ايطالية في مضارب الخان..
جيفارا سمارة
على خطى القديسة "انا السائحة" التي يروى عنها هجرانها لملك اآبائها، وتسللها حافية القدمين من القصر منتصف الليل إلى البرية لتقديم العون للفقراء، تسير، آنا لويز، في دروب وعرة في بيداء القدس المحتلة لتقديم العون لأطفال مدرسة الخان الأحمر.
لويز الايطالية من مدينة ميلانو الأم والجدة ومعلمة الرياضيات، تطوعت ومنذ 8 سنوات للتضامن مع القضية الفلسطينية بدءا من المسيرات الأسبوعية المناهضة لجدار الضم والتوسع العنصري في بلعين، وكفر قدوم، والنبي صالح...، انتهاء بتركيز جهودها مؤخرا وعلى نفقتها الخاصة، على تقديم العون والمساعدة لأطفال البدو في منطقتي الخان الأحمر وتجمع وادي أبو هندي في القدس المحتلة، "لكونهم الأكثر عوزا" كما تصف.
لويز التي نظمت قبل يومين مباراة لكرة القدم جمعت تلاميذ الخان مع أبو هندي كنشاط ترفيهي، سبقها بأيام رحلة إلى مدينة الملاهي المائية في أريحا على نفقتها، ترى أن هذا لا يكفي لدعم صمود الفلسطينيين في أرضهم، خاصة في محافظة القدس التي يتهددها الاستيطان بالزحف والتوسع اليومي.
ورغم متابعتها عن كثب لقضية تهديد حكومة الاحتلال بإغلاق المدرسة الأساسية تمهيدا لهدمها، إلا أنها كانت متلهفة لدى رؤية الصحفيين للاطلاع منهم على أي جديد، قد يمنع ما تصفه بالمأساة الإنسانية التي ستحرم الأطفال في المناطق المهمشة من أدنى حقوق الإنسان بالتعليم.
الايطالية "الشقراء" التي لم تختبر من انتهاكات الاحتلال إلا القليل، تجزم بأن الذرائع التي ساقها رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو، لسفير بلادها (الجهة التي بنت المدرسة)، هي مجرد خداع وأكاذيب، معيبة الصمت الدولي والعربي حيال استمرار جرائم الصهيونية، بمحو تراث إنساني يعني البشر جميعا وليس أتباع الديانات السماوية الثلاث فقط.
وتعد لويز التي تلبس عقدا يحمل شخصية حنظلة التي رسمها ناجي العلي، الذي تحول رمزاً للهوية الفلسطينية، بعد أن هجره الاحتلال من فلسطين، والذي يدير ظهره لصمت العالم، مرتديا ملابس مرقعة وحافي القدمين كحال عدة أطفال في مدرسة الخان الأحمر، تعد بمواصلة مساندتها لأطفال فلسطين المحرومين من طفولتهم.
وتضم المدرسة الأساسية التي بنيت في عام 2009 باستخدام إطارات السيارات القديمة بعد تجميعها معا باستخدام الطين، 179 طالبا من عرب الجهالين الذين هجروا من أراضيهم في الداخل المحتل عام 1951 لرفضهم الخدمة في جيش الاحتلال.
ويسعى الاحتلال الإسرائيلي ومنذ عام 2010 لهدم المدرسة التي بنيت من جمعية "فينتو دي تيرا" الخيرية الايطالية، تنفيذا لمخططاته التهجيرية الهادفة لإخلاء بادية القدس المحتلة من أي تواجد لأصحاب الأرض .
وفيما تشير أرقام مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "اوتشا"، الى ما وصفه بـ"الارتفاع الحاد في عمليات الهدم في الضفة الغربية في عام 2016 مقارنة بالعام المنصرم، ومحاصرة الاحتلال لمنظمات الإغاثة المحلية والدولية التي تساعد الأسر المهجرة بعد هدم بيوتها، وفرضها قيودا على عملها".
ويشير تقرير صادر عن مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن قوات الاحتلال هدمت ما يقارب (478) منزلاً ومنشأة خلال العام 2015 في محافظات الضفة الغربية والقدس المحتلة.