شبح الاستيطان يطارد الخليل القديمة
جويد التميمي
يواصل الاحتلال الاسرائيلي سياسته الاستيطانية في قلب الخليل، من خلال تضييق الخناق على المواطنين الفلسطينيين في البلدة القديمة ومحيطها، ووضع وتنفيذ مخططات هدفها إرغام السكان الأصليين على الرحيل وجلب غلاة المستوطنين وإسكانهم في بيوتهم وممتلكاتهم، كل ذلك بدعم كبير من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أقر خطة استيطانية بكلفة 50 مليون شيقل لتعزيز الاستيطان في كريات اربع وقلب الخليل.
وقال خبير الخرائط والاستيطان عبد الهادي حنتش لـ "وفا"، إن قوات الاحتلال تخطط لإقامة 4 وحدات استيطانية في البؤرة الاستيطانية المقامة على ممتلكات المواطنين الفلسطينيين في سوق الخضار المركزي القديم وسط مدينة الخليل والمسمى "أبراهام ابينو".
وأشار إلى أن الاحتلال نصب "كرفانات" مكونة من طابقين في "محطة الباصات القديمة وساحة الكراجات" الواقعة بمحاذاة مدرسة أسامة بن منقذ التي استولى عليها المستوطنون في ربيع عام 1980م وحولوها بمساعدة حكومة الاحتلال الاسرائيلي الى معهد ديني لتخريج الحاخامات، وأطلقوا عليها اسم "بيت رومانو" وأضافوا إليها بناء يتكون من عدة طوابق على مدار الأعوام القليلة الماضية.
وتابع أن سلطات الاحتلال تحاول تهويد المدينة من خلال التوسع الاستيطاني وإغلاق المحلات التجارية وهدم المباني التاريخية ومضايقة السكان لإرغامهم على الرحيل بزعم انهم يملكون هذه الأراضي والممتلكات منذ عقود، كما تواصل سياستها الاستيطانية من خلال شق الطرق لربط البؤر الاستيطانية والمستوطنات المقامة وسط الخليل بما تسمى مستوطنة "كريات اربع" المقامة على أراضي وممتلكات المواطنين شرق المدينة لخلق كتلة استيطانية واسعة مترابطة ومترامية الأطراف في الخليل القديمة.
ونوّه إلى أن ممارسات المستوطنين المدعومة من قبل حكومة الاحتلال التي تتبادل الأدوار معهم هدفها تضييق الخناق على السكان الفلسطينيين الاصليين أصحاب الأرض والعقارات في مدينة الخليل وخاصة بلدتها القديمة لإجبارهم على الرحيل بغية سرقة ممتلكاتهم وتهويدها.
واشار إلى أن المخططات الإسرائيلية لتوسيع ما يسمى "الحي الاستيطاني" في قلب الخليل متواصلة منذ احتلال المدينة بذريعة إمكانية تعايش الفلسطينيين العزل مع مستوطنين متطرفين مدججين بالسلاح وتحميهم حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
من جانبه، قال محافظ الخليل كامل حميد، لـ "وفا"، إن خطة إسرائيل الاستيطانية في قلب المدينة متواصلة ومستمرة وهي تنفذها على عدة مراحل وبمخططات وطرق مختلفة منها "اغلاق المحلات التجارية، وتطوير الحواجز العسكرية، وإضافة وحدات سكنية وكرفانات، ووضع كاميرات المراقبة، ونصب الجدران، وإغلاق مداخل بيوت المواطنين ونوافذها، وتهويد الحرم الابراهيمي، وفرض سياسة التفتيش المذلة للفلسطينيين في محيط الحرم وأزقة وحواري البلدة القديمة وغير ذلك من الممارسات اليومية التي تفرض بقوة السلاح على الأرض، وهدفها إفراغ قلب الخليل من سكانها لتوسيع الاستيطان وسط المدينة".
وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية لن تستطع تزوير التاريخ والحضارة الفلسطينية، وعليها أن تتحمل مسؤولياتها تجاه ممارسات مستوطنيها وأن تضبط تصرفاتهم المستفزة لأهالي الخليل، وفلسطين، والعالم، وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك لوضع حد لهذه الغطرسة الإسرائيلية التي تمارسها حكومة الاحتلال ومستوطنوها في كل مكان، والتي تؤثر وتضر بكافة المناحي الحياتية للشعب الفلسطيني.
وتابع، إدانة العالم واستنكاره لهذه الأفعال لم تردع إسرائيل يوما او تفي بحاجة الفلسطينيين، لذلك يجب لجم الاحتلال ومستوطنيه بمواقف وضغوط دولية لتتحمل إسرائيل نتائج تصرفاتها العنصرية".
وأشار إلى أن إصرار الاحتلال على إغلاق محطة الباصات المركزية الواقعة في شارع الشهداء المغلق بأمر عسكري إسرائيلي منذ مجزرة الحرم الابراهيمي التي ارتكبها المستوطن طبيب الأطفال المتطرف باروخ جولد شتاين عام 1994، بحجة "أمن المستوطنين"، هي لتهويد المنطقة وتفريغها من سكانها وتنفيذ خطط استيطانية وجلب مستوطنين لتضعهم "قنابل موقوته" تساهم في خلق مزيد من التوتر الذي ينذر بانفجار محتوم بسبب تأزم الوضع العام في الخليل.
وأكد أن مخططات الاحتلال واعتداءات المستوطنين تزيد الفلسطينيين تشبثا بممتلكاتهم وبلدتهم القديمة، ولن تثنيهم عن المدافعة عن تاريخهم وحضارتهم العريقة، مؤكدا أن حجج حكومة الاحتلال لتهويد الخليل أصبحت لا تنطلي على أحد.
من جانبه، شجب رئيس بلدية الخليل داود الزعتري، صمت المؤسسات الحقوقية والجهات الدولية المعنية بالعدالة الإنسانية ووقوفها متفرجةً على الانتهاكات الاحتلالية المتمثلة باستباحة الأرض الفلسطينية.
وقال لــ "وفا" إن إقدام حكومة الاحتلال على اقامة أو توسعة بؤر استيطانية في قلب مدينة الخليل يؤكد على أنها غير جادة في تحقيق السلام وإنهاء الاحتلال، وإنما تتجه نحو تعزيز السرطان الاستيطاني ليستشري في قلب مدينة الخليل التي تعتبر من أقدم مدن العالم.
يذكر أن مستوطنين يواصلون تسجيل سيرة دموية في قلب الخليل من خلال ممارسات مدعومة من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بكل الطرق، لتثبيت الاستيطان كواقع دائم يفرض على المدينة تسوية ظالمة ونهائية، عن طريق الخداع والتزوير، والقمع، وارتكاب المذابح، وحملات التهجير لأهالي المدينة وفي محيطها.