فتنة بلاغة الانشاء
يعرف الناس في كل مكان، ولمرارة تجاربهم في الحياة بصفة عامة، ان بلاغة الانشاء لا ترمم واقعا، وليس بوسعها تزويره او تحسينه ايا كانت شعاراتها ووعودها ومحسناتها البديعية، والاهم يعرفون ان هذه البلاغة لا تحرر شيئا، لا ارضا ولا ناسا حتى لو جاءت بديوان الحماسة لابي تمام كله..!! ويعرفون اكثر ان بلاغة الانشاء كلما تعالت على الواقع وتجاهلته توغلت في تخليق وقائع وحالات لا صلة لها بالواقع لا من قريب ولا من بعيد ..!! يعرف الناس في كل مكان ذلك، ولعل الفلسطينيون اكثر من غيرهم، يعرفون هذه الحقيقة بابعادها كاملة، ويعرفون ان بلاغة الانشاء، الثورجية على نحو خاص، لطالما كانت من نوع الجعجعة التي لا طحين من ورائها، بل ان اثمانا باهظة من حياتهم وحياة بيوتهم، قد دفعوها لان بلاغة الانشاء مازالت تعد بالفتوحات الكونية ..!!
يعرف الفلسطينيون ذلك ويعرفون اكثر واكثر ان من يستندون الى بلاغة الانشاء وحدها، سواء في الخطاب أو التحليل السياسي او المقالة التي يقدمونها كمقالة نقدية انما يبحثون في الحقيقة، عن ادوار ومواقع، لا علاقة لها بالفعل وربما لا علاقة لها حتى بالنوايا الطيبة المخلصة والحريصة على هذه المسألة الوطنية او تلك، بقدر ما لها علاقة بالمصالح الضيقة الشخصية والحزبية، فيكتبون ما تريد الشائعات والاكاذيب والفبركات، ان تجعله حقيقة وواقعا ..!! ومن ذلك مثلا ان سياساتنا الرسمية، مازالت تخلف لنا الكوارث (!!) على اعتبار ان العالم من حولنا في افضل حالات الازدهار والاستقرار والامن والامان ..!! لا بل انها لا تنظر الى الاحتلال باعتباره الكارثة الكبرى وهو المسؤول اولا، عن مجمل المعضلات والصعوبات التي نواجه.
اسوأ وأخطر من ذلك ان بعض هذه الكتابات "التحليلية" لا تنتبه حتى مع حسن النوايا، انها تنضم الى حملة التحريض المتوحشة، التي باتت تتصاعد ضد المشروع الوطني وقائده الرئيس ابو مازن، ولعلنا نؤكد هنا ان تصاعد هذه الحملة وبهذه الحالة المحمومة، يكشف على نحو جلي ان الحراك السياسي للرئيس ابو مازن تحديدا بات يهدد تماما كل المشاريع المضادة للمشروع الوطني وقد بات يحشرها في الزوايا الميتة، ولو لم يكن هناك هذا الحراك، لما رأينا وسمعنا بهذه الحملة المحمومة، ونعرف ويعرف الناس في كل مكان ان من يعمل بجد واخلاص وحده من يتلقى ضربات التشكيك والاعتراض، شأن الشجرة المثمرة كما يقول المثل البليغ.
سيعلم هؤلاء مع قادم الايام، ونقول ذلك بكل ثقة وايمان، ان كتاباتهم هذه لم تكن تخدم في المحصلة، سوى اعداء المشروع الوطني على هذه الشاكلة او تلك، ونعرف ان بعضهم لا يريد ذلك ولم يكن يستهدف ذلك ابدا لكنها فتنة بلاغة الانشاء وفتنة الاعتراض التي توهم بما لايمكن ان يكون.
كلمة الحياة الجديدة -رئيس التحرير