حظرته القوانين.. وأجازه الاحتلال
رشا حرزالله
لم يكتف الاحتلال بتكبيد عائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين ألم وحسرة فراق أبنائهم، بل زاد على ذلك بتشتيت شملهم بعد تسويه منازلهم بالأرض هدما وتفجيرا، في محاولة "ردع" يائسة لكسر إرادتهم الوطنية في مقاومة الاحتلال ودحره.
الاحتلال ورغم فشله المتكرر في كل مرة يُقدم فيها على هدم منازل أسر الشهداء والأسرى، إلا أن آلياته لا زالت تجرب "حظها المتعثر" في محاولة ثنيهم عن المقاومة، وهو ما أجازته القوانين الدولية ذات الصلة.
ومنذ بداية "الهبة الشعبية"، مطلع تشرين الأول العام المنصرم، هدم الاحتلال 47 منزلا في محافظات نابلس، وجنين، ورام الله، وقلقيلية، والقدس، والخليل في الضفة الغربية.
مدينتا القدس والخليل، احتلتا النصيب الأكبر من عمليات الهدم، حيث بلغ عدد المنازل التي تم هدمها في المدينتين 30 منزلا بواقع 15 منزلا لكل منهما.
منسقة البحث الميداني في برنامج حقوق الإنسان المركز هبة الوحوش، تقول إن عمليات الهدم أدت إلى تضرر 54 منزلا بشكل جزئي نتيجة التفجيرات، خاصة داخل المخيمات نتيجة لتلاصق المنازل بعضها ببعض، ما أدى إلى تشريد 230 مواطنا، بينهم 80 طفلا.
ويعمد الاحتلال إلى استخدام أسلوب العقاب الجماعي تجاه الفلسطينيين، رغم ورود نصوص صريحة وواضحة في الاتفاقيات والقوانين الدولية، تجرم هذه السياسة، أبرزها اتفاقية جنيف الرابعة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقيات العرفية الخاصة باحترام قوانين الحرب.
ويؤكد أمين عام الهيئة الاسلامية المسيحية، حنا عيسى لـ"وفا"، ان المواد القانونية التي وردت في اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، تحظر تدمير الممتلكات العامة والخاصة، حيث تشير المادة "53" من الاتفاقية أنه: "يحظر على دولة الاحتلال الحربي، أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة، تتعلق بأفراد أو جماعات أو بالدولة، أو السلطات العامة أو المنظمات الاجتماعية أو القانونية".
ويضيف، أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 في مادته السابعة، التي تنص على أنه :"لا يجوز لأي شخص أن يحرم من ممتلكاته بشكل تعسفي تحت أي ظرف"، كما أن قرار مجلس الأمن "1544" لعام 2004 دعا الاحتلال إلى احترام القانون الدولي والإنساني والتوقف عن هدم منازل وممتلكات المواطنين، لكن الاحتلال يخرق هذه الاتفاقيات يوميا، دون ردع أو محاسبة.
كذلك حظرت الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية في لاهاي لعام 1907، في مادتها الـ"23" على القوة المحتلة تدمير الممتلكات أو حظرها.
ويوضح عيسى أنه لا يمكن تفسير أعمال تدمير منازل المواطنين، سوى أنها تدخل في إطار العقوبات الجماعية والأعمال الانتقامية ضد المدنيين التي تحظرها الاتفاقية ذاتها في مادتها "33"، والتي تقول إنه لا يجوز معاقبة أي شخص على مخالفة لم يقترفها هو شخصيا".
ويشير إلى أن الاحتلال دمر منذ عام1967، حتى شباط 2011، نحو 23.100 منزلا في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة.
كما دمر منذ مطلع العام الحالي ولغاية 31 تموز168 منزلا ومنشأة، بما في ذلك القدس المحتلة، فيما بلغ عدد المدنيين المهجرين من منازلهم ما بين عامي 2006- 2016، سته آلاف مواطن، بينهم 2602 قاصرا.
ويختتم عيسى قوله بأنه يحق للمواطنين الذين تضرروا بفعل إجراءات الاحتلال، التوجه بأسمائهم الشخصية إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، لرفع قضايا ضد الاحتلال، استنادا لنصوص وردت في نظام روما لعام 1998، ومطالبة النائب العام في المحكمة بتحريك القضية.
ووثق مركز أبحاث الأراضي هدم الاحتلال 30 منزلا في كل من القدس المحتلة والخليل، و12 منزلا في محافظتي نابلس وجنين بواقع ستة منازل لكل محافظة، تليها محافظة رام الله التي بلغ عدد المنازل المدمرة فيها أربعة، بالإضافة إلى هدم منزل واحد في قلقيلية.