الحاج أبو ناصر.. 60 عاما في تصليح الدراجات الهوائية
رام الله- وفا- داخل محل صغير في بلدة بيرزيت شمال رام الله، يجلس الحاج خليل عمر "أبو ناصر" (79 عاما) على الأرض ممسكا بدراجة هوائية معطلة وصلته للتو لإصلاحها، وبعد أن ينتهي من إصلاحها يقودها في شوارع البلدة كاختبار لمدى جاهزيتها لتسليمها للزبون.
داخل المحل توجد عدة دراجات هوائية معطلة، ودواليب علقت في السقف، وأسلاك وهي من لوازم العمل، إضافة إلى كافة أدوات التصليح الموضوعة في علب مرتبة داخل طاولة قديمة.
أكثر من 60 عاما قضاها الحاج أبو ناصر في "عمل جراحة" للدراجات الهوائية" كما يسميها، حيث يجد فيها ذكرياته التي خطها على جدران محله، من يراه يتوقع أنه لا يقوى على العمل، خاصة أنه في أواخر السبعينات، لكن حين يبدأ بالتصليح لا يظهر عليه أنه كبير في السن، حيث يتنقل بسهولة بين زوايا محله، ويقوم باجراءات التصليح بسرعة كبرى، وما أن ينتهي حتى ينتقل لـ"بسكليت" آخر.
ويشير إلى أنه يستيقظ كل يوم باكرا، يجهز نفسه، ويذهب لعمله راكبا دراجته الهوائية، وفي الخلف كرسي وضع عليها "كرتونة" تضم أكله وشربه، تكفيه لحين عودته للمنزل مع وقت الغروب.
ويتابع: "أجد في العمل راحة كبرى، لم أمل يوما منه، ولم أجد صعوبة في تصليح أي دراجة بحكم الخبرة فيه، بفضل الله عملي مريح، لا فرق بيني وبين أي شاب، وممكن أن أعمل أفضل من أي شخص".
ويقول: "كان العمل في الماضي قليلا جدا بسبب الفقر، وقلة المالكين للدراجات، وكنت أمتلك دراجات هوائية أعمل على تأجيرها، مقابل سعر معين، أما اليوم فلا تجد منزلا الا وفيه دراجة هوائية، ولا يخلو يوم الا وأقوم بتصليح دراجة أو اثنتين".
ويرى أبو ناصر أن تصليح الدراجات في الماضي أفضل بكثير من هذه الأيام، رغم قلتها مقارنة باليوم، وذلك لبساطة الحياة وقتها، أما حاليا فالعمل أكثر لكن الالتزامات كبيرة، والحياة المعيشية مكلفة جدا.
وتطرق أبو ناصر إلى المشاكل والصعوبات التي تواجهه في عمله، قائلا: "الأولاد كثيرو غلبة، أقوم بعمل صيانة للدراجة، وما أن تمضي بضع ساعات حتى يعودوا ليخبروني بأن المشكلة تكررت أو حصل خلل آخر، ومع ذلك أقوم بتصليحها مرة أخرى، اضافة الى أن البعض لا يلتزم بالدفع، حيث يقوم بدفع جزء من المبلغ ولا يعود، ومع ذلك لا يدخل أي زبون المحل الا ويخرج سعيدا".
واختتم الحاج أبو ناصر "أمضيت أكثر من ستين عاما من حياتي هنا، حيث ذكرياتي، واحزاني، وافراحي، ليس من السهل أن أترك هذا العمل في يوم وليلة".