الاحتلال قتل فرحة يرزة في ساعة
بسام أبو الرب
ما إن أنهى المواطن مخلص مساعيد مكالمة هاتفية وصلته للتو، للاستفسار عن مشروع المياه المرتقب والذي يعد بمثابة حلم لدى أهالي خربة يرزة شرق مدينة طوباس، حتى رن هاتفه مرة أخرى وأخرى، وليخبر الجميع أن مشروع المياه والعمل به لمدة أربعة شهور ضاع بساعة واحدة، بعد أن دمر الاحتلال خط المياه الرئيس.
أهالي يرزة استيقظوا صباح اليوم الاثنين على وقع جرافات الاحتلال، التي بدأت بتدمير خط المياه الذي يصل طوله لما يقارب 11 كم، والممتد من مدينة طوباس حتى مساكن الأهالي في الخربة شرقا.
يصمت مساعيد قليلا، وهو مسؤول لجنة المشاريع في يرزة، ويضع كفه على خدة وقد بدى عليه الحزن، ويقول "شغل أربعة شهور ضاع بساعة، كان المفروض أن تصل المياه اليوم الى الخربة، دمروه واستولوا على مئات الامتار منه".
انابيب المياه السوداء المطروحة وسط الطريق الواصل الى الخربة الذي شق قبل حوالي عشر سنوات، كأنها أفاعي تتلوى من طرف الى آخر، وتدوسها عجلات المركبات والجرارات التي تسلك الطريق، ولا جدوى منها بعد ان كانت شريان الحياة النابض.
أكثر من 13 عائلة تقطن الخربة في مساكن بنيت قبل العام 1967، من الحجارة والطين وسقفها من الواح الصفيح و"البوص"، تعتمد على الزراعة وتربية المواشي.
"الهدوء لا يعرفه أهالي خربة يرزة، مع وجود الاحتلال وسياسة الهدم التي طالت الكثير من المساكن والبركسات، وتشتد هذه المحن في فصل الشتاء، عدا عن التدريبات العسكرية في المنطقة " يضيف مساعيد.
ويؤكد أن أهالي الخربة يعانون من شح مصادر المياه في المنطقة، فهم يعتمدون بالدرجة الأولى على جلبها عبر صهاريج المياه التي تجرها الجرارات الزراعية من الآبار الارتوازية في بلدة طمون المجاورة التي تبعد أكثر من عشرة كيلومترات، وهذا مكلف جدا من حيث النقل.
ويشير مساعيد الى ان اكثر من 1400 رأس من الأغنام والأبقار يقتني المزارعون في خربة يرزة، وهي بحاجة للمياه، فيما يعتمد الاهالي على الزراعة البعلية لشح المياه.
على مدخل يرزة يمكن رؤية قطعان من الأغنام والماعز تعود أدراجها بعد أن قضت ساعات في المراعي القاحلة أصلا، فهي تعرف طريقا إلى بئر المياه الذي يقف عليه شاب في العقد الثالث من عمره، الذي ربط على رأسه "عصبة" علها تقيه حرارة شمس آب، وقد بدأ للتو بانتشال المياه لسقاية أغنامه.
فيما يحاول الكهل فوزي عنبوسي سقاية فرسه من حوض صغير، بناه بالقرب من خزان المياه، ويحلم أن يكون فصل الشتاء المقبل محملا بالأمطار، علها تملأ البئر الذي أصبح ضحلا وانخفض منسوب المياه فيه، وتسد الحاجة لسقاية المواشي وتخفف قليلا من معاناة نقل المياه.
مسكن عنبوسي الذي أحاطه بالصبار، وزرع عددا من أشجار الزيتون والتين أمامه وخلفه، يعتبره مملكته وقصره الذي ولد وتربى فيه.
حال أهالي خربة يزرة لا يختلف عن باقي القرى والبلدات خاصة في منطقة الأغوار الفلسطينية، المستهدفة من قبل قوات الاحتلال التي تحاول اقتلاع السكان من أراضيهم، من خلال سياسة الهدم والمصادرة والسيطرة على مصادر المياه التي أصبح يتمتع بها المستوطنون على حساب الفلسطينيين.