"تونس- فلسطين" وحلاوة اللقاء واللحن في أريحا
عبد الرحمن القاسم
خرّ ساجدا على الارض يقبلها واغرورقت عيناه بالدمع. ولم يكترث للحضور الرسمي والشعبي الذي كان في استقباله كعضو في الوفد التونسي الذي جاء إلى فلسطين، ملبيا دعوة الرئيس محمود عباس لزيارة فلسطين والقدس الشريف.
هذا ما فعله المحامي والناشط السياسي جهاد الباروني، حين وصل هذا الأسبوع إلى فلسطين مع وفد تونسي ضم 25 شخصية اكاديمية وقضاة واعلاميين وناشطين سياسيين واجتماعيين.
يقول الباروني: انه الحلم الذي راودني مرارا لزيارة فلسطين، وكانت مرارة الانتظار في عمان والوعود في الحصول على التصاريح ومماطلة المحتل الإسرائيلي أشعرتني بمرارة الانتظار وانه شيء يسير مما يعانيه أهلنا في فلسطين, وسأرويه لعائلتي واهلي في تونس وادعوهم لزيارة فلسطين أنى سنحت الفرصة. وسأروي لهم عن شعب شقيق متمسك بأرضه صامد يحب الحياة والبناء ومضياف.
وتضيف نجيبة الزواوي أستاذة رياضيات متقاعدة وترأس جمعية تعنى بالطفل والقادمة من مدينة المهدية في تونس، "بصراحة كنا نعتقد فلسطين بلدا يفتقد للعمار والبنية التحتية وشعبا منهكا ومحبطا، ولكن الصورة بينت انه رغم الاحتلال والممارسات الإسرائيلية فإن شعب فلسطين صدره عامر بالإيمان بعدالة قضيته وحبه لأرضه، ويناضل بالبناء والحركة التجارية، ويحمل ودا وحبا لاهل تونس".
ويعلق محافظ اريحا والاغوار ماجد الفتياني انه "الوفاء لتونس الخضراء التي احتضنت الثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ودفعت دماء ثمنا لمواقفها، وقد استشهد على أرضها القادة خليل الوزير وابو اياد وابو الهول. ولم تبخل يوما على الشعب الفلسطيني وتقاسمت معنا شظف وحلو العيش, تونس كانت وما زالت الامتداد العربي والقومي والحضن الدافئ للشعب الفلسطيني".
وتؤكد سيدة الاعمال والناشطة السياسية ورئيسة الوفد التونسي ايمان سليم. انها شعرت "ان الفلسطينيين بصمودهم واقبالهم على الحياة هم من يحاصرون المحتل"، مشيرة إلى أنهم اثناء تنقلهم بين المدن الفلسطينية ورؤيتهم بعض المستوطنات خلف الأسلاك الشائكة وحراسات جنود الاحتلال، تأكد لهم "أن ارادة الحياة لدى المواطن الذي يسكن قبالة تلك "المعازل" هو من يحاصر المحتل وهو حتما من ينتصر". وتضيف: ان بعض الأصوات التي ادعت او اتهمتنا بالتطبيع ليس لديهم ادني فكرة عن فلسطين، وهل زيارة الاقصى الشريف واداء الصلاة والتضامن مع اهلنا وشعبنا في فلسطين تطبيع، فعندما اعود إلى تونس ساكون صوت فلسطين الداعي لكل تونسي وتونسية لزيارة اهلنا وشعبنا في فلسطين".
وتقول: لقد غمرنا الشعب الفلسطيني بكرمه وضيافته وحبه لتونس بلدا وشعبا. ولن ننسى لقاء وحفاوة الرئيس محمود عباس بنا، فقد التقانا كأننا من افراد عائلته وشعبه".
ويقول الناشط الاجتماعي فخري الفراتي القادم من مدينة صفاقص التونسية, "أمنيتي تحققت بزيارة فلسطين... والآن فهمت لماذا فلسطين محور اهتمام العالم، إنها جميلة بكل ما في الكلمة من معنى".
ويقول رجل الاعمال الحبيب السلامي: "رأينا فلسطين تبنى وتناضل، الصورة النمطية عنها كانت بلد شبه مدمر، ويفتقد للكثير من مقومات الحياة، ولكن وجدنا ارادة الحياة والبناء وعنصر الامن متوفر في المدن الفلسطينية، وما ينقصنا كرجال اعمال هو وجود تسهيلات وعدم وجود عوائق الاحتلال وتحكمه بالمعابر والحدود".
وأصر احمد فراتي اصغر أعضاء الوفد التونسي سنا ان يشرب من مياه نبع عين السلطان "على أمل العودة ثانية الى فلسطين الدولة ناجزة السيادة".
وغير بعيد عن مياه نبع عين السلطان العذبة في اريحا والقريبة من "تل اريحا"، أقدم معلم حضري في العالم لأكثر من عشرة الاف عام, ويعلوها دير "قرنطل" جبل التجربة حيث صام السيد المسيح عليه السلام اربعين يوما. وعلى ضوء اسم المدينة في العصر الكنعاني"مدينة القمر" وكما اختلط الدم التونسي والدم الفلسطيني في حمام الشط وقبلها في معارك بيروت. صدحت أصوات الحضور فلسطينيين وتونسيين, فكانت اغاني الفنان التونسي الراحل الهادي الجويني "تحت الياسمينة" واغنية "لاموني اللي غاروا مني" على انغام الكمان عزفها احد اعضاء الوفد الضيف نجيب مسلماني.
وعزفت حنين الرجوب على الكمان اغاني تراثية فلسطينية "وين عرام الله" ويا زريف الطول" واغنية مرسيل خليفة "وقفوني عالحدود قال بدهم هويتهي"، وردد معها الحضور كلمات الاغاني، فكانت امسية فلسطينية بلكنة تونسية.
وحنين الرجوب خريجة جامعة القدس اكاديميا ومعهد ادوارد سعيد للموسيقى موسيقيا, وقد رأت النور ومسقط رأسها في تونس، حيث كان والدها جمال الرجوب يعمل في مكتب الشهيد ياسر عرفات في تونس، ويشغل حاليا نائب محافظ اريحا.