الانتخابات البلدية .. استحقاق وتطلع
كتب رئيس تحرير الحياة الجديدة
ثمة من يعتقد ولحسابات يراها موضوعية، ان اللحظة الراهنة، ولاعتبارات عدة، غير مناسبة لاجراء الانتخابات البلدية، فثمة مخاوف ان لا تكون نتائجها في صالح المشروع الوطني، وثمة مخاوف اخرى ألا تجري على نحو ديمقراطي نزيه، خاصة في المحافظات الجنوبية في قطاع غزة، لأن احتمال تزوير النتائج هناك شديد الواقعية، ولأسباب لا يمكن ان تخفى على احد، اللهم إلا الذين ما زالوا يريدون مناكفة الواقع والحقيقة، ولا يتركون لرجاحة العقل، على اقل تقدير، ان ترى ممارسات وسياسات سلطة الامر الواقع في غزة، الممارسات والسياسات التي لا علاقة لها بالديمقراطية، لا من قريب ولا من بعيد، بل لا علاقة لها بالواقع والتاريخ، واحدث دليل على ذلك ما قالته مسؤولة العمل النسائي في حركة حماس " رجاء حلبي " في قناة الجزيرة القطرية "ان الاسلام ظهر في غزة بالتزامن مع انشاء حركة حماس" ...!! ونستميح الامام الشافعي رحمه الله عذرا، الذي بات قبل الف عام تقريبا ثالث الأئمة الاربعة عند اهل السنة والجماعة، فلعل السيدة حلبي لم تقرأ تاريخ اهل غزة، الذي خرج الامام الشافعي من بينهم، وتخرج ابنا بارا وفقيها في علوم الدين، او لعلها لا تعترف به فلسطينيا غزيا، علما ان الفلسطينيين المسلمين جميعهم تقريبا من اتباع المذهب الشافعي، هذا يعني ان الاسلام ليس وطيدا في غزة ومنذ انتصار دعوته السمحاء فحسب، بل انه في غزة تفتح اكثر واكثر بعلوم الامام الشافعي اذ هو مؤسس علم اصول الفقه.
وعلى اية حال المخاوف اعلاه قد تكون حقيقية على هذا النحو او ذاك، لكن لا يمكن للمخاوف ان تكون وسيلة للمساومة على مبادئ الديمقراطية واستحقاقاتها وحياتها، ولا يمكن لها ان تصبح ذريعة لتعطيل الحياة الديمقراطية، رغم أن الانقسام المرير الذي ما زالت سلطة الامر الواقع في غزة، تعمل على تكريسه، قد عطل جانبا مهما من هذه الحياة، وهو يعرقل اتفاق المصالحة الوطنية، الذي يسعى لتنفيذ امثل واجدى لبنوده، باجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
ولأن حركة التحرر الوطني الفلسطيني، بمشروعها التحرري، لا تقبل المساومة على مباديء الديمقراطية واستحقاقاتها، ولا تسمح لمخاوف ان تقود حركتها وسياستها في هذا الاطار، فإنها مصممة تماما على اجراء الانتخابات البلدية، لا بل ان الرئيس ابو مازن وقد اجرى اجتماعات بالغة الاهمية خلال اليومين الماضيين مع العديد من المسؤولين والكوادر القيادية بشأن الانتخابات البلدية، قد اصدر تعليمات بالغة الوضوح والجدية، بضرورة واهمية توفير الهدوء خلال هذه الانتخابات، لتمكين المواطن من المشاركة بحرية من اجل افراز قيادات قادرة على خدمة المواطن الفلسطيني، وكانت حركة فتح عقب اجتماع لجنتها المركزية برئاسة الرئيس ابومازن قبل ايام، قد اعلنت حرصها على اجراء الانتخابات البلدية وانجاحها وعلى نحو ديمقراطي سليم، وكل هذا يعني ان حركة التحرر الوطني الفلسطيني، بقائدها الرئيس ابو مازن لا يمكن لها ان تساوم على مبادئ واستحقاقات الديمقراطية وحياتها، وهي لا ترى والاستحقاق بات ملزما، ان هناك لحظة يمكن ان تكون غير صالحة لاجراء هذه الانتخابات ايا كانت المخاوف والاعتبارات ... ذاهبون اذًا الى هذه الانتخابات، وسائرون في دروبها القانونية واجراءاتها الديمقراطية التي نرجوا ان لا يصيبها اي عوار يعطل المسير فيها، ذاهبون الى بلديات الخدمة الامثل لاجل حياة افضل للناس، فهذا ما يعزز مسيرة النضال الوطني المشروع في سبيل ازالة الاحتلال واقامة دولة فلسطين الحرة المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، ذاهبون الى الانتخابات البلدية ذاهبون.