلقة رافضة طلب الطلاق حتى يتسنى لها
العيش بكنف أولادها ، حكت لنا بدموع الأم الطيبة تجربتها القاسية بالمحاكم ، فقالت " اهلى تخلو عنى ولم أجد احد يرافقني للذهاب للمحكمة او يساعدني بدفع مستحقات المحامى ، لهذا لجأت للوحدة القانونية هنا بمركز صحة المرأة لترفع لى قضية نفقة على زوجي ،ورغم إتباع كل الوسائل القانونية منذ عشر سنوات ،الا ان مراوغة زوجى وتغيير مسكنه من وقت لاخر ،واستلام زوجته البلاغ عنه عند الاستدلال على مسكنه ، حال دون إصدار اى حكم ضده ،وأخيرا سافر الى مصر وتركني معلقة بين السماء والأرض .
وأوضحت أن المرأة المعلقة في غزة لا تلاقى اى رعاية مادية من الجهات الحكومية ،فوزارة الشؤون الاجتماعية لا تعترف بالمعلقات وترفض شملهم ببرامج الرعاية والمساعدات مثل المطلقات .
رأى القانون : .
وتقول المحامية عبلة ابو جميزة من وحدة التدخل القانوني بمركز صحة المرأة بالبريج :" ان الوحدة القانونية رغم أنها نجحت على مدار سنوات بحل العديد من القضايا سواء بالتدخل القضائي او بالتدخل السلمي عن طريق وحدة تدخل الرجل التابعة للمركز ، إلا أنها أيضا وقفت عاجزة عن حل بعض القضايا والتي وصفتها بالمستعصية مرجعة السبب في ذلك إلى وجود فجوة بين النظرية والتطبيق في القوانين الفلسطينية ،وعدم الاهتمام و الجدية من قبل الأجهزة التنفيذية بتنفيذ أحكام القضاء في قضايا الأحوال الشخصية غلى غرار القضايا الجنائية .
بعد الاقتراب من بعض الحالات والتعرف على معاناتهن ومدى ألمهن بسبب حرمانهن من حقوقهن الطبيعية التقينا مدير مركز صحة المرأة بالبريج فريال ثابت للتعرّف على الخطوات التي قام المركز باتخاذها من أجل مساعدة هؤلاء النساء،. وحول هذا الموضوع تحدثت قائلة:" نقوم بالتواصل مع الحالات المختلفة ونقوم بدراسة كل حالة على حدي للتعرف على احتياجاتها والعمل على مساعدتها نفسيا واجتماعيا للحصول على وضع أفضل ، ونحولها إلى الوحدة القانونية من أجل تقديم الاستشارات القانونية وعلى الأخص النساء غير القادرات على توكيل محام من أجل الحصول على المخارج القانونية المناسبة لكل حالة ،ونستمر في تقديم الخدمة حتى لو ظلت القضية لسنوات حتى تنال حقوقها المهدورة،والتي تصب في إطار حملاتنا وبرامجنا المستمرة لمناهضة العنف ضد المرأة الفلسطينية ورفع العنف الواقع عليها اجتماعيا .
وعن مركز صحة المرأة وأهدافه أوضحت ثابت ان المركز يهدف الى تحسين الصحة الإنجابية والنفسية للمرأة من ناحية صحية و اجتماعية ونفسية وقانونية ورياضية وتوعيتهن بحقوقهن وتمكينهن للقيام بدور فعال في المجتمع.
ألاف القصص الموجعة تنام عليها سجلات المحاكم ،وبدل أن ينصفهم القانون من قهر الرجل وقسوة المجتمع زاد من معاناتهن وقهرهن وحكم عليهن بالإعدام.
والسؤال الذي يبحث منذ زمن عن جواب ، من ينصف المرأة في مجتمع يعتقد أن الحق دائما مع الرجل ، وأن المرأة " العورة " مالها إلا بيت أبيها أو بيت زوجها أو القبر ؟!!
"مائة أمير ما بطلق زوجة فقير" بهذا المثل الشعبي ،والذي يدلل على القوة والحصانة التي منحها القانون والمجتمع للرجل ،بدأ أبو محمد حديث متفاخرا أمام جمع من الناس بقدراته على إذلال زوجته بتركها معلقة لعقد من الزمان ،ومتباهيا بقدراته على التحايل على القانون مستغلا ثغراته، معلنا أمامهم انتصاره التاريخي بإصابة زوجته بمرض نفسي بعد أن عجزت كل الوسائل القانونية والعرفية أن ترد لها حريتها المسلوبة
بين ظلم الرجل وقسوة المجتمع والأهل وعجز القوانين تعج المحاكم الشرعية بغزة بقضايا تعليق الزوجات ،وقضايا الطلاق ،والنفقة ،والحضانة ... الخ ،والتي تصدر في معظمها أحكام لصالح الزوجة بعد جولات من المراوغة من قبل الزوج قد تستمر لسنوات ، إلا أن عجز القوانين عن التنفيذ وإلزام الرجل يجعلها مجرد حبر على ورق .
وحدة التدخل القانوني بمركز صحة المرأة .
بعد أن عجزنا عن مقابلة بعض الحالات في المحاكم لسبب أو لأخر ، وجدنا ضالتنا بمركز صحة المرأة بالبريج التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر ،الذي انشأ وحدة للتدخل القانوني منذ سنوات لمساعدة النساء المهمشات قانونيا ، ابتداءا ًمن تقديم الاستشارة القانونية والتدخل لحل النزعات سلميا ،مرورا بتوعيتهن بحقوقهن من خلال ورش ودورات تدريبية، وانتهاءاً بتمثيلهن قضائيا في المحاكم مجانا ،وجاء اللقاء ضمن أنشطة حملة مناهضة العنف ضد النساء الممول من صندوق الأمم المتحدة للسكان والاتحاد الأوروبي.
ظلم وتعسف
(أ.ع ) في منتصف العقد الثالث من عمرها حدثتنا عن معاناتها المستمرة منذ سبع سنوات ،فقالت بصوت مخنوق :" لم اعش طفولتي فقد تزوجت أول مرة وأنا بعمر الرابعة عشر من احد اقربائى لأطلق منه بعد4 سنوات عشت
خلالهما ظروف قاسية، وخرجت من تلك التجربة بولد عجزت أن ألزم والده بالنفقة عليه ، وبعد سنوات تزوجت من رجل أخر كان وقتها مطلق ،وبعد فترة من زواجنا رزقني الله خلالها بولدين وبنت أعاد زوجته
الأولى ، التي اشترطت عليه أن يهجرني ، وبالفعل قام بطردي و كنت وقتها حامل ،واخذ اولادى منى رغم اننى حاضنة ،ووضعت ابني الصغير في بيت اهلى ، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش في ساحات القضاء مرة من اجل النفقة ومستحقاتي وأخرى من اجل مشاهدة اولادى ، وأخرى من اجل الطلاق ورغم إصدار أحكام ملزمة في بعض القضايا بالنفقة وتحديد يوم للمشاهدة الأولاد ،إلا أن براعته بالمراوغة حالت دون تنفيذ تلك الإحكام ،فلم اخذ الا جزء بسيط من عفش البيت ،والتزم بالنفقة لعدة أشهر فقط ،أما مشاهدة اولادى كانت بطلوع الروح وكل عدة أشهر وألان محرومة تماما من مشاهدتهم ، أما الطلاق فعجزت بكل الوسائل على نيله ".
. وتضيف لولا الوحدة القانونية بمركز صحة المرأة التي رافقت معاناتي منذ سنوات وعملت ما بوسعها لحل مشكلتي لما تمكنت من رفع اى قضية لاننى لا املك مصاريف ورسوم القضايا والمحامي.
واختمت حديثها بالقول: إن القانون والمجتمع قد حكما علي بالإعدام ،واصفة وضعها بأنه أشبه بالبيت الوقف ،موضحة أنها دخلت بغيبوبة عن الحياة، لأنها افتقدت حريتها في أن تعيش حياتها كامرأة، أو حتى كمطلقة، بل صارت بين هذا وذاك، وكلما امتدت الأيام وتناقصت سنو عمرها تضاءل نصيبها في هذه الحياة.
معلقة ببيت الزوجية
(أ.ع) في بداية العقد الرابع من عمرها إلا إن الهم والغم وقسوة الحياة جعلها تبدو اكبر من ذلك بكثير ،فمعاناتها قد تجدها وان اختلفت التفاصيل في العديد من من البيوت الغزية ، فقد هجرها زوجها منذ عشر سنوات ،ليتزوج من أخرى ، تاركها وأولادها الخمسة يواجهون مصيرهم في الحياة دون نفقة ،وعرضه لمضايقات اهله الطامعين ببيت ابنهم ،فرغم القسوة ارتضت أن تعيش معلقة رافضة طلب الطلاق حتى يتسنى لها
العيش بكنف أولادها ، حكت لنا بدموع الأم الطيبة تجربتها القاسية بالمحاكم ، فقالت " اهلى تخلو عنى ولم أجد احد يرافقني للذهاب للمحكمة او يساعدني بدفع مستحقات المحامى ، لهذا لجأت للوحدة القانونية هنا بمركز صحة المرأة لترفع لى قضية نفقة على زوجي ،ورغم إتباع كل الوسائل القانونية منذ عشر سنوات ،الا ان مراوغة زوجى وتغيير مسكنه من وقت لاخر ،واستلام زوجته البلاغ عنه عند الاستدلال على مسكنه ، حال دون إصدار اى حكم ضده ،وأخيرا سافر الى مصر وتركني معلقة بين السماء والأرض .
وأوضحت أن المرأة المعلقة في غزة لا تلاقى اى رعاية مادية من الجهات الحكومية ،فوزارة الشؤون الاجتماعية لا تعترف بالمعلقات وترفض شملهم ببرامج الرعاية والمساعدات مثل المطلقات .
رأى القانون : .
وتقول المحامية عبلة ابو جميزة من وحدة التدخل القانوني بمركز صحة المرأة بالبريج :" ان الوحدة القانونية رغم أنها نجحت على مدار سنوات بحل العديد من القضايا سواء بالتدخل القضائي او بالتدخل السلمي عن طريق وحدة تدخل الرجل التابعة للمركز ، إلا أنها أيضا وقفت عاجزة عن حل بعض القضايا والتي وصفتها بالمستعصية مرجعة السبب في ذلك إلى وجود فجوة بين النظرية والتطبيق في القوانين الفلسطينية ،وعدم الاهتمام و الجدية من قبل الأجهزة التنفيذية بتنفيذ أحكام القضاء في قضايا الأحوال الشخصية غلى غرار القضايا الجنائية .
بعد الاقتراب من بعض الحالات والتعرف على معاناتهن ومدى ألمهن بسبب حرمانهن من حقوقهن الطبيعية التقينا مدير مركز صحة المرأة بالبريج فريال ثابت للتعرّف على الخطوات التي قام المركز باتخاذها من أجل مساعدة هؤلاء النساء،. وحول هذا الموضوع تحدثت قائلة:" نقوم بالتواصل مع الحالات المختلفة ونقوم بدراسة كل حالة على حدي للتعرف على احتياجاتها والعمل على مساعدتها نفسيا واجتماعيا للحصول على وضع أفضل ، ونحولها إلى الوحدة القانونية من أجل تقديم الاستشارات القانونية وعلى الأخص النساء غير القادرات على توكيل محام من أجل الحصول على المخارج القانونية المناسبة لكل حالة ،ونستمر في تقديم الخدمة حتى لو ظلت القضية لسنوات حتى تنال حقوقها المهدورة،والتي تصب في إطار حملاتنا وبرامجنا المستمرة لمناهضة العنف ضد المرأة الفلسطينية ورفع العنف الواقع عليها اجتماعيا .
وعن مركز صحة المرأة وأهدافه أوضحت ثابت ان المركز يهدف الى تحسين الصحة الإنجابية والنفسية للمرأة من ناحية صحية و اجتماعية ونفسية وقانونية ورياضية وتوعيتهن بحقوقهن وتمكينهن للقيام بدور فعال في المجتمع.
ألاف القصص الموجعة تنام عليها سجلات المحاكم ،وبدل أن ينصفهم القانون من قهر الرجل وقسوة المجتمع زاد من معاناتهن وقهرهن وحكم عليهن بالإعدام.
والسؤال الذي يبحث منذ زمن عن جواب ، من ينصف المرأة في مجتمع يعتقد أن الحق دائما مع الرجل ، وأن المرأة " العورة " مالها إلا بيت أبيها أو بيت زوجها أو القبر ؟!!