"صاحب الامتياز"
بسام أبو الرب
بابتسامته المعهودة التي اعتادها الكثيرون منذ 30 عاما، يدخل البائع فائق عليوي (60 عاما)، إلى المحال التجارية والمطاعم في مدينة نابلس، لتوزيع البقدونس والنعنع، بعد إحضارها من أراضي جنين وطولكرم لميزتها الخاصة.
نهار عليوي يبدأ بعد أدائه صلاة الفجر، فيقود دراجته الهوائية حاملا عليها البقدونس والنعنع، يوزعها على زبائنه دون كلل أو ملل، لمدة ساعتين، قبل أن يرتاح ويعاود الكرّة بعد الساعة الواحد ظهر حتى الخامسة مساء.
150 كيسا من البقدونس والنعنع والكزبرة يجلبها عليوي، من أراضي جنين وطولكرم، يوزعها على زبائنه بشكل يومي.
نابلس التي وصفها شيخ الربوة الدمشقي أنها "قصر في بستان"، كانت مشهورة بساتين الرمان واللوز والخوخ والمشمش والدراق، والخضراوات والحمضيات المروية؛ إلا أنها انحسرت اليوم بسبب التمدد العمراني للمدينة، ولم يبق منها سوى القليل والاسم "منطقة البساتين".
الرقم "صفر" يعني لعليوي الكثير، يقول: "بدأت من الصفر، أوزع البقدونس والنعنع على الزبائن، ثم تطور العمل إلى أن أصبحت معروفا لدى أصحاب المحال التجارية والمطاعم، أمضيت 30 عاما وما زلت أمارس هذ العمل، الذي أعتاش منه، واستطعت بفضل الله تعليم أولادي؛ منهم من يحمل شهادة في التمريض، وأخرى في التحاليل الطبية والاقتصاد".
"صاحب الامتياز" لقب يفخر به عليوي، بعد أن منحته إياه مديرية الصحة لجودة بضائعه، ويعتبر نفسه زاهدا بالحياة، "لا أريد المنازل والمركبات، الأهم تربية الأولاد وتعليمهم، خاصة بعد وفاة والدتهم قبل أربع سنوات".
عليوي الذي اعتاد النوم عقب صلاة العشاء، يشعر بالفخر من عمله، خاصة عندما يتحدث أبناؤه الستة عن هذا العمل وكيف استطاع والدهم من خلاله تعليمهم وتأمين حياة كريمة لهم.
عليوي أدى فريضة الحج مرتين، والعمرة 18 مرة، لكنه لم ينس المرة الأولى، التي دخل فيها الى بيت الله الحرام في مكة.
"صاحب الامتياز" الذي ولد عام 1954 لا يتذكر من طفولته سوى العمل في مهن متعددة، فهو لم يكمل دراسته الثانوية، وعمل في البناء أبان انتفاضة الحجارة عام 1987، وانتقل الى العمل في كي الملابس، حتى أصبح بائعا للبقدونس، إلى جانب عمله مرشدا بإحدى شركات الحج والعمرة في مدينة نابلس.
ـــ