القدس أول بلدية في فلسطين محرومة من الانتخابات المحلية
القدس المحتلة- وفا- بلال غيث كسواني- ينظر مواطنو مدينة القدس بحزن إلى نظرائهم في مختلف بلديات الضفة الغربية، بعد ان حرمهم الاحتلال الإسرائيلي من حقهم في تشكيل بلدية خاصة بهم، وإجراء انتخابات محلية كغيرها من المجالس والبلديات البالغ عددها 26 في محافظة القدس، و418 هيئة محلية على مستوى الوطن.
ويؤكد مواطنو القدس أن بلدية الاحتلال لا تقدم لهم أي خدمات سوى فرض الضرائب وتحرير المخالفات بحقهم، والحيلولة دون تمكنهم من الحصول على التراخيص للتوسع العمراني، بل يمتد عملها ليصل إلى هدم قرابة 150 منزلا سنويا من سيطرتها على القدس الشرقية في العام 1967.
وتأسست أول بلدية في القدس عام 1863، وهي الاولى في فلسطين أيضا، وكان عبد الرحمن الدجاني أول رئيس لها، وتعد بلدية القدس من أوائل البلديات في الدولة العثمانية ولعلها الثانية بعد بلدية العاصمة اسطنبول.
ووفق كتاب "البلديات وهيئات الحكم المحلي في فلسطين: النشأة والوظيفة ودورها في التنمية الاقتصادية" الصادر عن المجلس الاقتصادي للتنمية والإعمار "بكدار" 2014، لكاتبيه محمد اشتية، وأسامة حباس، فقد تناوب على رئاسة البلدية خلال العهد العثماني 16 رئيسا، وكانت عبارة عن هيئة محلية صغيرة، ذات سلطات وواردات ضئيلة لم تتجاوز 500 جنيه سنويا، لكنها بلغت زمن الحرب العالمية الأولى أحد عشر ألف جنيه.
وقال المتخصص في شؤون القدس خليل التفكجي، إن قضية بلدية القدس يجب إعادة طرحها بإنشاء أمانة للقدس حتى لو كانت معنوية، فحسب القانون هناك امانتان في المملكة الأردنية الهاشمية وهي: أمانة العاصمة عمان، وأمانة القدس، والانتخابات تجري في عمان ولا تجري في القدس، لذلك يجب تشكيل أمانة لتقوم بما هو مطلوب منها تجاه مواطني القدس.
وأضاف، "يجب خلق رؤية لتشكيل امانة القدس لخدمة المواطنين حسب الإمكانيات المتوفرة، من أجل دعم صمود المواطنين المقدسيين في المجالات المحلية.
وشدد التفكجي على أنه يجب أن نكون هناك استراتيجية وميزانية لأمانة القدس لتقوم بكل ما تسطيع من أجل تشكيل أمانة القدس التي شكلت في زمن الحكم الأردني، ويجب إعادة أمانة القدس لتشرف على كل المؤسسات المختلفة في مدينة القدس.
وقال: إن الاحتلال الإسرائيلي ربط كل سكان القدس بالقرارات والقوانين الإسرائيلية الصادرة عن بلدية الاحتلال في القدس، وهو يصعب عليهم رفض القيام بدفع تلك المبالغ وتقوم بمصادرة منازلهم، لذلك نحن بحاجة لمواجهة وللتصدي لإجراءات الاحتلال في القدس.
تاريخ بلدية القدس الشرقية
وعشية الاحتلال البريطاني كان حسين الحسيني رئيسا لبلدية القدس، وسارت الأمور في الفترة الأولى من الانتداب كما كانت وفق قانون البلديات العثماني لعام 1877، إلى أن وُضع قانون الانتخابات لعام 1926 الذي اتاح حق الانتخاب لدافعي الضريبة وإن لم يكونوا أصحاب أملاك، ونص القانون على أن يكون الناخب مواطنا فلسطينيا وليس مواطنا عثمانيا، ما أتاح المجال لليهود لدخول البلدية.
وفي عام 1927 جرت انتخابات للمجلس البلدي الذي تكون من 12 عضوا، 5 منهم مسلمون و4 من اليهود، و3 مسيحيون، وترأسها راغب النشاشيبي، وفي عام 1934 أجريت انتخابات، وتكون المجلس الجديد من 12 عضوا نصفهم من العرب (4 مسلمين ومسيحيان) ونصفهم من اليهود، وعُين حسين الخالدي رئيسا للبلدية، ونائبان أحدهما يهودي هو دانيال اوستير، وفلسطيني مسيحي هو يعقوب فراج.
وبعد وفاة حسين الخالدي عين المندوب السامي النائب اليهودي دانيال اوستير قائما بأعمال رئيس البلدية من 1936 إلى 1938 ثم رئيسا للبلدية عام 1944، بعد وفاة مصطفى الخالدي الذي ترأسها من 1938 حتى 1944، وكانت المرة الأولى التي يترأس فيها يهودي بلدية القدس ما أثار حفيظة الأعضاء الفلسطينيين فاستقالوا جميعا. لتعين الحكومة البريطانية لجنة مكونة من 6 أعضاء بريطانيين لإدارة شؤون البلدية من عام 1945 حتى 1948.
وعام 1948 انقسم الجهاز البلدي في القدس إلى هيئتين إداريتين منفصلتين، أقام اليهود لجنة بلدية موسعة تألفت من أعضاء البلدية اليهود الستة السابقين، بالإضافة إلى اعضاء يهود جدد شكلوا بلدية القدس الغربية، في حين تولى انطون صافية مهام منصبه كمدير للبلدية (بلدية القدس الشرقية) وبقي بمنصبه حتى 1949.
وبعد توقيع اتفاقية الهدنة بين الأردن وإسرائيل في 4/3/1949 أصبحت القدس الشرقية تحت الحكم الأردني، الذي عيّن لجنة بلدية مقدسية برئاسة أنور الخطيب وبعد استقالته عُيّن عارف العارف، وجرت انتخابات بلدية وفقا لقانون لعام 1951 الذي حلّ محل القانون البريطاني، وأسفرت عن انتخاب 12 عضوا، 8 مسلمون و4 مسيحيون، تناوب عارف العارف، وحنّا عطا الله على رئاسة البلدية.
أمانة القدس الكبرى
وفي 1955 جرت انتخابات بلدية، وترأس المجلس البلدي عدة رؤساء بالوكالة مثل عمر الوعري، وامين مجج، ثم عُيّن روحي الخطيب رئيسا للبلدية عام 1957.
وأعلنت الحكومة الأردنية تحويل بلدية القدس إلى أمانة، وأصبح روحي الخطيب أمينا للقدس وعقدت جلستها الأولى في 29/9/1959، واستمرت أمانة القدس في ممارسة عملها حتى بداية حزيران 1967 حين احتلت إسرائيل القدس الشرقية وحلّت المجلس البلدي (أمانة القدس).
بعد الاحتلال الإسرائيلي، وفي 28 حزيران 1967 أصدرت إسرائيل مرسومين قضى أحدهما بتطبيق القانون الإسرائيلي على القدس الشرقية، والآخر نص على توسيع المساحة الواقعة ضمن حدود أمانة القدس الشرقية. كما أصدر وزير الداخلية الإسرائيلي أمرا إداريا يقضي بضم القدس الشرقية إلى الجزء الغربي من المدينة. وبلغت مساحة الأراضي التي ضُمّت حوالي 72 ألف دونم، والتي أضيفت إلى مساحة 37,200 دونم مساحة القدس الغربية في ذلك الوقت.
وفي ظل الرفض الفلسطيني والعربي والعالمي للإجراءات الإسرائيلية وبعد 13 عاما من الاحتلال، تبنى الكنيست يوم 30/7/1980 القانون الأساسي الذي قدمته الحكومة الإسرائيلية، الذي ينص على أن "القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل".
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد اشتية، إن القيادة الفلسطينية تدرس تفعيل مجلس أمانة العاصمة القدس، بالتوازي مع إعلان نتائج الانتخابات المحلية، بحيث سيتم تعيين مجلس أمانة العاصمة بالتزامن مع إعلان نتائج الانتخابات البلدية رغم العراقيل الإسرائيلية المتوقعة لمنع تلك الخطوة.
وتابع: "ناقش المجلس التشريعي بالسابق مشروع قانون "أمانة العاصمة القدس"، وأوصت لجنة الداخلية بإقرار مشروع القانون بحيث يكون بإمكان مجلس الوزراء الفلسطيني اصدار قرار يحدد عدد أعضاء مجلس الأمانة الذين ينتخبون انتخابا حرا مباشرا وفقا لقانون الانتخابات الفلسطيني، ولمجلس الوزراء حق تعيين أعضاء المجلس ورئيسه في حال تعذّر إجراء انتخابات، لكن تعطّل المجلس التشريعي عطّل إقرار القانون".