"اسكافي" سلفيت
- علا موقدي
منذ عام 1960، يعمل الحاج محمد أبو ميزر "الخليلي" (79 عاما)، في مهنة تصليح الأحذية "اسكافي" في مدينة سلفيت.
ولد أبو ميزر في مدينة الخليل عام 1938، في عائلة فقدت أربعة من أبنائها بمرض الحصبة، ما جعله يعيش حياته وحيدًا، وفقد إحدى عينيه حين كان طفلا رضيعا.
اتقن "الخليلي" مهنة تصليح الأحذية منذ أن كان في السابعة عشرة من عمره، وذلك في مدينته الخليل، وبعد عامين انتقل إلى القدس لعدة سنوات، ثم حطت به المهنة في سلفيت، عملا بنصيحة صديقه، فأصبح من أبنائها، دون أن يقطع علاقته بمدينة الخليل.
وقال أبو ميزر إن هذه المهنة البسيطة هي مصدر رزقي الوحيد، فمن عائداتها تزوجت وبنيت منزلا وكونت أسرة من ستة أولاد، كنت أول من جاء بها إلى سلفيت، وما زلت عنوانها في المحافظة.
وأضاف: مع مرور السنوات ازداد عدد العاملين في هذه المهنة بشكل لافت، ما جعل مردودها المادي قليل ولا يكفي لشيء، ويتراوح دخلها اليومي بين عشرة إلى عشرين شيقلا، وهناك أيام لا يدخل فيها زبون واحد على المحل.
ما زال المكان يحتفظ بتفاصيله القديمة، وأبو ميزر الخليلي متمسك بمهنته، يجلس خلف آلاته القديمة، تحيط به أدوات العمل ومستلزماته، كالمسامير والخيطان والإبر والجلود، يستعمل بعضها ويحتفظ بأخرى كذكرى.
يجلس إلى جانب أبو ميزر ولديه محمد وسائد، واللذين يساعدانه في بعض الأعمال التي تصعب عليه، خاصة بعد تقدمه في السن، ويقومان بصناعة الأدوات الخاصة، التي توضع على الحمير والخيول عند حراثة الأرض.
محمد وسائد، هما أيضا يتذمران من تراجع مردود مهنة والديهما ومهنتهما المساندة، ويبرران ذلك بتخلي الناس عن فكرة الحراثة باستخدام الحيوانات واستبدالها بالجرارات الزراعية.
رغم الدخل المحدود الذي يجنيه الاسكافي من وراء هذه المهنة، إلا أن عشرات المواطنين لا زالوا يتخذونها كمصدر رزق.
يقارن الخليلي بين عمله في الماضي وعمله اليوم، ويقول: في الآونة الأخيرة بدأت المهنة تتراجع بشكل كبير، فقبل أربع سنوات من الآن كان العمل أفضل بكثير، خاصة عند بداية العام الدراسي، أما اليوم فمعظم الأيام لا نستقبل أي زبون.
ويرى أبناء الخليلي أن هذه المهنة تسير نحو الاندثار، "البضائع المستوردة من الصين وغيرها رخيصة الثمن، وبالتالي أصبح تصليحها غير مجد ويلجأ الناس لشراء أحذية جديدة عوضا عن تصليحها".
حكايات مختلفة غاب معظمها عن ذهن الخليلي، وأخرى بقيت محفورة في ذاكرته، والتي تعود إلى عهد الحكم الأردني، ولا زال يحتفظ منذ ذلك الوقت بقطع من إطارات المركبات، التي كانت تستخدم في تصليح نعال بساطير العسكر.
ـــــ