علاج بالموسيقى
زهران معالي
تعالت أصوات الموسيقى وصدحت حناجر مجموعة من الشبان بالأغاني الشعبية الفلسطينية، داخل الممرات وغرف المرضى في قسم السرطان بمستشفى الوطني في مدينة نابلس، كنوع جديد من العلاج.
العلاج بالموسيقى برنامج أطلقه مركز الطفل الثقافي التابع لبلدية نابلس بالتعاون مع جمعية الكتاب المقدس؛ بهدف التخفيف عن المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، كالسرطان والثلاسيميا والكلى.
وارتبطت الموسيقى بالنفس البشرية منذ القدم، حيث ارتبطت بالمعابد في الحضارات القديمة كاليونانية والفرعونية والبابلية وغيرها، فاعتبرها اليونانيون ضرورية للحفاظ على العقل والجسد، وتعمل على شفاء الأمراض الوظيفية والعضوية.
وتظهر دراسات عديدة في الحضارة العربية أن كبار الأطباء كالرازي وابن سينا اهتموا بالموسيقى واستخدموها في المشافي وأفردوا لها العديد من الكتب، مثل كتاب "الشفاء" لابن سينا، وهو خلاصة مع جاء في موسيقى الشفاء.
يقول منسق البرامج في جمعية الكتاب المقدس جابي سعادة، إن البرنامج جاء نتيجة الاحتياجات بالمستشفيات لمثل تلك البرامج، فالمرضى يعانون من الانتظار طويلا خلال جلسات العلاج.
ويضيف، "أردنا مشاركتهم بجزء بسيط من ساعات الانتظار لكسر الروتين، وخلق جو وإشعارهم بأن الجميع معهم، ولكسر الملل والتخفيف عنهم وتنشيطهم".
ويوضح أن البرنامج الذي انطلق منذ شهرين في مستشفيات نابلس، لاقى قبولا كبيرا من قبل المرضى والمرافقين وإدارات تلك المستشفيات، حيث طبق في عدة أقسام بمستشفيي النجاح والاتحاد.
كان منشغلا مع أحد الأطفال الذين يعانون من مرض السرطان، تداعب أصابعه العود على أنغام "علّي الكوفية"، تحدث أستاذ الموسيقى بمركز الطفل الثقافي حبيب الديك لـ"وفا": في أغلب دول العالم اليوم تستخدم الموسيقى في العلاج وأصبح علما يدرس".
ويضيف الديك، إن البرنامج الحالي جاء كتجربة لقياس نجاح الفكرة، مؤكدا الاستمرار بتطبيقه نتيجة النجاح الذي حققه، وأن البرنامج لأول مرة في فلسطين فقط بمستشفيات نابلس، آملا أن يعمم في باقي المحافظات.
وعلى أحد أسرة الشفاء، كانت ترقد ميسون يونس التي تعاني من الشلل ومرض السرطان منذ سنتين، تصفق بكفيها تردد بعض الأغاني التي صدحت بها أصوات المجموعة بالغرفة.
تقول يونس لـ"وفا": الفكرة جميلة تخفف التوتر والأعصاب، وتنشر جوا من الفرح وسط الآلام، داعية لتطبيق برامج جديدة كالقصص المصورة للأطفال، أو إقامة غرف ألعاب خاصة بهم داخل المستشفيات تبث الراحة النفسية لهم ولذويهم.
وفي القرن العشرين عقب أهوال الحربين العالميتين الأولى والثانية، اعتاد الموسيقيون الذهاب إلى المستشفيات لعزف مقطوعات للمنكوبين من ضحايا الحروب الذين يعانون من الآلام الجسدية والنفسية، وقد لوحظت الراحة التي كانت تظهر على أولئك المرضى، لتتوالى الجهود، ويعلن عن إنشاء أول برنامج في العالم لمنح درجة علمية في العلاج بالموسيقى في جامعة ولاية ميتشيجان العام ،1944 لينتشر بعد ذلك هذا النوع من العلاج ويصبح علما مستقلا بذاته.
بدوره، رحب مدير عام المستشفى الوطني د. عبد الله الخطيب ببرنامج العلاج بالموسيقى، مؤكدا أهميته للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة ويترددون على العيادات بشكل دوري وطويل، وهم بحاجة لدعم نفسي.
وأشار إلى أن أصحاب الأمراض المزمنة يعانون من الملل والمعاناة لطبيعة أمراضهم، إلا أن العلاج بالموسيقى يخفف معاناتهم النفسية، مؤكدا أن الدراسات العلمية أكدت أهميته كما الحال في بريطانيا التي تستخدمه في عيادات أمراض القلب والأورام.
وأضاف الخطيب أن العلاج يكون ناجعا أكثر وشفاؤه أسرع في حال توفرت راحة المريض النفسية، داعيا لتعميم الفكرة على بقية المستشفيات في فلسطين.