غزة .. أحلام الخريجين تصطدم بمرارة الواقع
زكريا المدهون
قبل شهرين ذهبت محاولات شابين أضربا عن الطعام لتوفير عمل لهما أدراج الرياح، لكن محمود سلمان لم يفقد الأمل منذ تخرجه من احدى جامعات قطاع غزة قبل ثلاثة أعوام رغم مرارة وقساوة الواقع.
درس محمود (25 عاما) الجغرافيا في جامعة الأزهر بغزة، وحصل على معدل مرتفع (80%)، ومنذ ذلك الحين تراوده الاحلام بالحصول على وظيفة أو حتى على أية فرصة عمل تساعده على تأمين مستقبله الذي بات مجهولا في الشريط الساحلي الضيق.
"سجلت منذ تخرجي للحصول على فرصة معلم في الحكومة ووكالة الغوث الدولية "الأونروا" دون جدوى"، يقول محمود ذو الجسم النحيل.
طرق محمود حسب قوله أبواب المؤسسات والجمعيات الخاصة دون فائدة.
وصادف أمس الجمعة، "اليوم الدولي للشباب"، في وقت سجلت فيه تقارير محلية ودولية ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشبان الفلسطينيين.
في هذا الصدد، قال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني: "إن نسبة الشباب (15-29) سنة في فلسطين، تشكل 30% من إجمالي السكان، وأن ما يقارب 40% منهم يعانون البطالة.
وأشار محمود الى أنه منذ تخرجه لم يحظ بفرصة عمل حقيقية سوى عمله كمدرس لدى "الأونروا" على بند البطالة، لافتا الى أنه سجل هذا العام لامتحان التوظيف الخاص بالوكالة الدولية ونجح بتفوق وأجرى المقابلة الشخصية وهو بانتظار النتيجة.
وتخرج الجامعات في قطاع غزة سنويا آلاف الطلبة لينضموا الى جيش البطالة.
وأورد تقرير حديث للجهاز المركزي للإحصاء، بأن معدل البطالة بين الخريجين الشباب في فلسطين بلغ 51% خلال الربع الأول 2016.
وبين التقرير، "أن بيانات الربع الأول لعام 2016 أشارت إلى أن 41% من الشباب (15-29) سنة نشيطون اقتصاديا في فلسطين، بواقع 40% في الضفة الغربية و42% في قطاع غزة".
ويعاني سكان قطاع غزة (1.9 مليون نسمة) أوضاعا اقتصادية صعبة للغاية بسبب الحصار الاسرائيلي المفروض منذ عشر سنوات، حيث يبلغ عدد العاطلين عن العمل أكثر من 200 ألف فرد.
وجاء في تقرير صدر مؤخرا عن "الأونروا"، إن 80% من سكان قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الانسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
ورسمت المنظمة الدولية صورة سوداوية للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة، عندما قالت: "إن الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية في قطاع غزة قاسية للغاية، وتعتبر واحدة من أعلى معدلات البطالة في العالم".
وتعقيبا على ذلك، يقول الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، "إن نسبة البطالة في قطاع غزة قد بلغت 41.2%، وبلغ عدد العاطلين عن العمل ما يزيد عن 200 ألف خلال الربع الأول من العام الجاري، وتعتبر معدلات البطالة في قطاع غزة الأعلى عالميا".
وحذر الطباع في حديث لـ"وفا"، "من أن ما يزيد عن مليون شخص في قطاع غزة أصبحوا دون دخل يومي وهذا يشكل 60% من إجمالي عدد السكان, وهم يتلقون مساعدات إغاثية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وجهات محلية وعربية ودولية، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الفقر والفقر المدقع لتتجاوز 65%، كما ارتفعت نسبة انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة لتصل إلى 72%".
وشدد على أن الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عشر سنوات أدى إلى دمار البنية الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية، وأصبح حوالي مليوني شخص يعيشون في أكبر سجن بالعالم، داعيا الى رفع الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة وفتح جميع المعابر واستعادة الوحدة الوطنية من أجل التغلب على كل المشاكل التي يعانيها سكان القطاع وفي مقدمتها البطالة.
يشار الى أن اسرائيل شنت ثلاث حروب ضد قطاع غزة كانت اشرسها الحرب الاخيرة في عام 2014 أدت الى استشهاد وجرح الآلاف، اضافة الى تدمير آلاف المنازل والمصانع والورش وتدمير البنية التحتية ما فاقم الأوضاع الانسانية والاقتصادية.