بالفيديو - وائل جودة: "تكسير العظام" وذكريات موجِعة!
نابلس - ألف - عبد الباسط خلف: لا زالت ذاكرة وائل جودة تحتفظ بتفاصيل عملية التنكيل، التي نفذها جنود الاحتلال بحقه هو وابن عمه أسامة، في بدايات الانتفاضة الأولى، وهي اللقطة ذاتها التي انتشرت في أرجاء العالم لأربعة من الجنود، وهم يُكسّرون أطراف شابين في قرية عراق التايه القريبة من نابلس.
يسرد بصوت منهك: تفتح الانتفاضة وذكرى انطلاقتها في أوائل كانون الأول كل سنة جراحي، فأسترجع ما حصل معي أنا وابن عمي، حينما اعترض جنود الاحتلال طريقنا في منطقة" تينة عارف" الجبلية، حينما كنا نرعى الأغنام، وعندها أوقفونا وأجلسونا على الأرض، وثبتوا أيدينا، واخذوا يضربوننا بالحجارة، ولم نكن نعرف أن أحد الصحافيين الإسرائيليين الذين يعملون مع شبكة تلفزيون أمريكية، كان يلتقط لنا الصور طوال نصف ساعة، وبعدها انتشرنا في كل الدنيا.
يتحسر جودة، الذي كان وقتها في الصف الثالث الإعدادي( التاسع اليوم)، لأن أي وسيلة إعلام فلسطينية لم توثق الاعتداء الذي حصل معه، حتى الآن، ولم تحاول إعادة تفعيل الجريمة الإسرائيلية التي تعرض لها، بخلاف العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي حاولت إحداها عقد لقاء بين وائل وسامر والجنود الأربعة الذين نكلوا بهما.
يقول:" لأن حجارة فلسطين رحيمة على أبنائها أصبنا برضوض، واعتقلنا جيش الاحتلال، وأرسلونا إلى سجن الفارعة، ولن أنسى ذلك التاريخ الأسود الذي وقعت فيه الحادثة، في 26 شباط 1988، وبالتحديد عند الساعة الثانية بعد الظهر. ووقتها كنا أول ضحايا سياسة رابين(وزير جيش الاحتلال وقتها) الإجرامية، الذي أمر جنوده بكسر عظام شعبنا؛ في محاولة منه لوقف الانتفاضة.
ووفق جودة، الذي أبصر النور في العام 1971، فيما كان ابن عمه يدرس الحاسوب في جامعة القدس بأبو ديس، فإن الجنود الأربعة الذين شاركوا في التنكيل بهما، كانوا يوجهون الشتائم لهما، ويتساعدون في تثبيت أطرافهما.
والمفارقة أن حادثة عراق التايه لم تكن الوحيدة التي تعرض لها وائل، إذ اختطفته مجموعات من المستوطنين، وأركبوه في حافلة قرب نابلس، العام 1985، ولم يتحرر إلا بعد تدخل شرطة الاحتلال، التي كانت قريبة من عملية الاختطاف.
يضيف: الكثير من الأحداث تقع خلف الكاميرا، وإذا كانت الصدفة وحدها التي جعلتنا ننقل إلى الإعلام مأساتنا، فإن الكثير من إرهاب الاحتلال يتم بعيداً عنها.
نقل جودة ما حصل معه إلى أولاده: أصيل وفاطمة ومروى وأحمد، لدرجة أن التنكيل به صار عنواناً لقصة طلبتها معلمة ابنته، في الذكرى الثالثة والعشرين لاندلاع الانتفاضة الأولى. غير أنه لا يحب التاريخ الذي وقع فيه الاعتداء، ولا يحبذ أسئلة رفاقه في المهنة، حيث يعمل في وزارة المالية، عندما يُسأل عن شعوره وهو يتعرض للتنكيل. ويحرص خلال مواسم الربيع على زيارة"تينة عارف"، حيث وقعت الحادثة، ليتذكر مجرياتها، ويحلم برحيل الاحتلال، ويعيد قصصها على أطفاله، رغم الأوجاع التي تلاصق قلبه، كلما شاهد الشريط التلفزيوني الذي يتعرض فيه للإذلال والإهانة، وعلم لاحقاً، أن المصور الذي وثق الاعتداء اعتزل عمله، وتخصص في تصوير الحيوانات البرية!
تقول مديرة مدرسة البنات في القرية سما دراغمة، إن قصة الشابين منتشرة في صفوف الطالبات، وتحاول المعلمات الإشارة إليها في مناسبات وطنية، ونطلب من فاطمة جودة أن تقص لنا ولزميلاتها ما حصل مع والدها، وهو ما ستفعله في اليومين القادمين.