لن نشتاق لنتنياهو
هآرتس– كارولينا ليندسمان
الحياة الجديدة- "نتنياهو هنا ليبقى"، أجمل جدعون ليفي اللقاء الذي عقد هذا الاسبوع بين بنيامين نتنياهو واعضاء أسرة "هآرتس"، واضاف: "في ضوء المرشحين لاستبداله، نحن لا بد سنشتاق اليه" ("هآرتس" 18/8) وهكذا أخذ ليفي على عاتقه المهمة التي كلف بها نتنياهو "هآرتس"، إذ ليس هناك مثل اليسار لتصفية البدائل السياسية. سطحيا لا يعفي ليفي نتنياهو من سوطه، ولكنه يفعل ذلك باعجاب عظيم بعظمته، لدرجة أن توصيفاته تشهد عليه اكثر مما تشهد على نتنياهو. بل ان ليفي يقدم لهذا تفسيرا: "انا افضل الايديولوجيين المتصلبين على المتهكمين العليلين". ايديولوجيون متصلبون مثل من، مثلا، ستالين؟ لينين؟
هذا المنطق المريض معروف حتى التعب: يتم توسيع دائرة المسؤولية، فقط لاعفاء المذنبين الحقيقيين. وفي النهاية يتم الادعاء بان المجرمين هم كل اولئك الملايين الذين سكتوا ولم يفعلوا شيئا. بلا أي تلميح، حتى ولو كان طفيفا، بالتشبيه: هتلر على الأقل آمن بما يفعله؛ فاليهود يكنون احتراما عظيما لهتلر (وان كان مخلوطا بالخوف والكراهية). اما الاحتقار فموجه للاشخاص العاديين الذين "سمحوا بهتلر". هذه هي خلاصة قصة الكراهية بين ليفي و "الوسط". وعليه، فان القطبين في اسرائيل يلتقيان، يؤدي كل التحية لايديولوجيا الآخر، وفي الوسط بينهما تعلق أغلبية الشعب ومعه الامل بمستقبل عادي.
كلما لاحظ ليفي "ايديولوجيا" لدى نتنياهو، هكذا يتبلور لديه الاحتقار للمرشحين لاستبداله من الوسط. ماذا يضير ليفي في أنه خلاف للايديولوجيين المتصلبين الذين فعلوا بالضبط ما خططوا لفعله، ان يتمكن الناس العاديون من أن يكونوا شركاء في خطوة بناءة.
ان اللقاء "لغير الاقتباس" بين نتنياهو و"هآرتس" كان عرضا عابثا للحميمية، وكأنه قيل فيه أكثر مما يقوله نتنياهو بشكل عام وكأنه قيلت فيه اقوال تختلف عما هو معروف لكل من يتابع رئيس الوزراء. الحقيقة، السر الأكثر كتمانا في اللقاء هي أن نتنياهو لم يقل شيئا. وعليه فان اقوال ليفي مفاجئة مرتين. لم يكن في اقوال نتنياهو ولا بارقة ايديولوجيا، الا اذا كانت الشوفينية اليهودية هي ايديولوجيا في نظر ليفي.
نحن ملزمون لأن نتخلص مرة واحدة والى الابد من التفكير بانه لا يوجد بديل لنتنياهو. والادعاء بانه لا يوجد بديل لنتنياهو يساوي في قيمته التأييد له. نتنياهو معني بان نعتقد بان لي في اسرائيل بديل غير ذاك الذي يمثله هو، وحقيقة انه لا يوجد حاليا بديل محتمل لقيادته تشكل ايضا تجسيدا لانعدام البديل السياسي.
ولكن هذه كذبة. فليس مجرد لا يوجد بديل. يكفي أن نذكر ماذا كان مصير من حاول أن يقود اسرائيل في مسار سياسي بديل في اتفاقات اوسلو. فالبديل قتل مع اسحق رابين. يجب أن نذكر اوسلو. نعم، كانت عمليات قاسية جدا. ولكن الاهم من ذلك، الامل الحقيقي هب في الشرق الاوسط: الاسرائيليون والفلسطينيون بدأوا في مسيرة مصالحة، الفلسطينيون تلقوا لأول مرة استقلالا. الحدود فتحت للسياح. من لا يرى بديلا لبيبي يؤيد بيبي. وهو يأخذ على نفسه دون رتوش رفض رابين كبديل بأثر رجعي.
يصف نتنياهو اسرائيل كمن يوجد في وضع انتظار لسياقات التطورات التي ستنضج في العالم العربي. وهو يتنكر بالطبع لدور اسرائيل في التطرف الذي يلاحظه لدى الفلسطينيين؛ ولدور اسرائيل في تعزيز حركة حماس (لغرض اضعاف منظمة التحرير الفلسطينية)؛ وللخطر المحتمل لدفع حماس نحو داعش. في نفس الوقت يتجاهل أيضا بان هذا بالضبط ما فرضه على المجتمع الاسرائيلي: انعدام الاوكسجين السياسي دهورها نحو العنف، اليأس والفقر الروحي. على نتنياهو أن ينظر الى شعبه وان يخجل من نفسه. نمو اقتصادي ليس رديفا لنمو وطني والسايبر ليس بديلا عن العدالة. ليفي مخطئ. نتنياهو ليس "شخصية شكسبيرية". ليس "ملك" ولا "قيصر"، بل مجرد جبان. وان نرفض نتنياهو هو الاصرار على أنه يوجد بديل.