نسج الليف .. مهنة نسوية تقاوم الاندثار
الخليل- وفا- أمل حرب- ما أن تنهي فوزية عبد الحميد أبو تركي "أم محمد" (45عاما) أعمالها المنزلية، حتى تبدأ العمل الذي اعتادت عليه منذ ثلاثين سنة، وبحرفية عالية وبجهد أسري مشترك، تغزل وتنسج الليف الخام لتصنع منه ليف الاستحمام، بأحجام وأشكال مختلفة، في مهنة تكاد تندثر، لتحسين وضعها ووضع أسرتها الاقتصادي والمساهمة في إعالة أطفالها.
"بالات" الليف الخام المستورد تفترش المكان، إحداهن تغزل الخيوط وتبرمها يدويا، وتشكله على شكل كرة، لإعداده للنسيج بالسنارة الخشبية، بينما تتنقل الليفة بين أيدي أفراد الأسرة الواحدة، لتجهيز الليف، وتجميع الربطات الجاهزة للبيع.
تقول أم محمد إنها تعمل في هذه المهنة منذ زواجها قبل 30 عاما، حيث تعلمت النسج على يد والدتها، التي تعلمته بدورها وعلمته لكل نساء "خربة قلقس"، جنوب الخليل، لمساعدتهن على سد احتياجاتهن البسيطة.
وتشرح أم محمد آلية العمل المتكامل لصناعة الليف، البداية ببرم خيوط الليف بسمك معين بعد بل أطراف الأصابع بالماء لتتماسك، ثم تشكيله على شكل كرة، وبعد ذلك نسج الخيوط بالسنارة مثل نسج الصوف "التريكو"، بالأشكال المتعارف عليها بليف الاستحمام وبأحجام حسب طلب التجار.
أما السنارة الخشبية فتصنع من خشب الزيتون أو خشب الرمان، بطول 50 سم، وقطر سنتمتر واحد، ولها عقفة في مقدمتها لمسك خيوط الليف لتشبيكها ونسجها.
تقول أم محمد إنها تعمل في اليوم 10 ربطات من ليف الاستحمام، تحتوي الربطة الواحدة على 10 قطع من الليف، وتساعدها في ذلك بناتها.
تعتبر أم محمد أنها تفرّج على نفسها بهذا الدخل البسيط، وتساهم بتوفير احتياجات أطفالها من كتب، وأقلام، وأقساط مدارس، وإعانة زوجها الذي يعيل أسرة مكونة من 10 أفراد.
ولا تخفي أم محمد أن هذا العمل شاق، ويسبب للعاملات آلاماً في مرافق اليدين، لأنه يحتاج جهدا وصبرا، بالإضافة إلى أعباء البيت الأخرى التي تتحملها النساء.
الحاج نظام أبو سنينة (60 عاما)، يؤمن "بالات" الليف الخام المستورد عن طريق تجار من مصر وتركيا، للنساء العاملات، بينما يأخذ الليف المصنع من النساء لتسويقه.
يقول إنه يوزع الليف الخام على أكثر من 20 عائلة في المنطقة، بسعر 6 شواكل للربطة، وبما لا يقل عن 300 شيكل شهريا لكل عاملة.
وقال إن لهذا الليف مزايا عديدة تجعله مفضلا لدى الزبائن، كونه ليفا طبيعيا متينا، وقادر على تنظيف الجسم دون أن يسبب الحساسية. وبين أنه يباع في كافة أنحاء الضفة الغربية حيث يلاقي طلبا جيدا.
وختم أن هذه المهنة، مهنة قديمة، حيث تعمل نساء المنطقة في صناعة الليف منذ أكثر من (50 عاما).
وكان مجلس الحرف العالمي، أعلن يوم الثلاثاء الماضي مدينة الخليل مدينة حرفية عالمية للعام 2016.