قصرة.. تصارع الاستيطان
سامر عودة
اعتاد المزارع طارق أبو ريدة ( 50 عاما) من بلدة قصرة جنوب نابلس، الذهاب برفقة زوجته إلى أرضه، يحمل معوله، ويبدأ بفلاحتها، والعناية بها، حيث تقع قرب مستوطنة "مجدوليم" الجاثمة على مدخل القرية الرئيسي، فيما يواجه الجزء الآخر من أرضه القريبة من مستوطنة" ايش كودش" بالمنطقة الجنوبية للقرية، خطر الاستيلاء عليها أيضا.
فقدَ أبو ريدة خلال آب المنصرم جزءا من تفاصيل أيامه التي اعتاد عليها، بعد استيلاء قوات الاحتلال على قطعة أرضٍ يمتلكها، من ضمن حملة مصادرات، قامت بها للأراضي المحاذية للمستوطنة، بهدف أعمال التوسعة، وأعطته إخطارا بهدم غرفة زراعية يمتلكها في المنطقة الجنوبية.
أبو ريدة يستذكر تفاصيل الاستيلاء على أرضه التي تبلغ مساحتها 7 دونمات، وتجريفها، فيقول:"كبقية الأيام تجهزت للذهاب إلى الأرض، وسمعت بشكل مفاجئ مآذن المساجد تناشد أهالي البلدة للتصدي لجرافات الاحتلال التي باشرت بتجريف أراضٍ من الجهة الشرقية، التي من ضمنها أرضي، لتوسعة مستوطنة "مجدليم".
"لم أتمالك نفسي لحظة سماع الخبر.. الأرض بالنسبة لي هي الحياة، فلم يتبق لي سواها، فهي تشكل عنصرا أساسيا في حياتي"، يضيف أبو ريدة .
ويتابع "تعرضت لعدة إصابات من قوات الاحتلال، نُقلت على إثرها إلى المستشفى عدة مرات، بسبب المواجهات المتكررة بين الشبان والاحتلال".
قصرة التي تشتهر بزارعة الزيتون، تحيط بها ثلاث مستوطنات، وهي : "مجدليم" التي أقيمت سنة 1981، إضافة لمستوطنتي" "ايش كودِش"، و"يحيى" المقامتان على أراضي القرية منذ عامي 2000، و 2001 على التوالي.
مشهد الهدوء والأمان والطبيعة الخضراء التي كانت سائدة في القرية الممتدة على سلسلة جبال، تغير بعد إقامة المستوطنات على جبالها، وممارسة مستوطنيها أعمال الترهيب بأشكالها، من اقتلاع أشجار، وحرق مساجد، وبيوت.
تبلغ مساحة قصرة حوالي سبعة عشر ألف دونم، استولى الاحتلال على حوالي تسعة آلاف دونم، جلّها من الأراضي المزروعة بالزيتون، لتوسعة المستوطنات، وبناء بؤر استيطانية جديدة.
وشرعت قوات الاحتلال خلال الشهر الماضي بتوسعة مستوطنة "مجدليم"، المقامة على "تلة الفحر" و"المعلقة" في المدخل الرئيسي للبلدة، بحجة أغراض عسكرية، حيث طال تجريف ما يزيد عن 18 دونما من أراضي المزارعين، واقتلاع مساحات واسعة من الأشجار، والاستيلاء عليها.
رئيس بلدية قصرة عبد العظيم وادي قال لـ"وفا"، "إن اعتداءات الاحتلال على أراضي المزارعين، أدت إلى انخفاض كمية إنتاج الزيت، ومشتقاته في البلدة"، معربا عن قلقه من تحويل الشارع الرئيسي للبلدة إلى شارع خاص بالمستوطنة، ما أدى إلى فصل المزارعين عن أرضهم بشكل نهائي، لعدم وجود طرق أخرى بديلة، تمكنهم من الوصول للمنطقة الشرقية.
وأكد وادي أن هدف الاحتلال الرئيسي من الاستيلاء على الأراضي والسيطرة عليها، تحويلها إلى بؤر استيطانية.
وحسب تقرير نشره مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير، حول الانتهاكات الإسرائيلية خلال شهر آب الماضي، فإن سلطات الاحتلال أعلنت ومن خلال أذرعها المختلفة المسؤولة عن البناء في المستوطنات، عن مصادقتها ونشر عطاءات لبناء نحو 7466 وحدة استيطانية في مستوطنات الضفة الغربية، والقدس المحتلة.