فرصة لم تسقط من السماء
رامي سمارة وإيهاب الريماوي
صعباً كان بالأمس القريب أن يتقبله طلبة بعضهم يكبره سناً، وصعباً ما زال اليوم تقبله مديراً عاماً لمؤسسة يزيد عدد موظفيها عن 400.
بعد محاضرتين، نجح في إقناع طلبته بالجامعة العربية الأمريكية بأن يكون معلمهم، وفاز بثقة زملائه حين قفز بالمؤسسة إلى المرتبة الثالثة وطنياً.
بدأ أحمد الحاج حسن مسيرته المهنية محاضرا في الجامعة العربية الأمريكية في جنين حين كان في الثالثة والعشرين من العمر، ثم انتقل بعدها للعمل في سلطة النقد الفلسطينية، وعمل بعدها مديراً للرقابة المالية في هيئة سوق رأس المال، قبل أن يلتحق ببنك الرفاه لتمويل المشاريع الصغيرة، والذي تطور لاحقاً ليكون البنك الوطني.
خلال عهده الذي بدأ عام 2010، أنجز البنك عمليتي اندماج واستحواذ، وافتتح فروعا جديدة في معظم المحافظات، وخلق هوية مؤسسية واستراتيجية جديدتين، وكذلك تم تغير النظام البنكي، وخلال تلك الفترة أيضاً أصبح البنك الأسرع نمواً في فلسطين، قبل أن يحتل المرتبة الأولى في ذات التصنيف عن منطقة الشرق الأوسط، كان ذلك في العام 2014.
انتقل البنك الوطني في ست سنوات من الترتيب 13 إلى المرتبة 3 في فلسطين من حيث الأصول، وثاني أكبر بنك فلسطيني من حيث رأس المال المدفوع.
لا ينكر الحاج حسن صعوبات واجهها في بداياته المهنية، إذ لم يكن مقبولاً أن يكون محاضراً جامعياً في سن الثالثة والعشرين أمام طلبة بعضهم يكبره سناً، كان يلحظ التساؤلات في أعين الكثيرين وأحياناً تلقى عليه في أذنه: هل يمتلك هذا الصغير الخبرة والكفاءة؟
وحين عُيّن مديراً للبنك، اصطدم بذات التساؤلات، إلى أن أثبت للجميع أن موضوع السن يلعب دوراً فقط في الانطباع الأول، خلال الأسابيع الأولى، ثم ما تلبث أن تذوب هذه النظرة بعاملي المهنية والكفاءة.
كيف تصل للكفاءة والمهنية؟ ليس بالأمر الصعب بالنسبة لأحمد الحاج حسن الذي انتقل من مرحلة مدير أصغر بنك إلى أصغر مدير بنك في فلسطين، "أفضل شيء عملته لنفسي هو كم الدراسة والتدريب الذي حصلت عليه، وهو الذي أهلني في النهاية".
لا يؤمن الحاج حسن أن الفرص تسقط من السماء، يجب أن يخلقها الشخص بنفسه ولنفسه، "لن يأتي إليك شخص يحمل لك فرصة مغلفة ويمنحك إياها لأنك مجرد فلان. كل من وصل إلى منصبه بالواسطة سيتعرى أمام اختبارات الاحتكاك والتجربة".
لدى أحمد الحاج حسن نموذجان للموظفين، الأول يريد أن يذهب لوظيفته الساعة الثامنة صباحاً ويغادر المكتب عند الثالثة عصراً، وهذا يجب ألا يتوقع سوى راتبه، أما النموذج الثاني فهو من يعمل ويتطور ويتدرب أكثر، وهذا يستحق أكثر.
المعيار الأساسي للنجاح في العمل بالنسبة لديه، هو معرفة ما يدور حولنا وما يجري في العالم وإلى أين تتجه الأمور، خاصة في مجال التكنلوجيا، وبنظرته الاستشرافية، فإن المجتمع الفلسطيني سيتغير بسرعة لأن نسبة الشباب فيه عالية جداً، وقطاع الأعمال بعد 10 سنوات على أبعد تقدير، سيأخذ منحى آخر، ومن هو غير مؤهل سيخرج من سوق العمل ولن تكون له فرصة.
بالنسبة لأحمد، الذي يحمل درجة الماجستر في الاقتصاد والعلوم المالية من جامعة برادفورد البريطانية، فإن الوظيفة مرحلة، يجب أن تنتهي لما تنتهي الاستفادة منها على الصعيد المهني، "كل شخص يجب أن يقدر بقاءه في وظيفته حين يجد جواباً للسؤال التالي: "هل أنا في هذه المؤسسة أنجز شيئاً جديداً أم توقف تقدمي؟".
يرى أن القيام بالمخاطرة أمر ضروري، خاصة عندما يشعر الموظف أنه أعطى كل شيء في موقعه الحالي، "نسمع كثيراً من الناس تتشدق بخبرتها التي ناهزت 20 عاماً، معظم هؤلاء يكررون ما اكتسبوه من خبرة خلال أول شهر من العمل. هم يكررون خبرة الشهر الأول على مدار 20 عاماً"، يقول أحمد الحاج حسن.