ماهر الشافعي.. اعاقته لم تمنعه من احتراف العزف
معن الريماوي
رغم أنه مصاب بالعمى منذ الولادة، إلا أن الشاب ماهر الشافعي أصبح يحترف العزف بشكل مميز، ولم تعد الآلات الموسيقية لعبة يلهو بها كما كانت، بل باتت جزء من حياته ولا يمكن أن يتخلى عنها.
أكثر من عشرين عاما والشاب ماهر الشافعي (26 عامًا) وهو يعزف على الآلات الموسيقية في مدينة البيرة مكان نشأته، مشيرا إلى أنه بدأ مشواره الموسيقي وهو في السادسة من عمره بعد اكتشاف والده ميوله واهتمامه بالموسيقى والأغاني، وكانت "الأورغ" أول آلة تعلمها كبداية له.
إبداعه في العزف جعل منه المرجعية بالنسبة لزملائه الموسيقيين بعد مدربه في التأكد من الأغاني والكلمات والمقطوعات، خاصة ان المسرح يعتمد على الحفظ وليس على الورق في تقديم الفقرات الموسيقية.
ويتابع الشافعي في حديثه مع "وفا": "كنت أعتقد بداية أن هذه الآلة الموسيقية لعبة، ولم أدرك أهميتها كوني صغير، فتعليمي العزف ختلف عن أي شخص آخر ،كوني لا أبصر، لذلك لجأ والدي الى تحفيظي صوت ومكان كل مقطوعة أو معزوفة، وله النصيب الأكبر في نجاحي بالعزف الموسيقي، اذ نمى لدي هذه الموهبة، وبات العزف اليوم جزءا من حياتي، ولا يمر يوم واحد، إلا وأعزف فيه".
لا ينكر الشافعي الصعوبات التي واجهته في تعلم العزف على الأورغ، لأن الموسيقي يعتمد على حفظ المقطع الغنائي "النوتا" الموجود على الورقة، أما هو فكان يطلب من زملاءه تسجيل كل المقطوعات ليتدرب عليها لاحقا في المنزل عبر سماعها أكثر من مرة.
ويؤكد "لا يوجد مشكلة الا ولها حل، الإنجاز هو أن تبتكر حلولا للمشاكل، وتتعامل معها بكل سهولة وتتغلب عليها، وأنا قمت بتدريب حاسة السمع عندي حتى تكون هي المعاون الاساسي لي".
ويوضح انه بدأ مشواره الموسيقي مع آلة أخرى وهي "الكمان" التي قضى 13 عاما في تعلم كيفية التعامل معها ليصبح محترفا، من خلال الالتحاق بمعهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى".
ويضيف الشافعي "كوني محب للموسيقى العربية، وحتى يكون لي نافذة على الموسيقى الشرقية بشكل أكبر وأوسع، الحقت العود بالكمان لاحقا، حيث درست الكمان والعود معا".
وينتسب لمجموعة من الفرق الموسيقية، حيث أنه عضو في فرقة يلالان للموسيقى والغناء، وعضو في فرقة تابعة لمؤسسة "نوى" للتنمية الثقافية.
ويشدد الشافعي على أنه لا فرق بين بصير وأعمى في الفرق الموسيقية، الابداع والتميز هما المقياس الاول والأخير، "هذه حلبة مصارعة وبدك تفرض حالك بين أقرانك الموسيقيين، عزفك هو الذي يقرر إن كنت مميزا أو لا".
يقول الشافعي: "الأساس هو أن تكون قادرا على القيام بالمهمة الموكلة اليك، ذاكرتي هي رأس مالي الوحيد، وهي ما ميزتني عن الآخرين كعازف للكمان، والعود، وجعلت لي مكانة وأهمية، خاصة في الفرق الموسيقية".
ويوضح أنه شارك في العديد من المهرجانات، وعلى الصعيد المحلي شارك في مهرجان فلسطين الدولي، ومهرجان "ايام جفناوية"، ومهرجان عين عريك، وغيرها، أما على المستوى العالمي فشاركت بأيام "قرطاج" في تونس، وفي الاسبوع الفلسطيني بالسويد، اضافة الى مهرجانات عقدت في ليبيا، والجزائر، وروسيا، وآخر مشاركاتي كانت في مصر منتصف العام الحالي.
ويستذكر الشافعي أول حفلة شارك فيها، ويقول: "الخوف والتوتر لم يفارقني أبدا، حيث شاركت في برنامج للمواهب نظم في بلدية البيرة قبل 20 عاما وتحديدا عام 1996، ونجحت وقتها القيام بدوري على أكمل وجه بدعم والدي والجمهور المتواجد، رغم أنه ليس من السهل أن أقف على المسرح باتزان، وأن أغني وأعزف كالكبار في أول تجربة لي".
ويطمح الشاب ماهر الشافعي بإكمال دراسته العليا في الموسيقي، وأن يحصل على شهادة وأن لا تكون الموسيقى مجرد عزف، ويختتم: "أريد أن أدرس العزف لمستويات متقدمة، لاني وصلت لقناعة ان الموسيقى هي اكثر شيء أتميز به وأحقق ذاتي من خلالها".