مؤسسة محمود عباس... بارقة أمل وطوق نجاة
وسام يونس
تظهر النتائج الرسمية لنتائج امتحانات الشهادات الرسمية اللبنانية تفوقا واضحا في أوساط الطلبة الفلسطينيين رغم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تعانيها معظم العائلات الفلسطينية في لبنان.
وتشكل مسألة التحاق الطالب الفلسطيني بالجامعات اللبنانية هاجسا لدى الكثير من أبناء شعبنا وسط عوامل عدة تجبرهم على ترك الدراسة، وبالتالي تحطم أحلامهم على صخرة الواقع المؤلم والمرير.
منذ العام 2010 عاد الأمل للكثير من الطلبة الفلسطينيين في لبنان وذلك فور إنشاء صندوق الرئيس محمود عباس للطالب الفلسطيني في لبنان. الطلبة وجدوا في الصندوق بارقة أمل وطوق نجاة يعبرون من خلاله المرحلة الأكاديمية انسجاما مع تطلعاتهم وأحلامهم المشروعة وحقهم في التعليم.
مدير مؤسسة محمود عباس في لبنان والمستشار الثقافي في سفارة فلسطين ماهر مشيعل، يعزو سبب تأسيس صندوق الرئيس الى الحالة الاقتصادية الصعبة لشعبنا في لبنان ورفع مستوى التحصيل العلمي الجامعي نتيجة لصعوبة التحاق الطلبة في لبنان بالمنح الخارجية نظرا للتكاليف العالية التي سيتحملونها من مصاريف شخصية وإقامة في البلد المضيف.
يشير مشيعل إلى أن أكثر من 4000 طالب فلسطيني استفادوا من مساعدات الصندوق منذ إنشائه ولغاية انتهاء العام الدراسي 2015-2016، تخرج منهم حوالي 1200 طالب، كما تم صرف ما يقارب 17 مليون دولار أميركي كمساعدات في السنوات الخمس الأولى من عمل الصندوق.
وفي هذا السياق يقول مشيعل إن الأموال التي يستفيد منها الطلبة تذهب مباشرة الى حساباتهم الشخصية في الجامعات دون المرور بأي وسيط تطبيقا لسياسة الشفافية المطلقة المطبقة في أنظمة وقوانين المؤسسة.
ويلفت ايضا إلى أن إحدى المؤسسات المالية تدقق سنويا وبالتنسيق مع الجامعات بشكل مباشر على الأموال المحولة للجامعات وكيفية صرفها للطلاب.
تقول مريم عزية التي درست الفيزياء في جامعة بيروت العربية "تصادف موعد التحاقي أنا وشقيقتي بالمرحلة الجامعية، وتعرضت لضغوط كبيرة بسبب معرفتي بالوضع الاقتصادي لعائلتي. فوالدي غير قادر على تحمل نفقات ابنتين في المرحلة الجامعية. وكنت بدأت أفقد الامل مما قد يترتب على ذلك من امكانية عدم التحاقي بالجامعة."
مريم تعتبر أن أحد أهم الاخبار التي تلقتها في حياتها هو تأسيس صندوق الرئيس محمود عباس لمساعدة الطلبة الفلسطينيين في لبنان. وتضيف "شعرت بفرحة كبيرة عند سماعي الخبر وأن حلمي في متابعة تحصيلي العلمي لم يتبخر، التحقت بالجامعة ودرست مادة الفيزياء وكنت جدا مثابرة حتى اتمكن من الاستفادة من المساعدة".
مريم تعمل الآن مدرسة لمادة الفيزياء في إحدى مدارس مخيم عين الحلوة وبدأت تحصد ما زرعته خلال السنوات الماضية من جد وتعب، مؤكدة أن حياتها شهدت منعطفا مهما جدا غيّرها للأفضل.
من جهته يعتقد طه يونس من مخيم برج البراجنة أن المساعدة المقدمة من مؤسسة محمود عباس ايجابية جدا في ظل الاوضاع الفلسطينية الصعبة التي يعانيها أبناء شعبنا في لبنان. ويجزم بان الفكرة بحد ذاتها بناءة وساعدت الطلبة الفلسطينيين على متابعة تحصيلهم العلمي وخففت الضغط عن الأهالي في تأمين مبالغ كانوا سيشقون كثيرا في سبيل تحصيلها.
طه الذي درس الاعلام في جامعة بيروت العربية يرى أنه يجب تعميم هذه التجربة الرائدة، مشيرا إلى ان من أهم ميزات المؤسسة أنها لم تفرق بين أحد من ابناء الشعب الفلسطيني في لبنان ولم تضع معايير فصائلية او حزبية ضيقة كشروط للحصول على المساعدة، معتبرا ذلك من أسباب نجاح المؤسسة حتى يومنا هذا.
بدورها تقول مارن المصري حول تجربتها "كان إخوتي الاثنين قد بدؤوا تحصيلهم الجامعي قبل سنتين من موعد التحاقي بالجامعة. وكان والدي يبحث عن وسيلة لتأمين دخولي إلى الجامعة ومتابعتي لتحصيلي العلمي لأننا عائلة مؤمنة بالعلم وسيلة لتحقيق اهدافنا الوطنية وتحسين ظروف حياتنا. كان القلق والاحباط بدأ يتسلل إلى داخلي لأن مستقبلي كان على المحك وظروفنا الاقتصادية لا تسمح بتحمل النفقات الجامعية لثلاثة أفراد من نفس العائلة."
تؤكد مارن أن التغيير الافضل في مسيرتها التعليمية هو إنشاء صندوق الرئيس محمود عباس، وتشير الى حجم الضغوط التي أزيلت عن كاهلها بعد تقديمها طلب الحصول على المساعدة واخبارها انها ستستفيد من الصندوق للسنوات الأربع القادمة بشرط تحقيقها النجاح سنويا.
تعمل مارن حاليا مدرسة في احدى المدارس في مخيم البداوي وتأمل في ان تستمر المؤسسة في تقديم المساعدة لأبناء شعبنا الذي يطمح دائما الى تحسين ظروفه الحياتية الى الأفضل من خلال العلم والمعرفة.
عام 2013 وبعد إنشاء صندوق التكافل الأسري وصندوق التمكين الاقتصادي للمشاريع الصغيرة تم دمج الصندوقين مع صندوق الطالب ضمن مؤسسة محمود عباس؛ وهي جمعية غير ربحية تعنى بتحسين شؤون اللاجئين الفلسطينيين خاصة في المخيمات الفلسطينية في لبنان نظرا للظروف الاستثنائية التي يعيشونها بسبب عدم حصولهم على الحقوق الانسانية والاجتماعية لا سيما حق العمل.
وفي اطار تطوير عمل المؤسسة يلفت مشيعل الى انه تم انشاء موقع الكتروني للمؤسسة يمكن الطالب من تقديم طلبه على الشبكة العنكبوتية بشكل مباشر دون العودة الى مكتب المؤسسة في بيروت. هذا ويستطيع الطلبة تسليم الوثائق والثبوتيات الخاصة بهم في مراكز استحدثت مؤخرا خلال مدة استقبال الطلبات في كل من طرابلس وبيروت وصيدا وصور والبقاع.
كما شجعت المؤسسة خلال العام الماضي بتقديم حوافز للملتحقين بالمعاهد المهنية نظرا لسهولة ايجاد فرص عمل وفي وقت اسرع، بعد ان كانت المساعدة مقتصرة على الجامعات فقط.
حرص الرئيس محمود عباس على إيلاء أبناء شعبنا الفلسطيني في المخيمات الفلسطينية في لبنان كل الرعاية والاهتمام بأوضاعهم السياسية والاجتماعية والمعيشية، وينبع هذا الحرص من المسؤولية الوطنية والإنسانية التي يتحملها تجاه عموم أبناء شعبنا الفلسطيني داخل الوطن، وفي مخيمات اللجوء والشتات.
جاءت مبادرة الرئيس الهادفة إلى توفير مساعدة دراسية لكل طالب فلسطيني مقيم في لبنان أنهى دراسته الثانوية، وحصل على قبول في إحدى الجامعات أو المعاهد اللبنانية، كحق لكل طالب فلسطيني في لبنان بالاستفادة من منح الصندوق ومساعدته بغض النظر عن انتمائه السياسي.
وتنفيذا لهذه المبادرة أصدر الرئيس بتاريخ 22/8/2010 مرسوما رئاسيا ينشئ بموجبه صندوقاً يسمى ‹‹صندوق الرئيس محمود عباس لمساعدة الطلبة الفلسطينيين في لبنان›› يتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة إدارياً ومالياً، ويكون مقره الدائم في مدينة القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، ويتخذ من مدينة رام الله المقر المؤقت، ويشكل له مجلس إدارة، وإدارة تنفيذية.