الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال القدس    تحقيق لـ"هآرتس": ربع الأسرى أصيبوا بمرض الجرب مؤخرا    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال لمنزل في رفح جنوب قطاع غزة    الاحتلال يواصل اقتحام المغير شرق رام الله لليوم الثاني    جلسة لمجلس الأمن اليوم حول القضية الفلسطينية    شهيدان أحدهما طفل برصاص الاحتلال في بلدة يعبد    مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم  

"فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم

الآن

أم فؤاد العرّابي: دموع تمتد بين انتفاضتين

عبد الباسط خلف: تلتصق حنان واصف الشريف بأحزانها المزدوجة وهي التي قدمت أبنها البكر فؤاد العرّابي، أول شهيد لانتفاضة العام 1987 في جنين، ليجدّد استشهاد ولدها الثاني رشاد في الانتفاضة الثانية أوجاعها ويبقي على دموعها حارة وغزيرة.
تعود أم فؤاد إلى الثاني والعشرين من كانون الأول 1987، حينما طلب ابنها الكوفية من أخته، ليخرج إلى منطقة السكة، حيث اعتاد أطفال جنين وشبابها رشق جنود الاحتلال بأسلحتهم الحجرية.
تقول: شيء ما أسر لي إن فؤاد الذي أصيب قبل أيام برصاصة مطاطية في رأسه، ورفض إعطاء اسمه لطبيبه المعالج، لن يعود هذا اليوم، فمع أول رصاصة سمعتها بحوالي الساعة الحادية عشرة من قبل الظهر، قلت لأخواته، إن فؤاد راح من بين أيدينا، وعلينا أن نستعد للبكاء. لكن شقيقاته ووالده ردوا علي بأن الابن فؤاد  سيعود إلى البيت بعد انسحاب جنود الاحتلال."
وبحسب الشريف، فإن دقائق معدودة فقط هي التي فصلت حديثها مع بناتها ودعوتهن لتهيئة البيت لحدث كبير ومؤلم، إلا ومر رفيقه مفيد الغزاوي( استشهد لاحقاً)، فأخبرها بأن فؤاد أصيب إصابة طفيفة، لكنها أجابته بأن قلبها قال لها أنه استشهد.
تترشح عيون أم فؤاد للبكاء غير مرة، ولا تستطيع إخفاء حزمها، حين تتذكر مشهد وداعه: بعد اختطافه من قبل جنود الاحتلال لثلاثة أيام، جاءت قوات كبيرة إلى المنزل، وأصدرت أمرها بالسماح لعشرة فقط من أقاربه بدفن ابنهم، وعندما وصلت إلى المقبرة وشاهدت ابنها في نعشه، أمسكت بأحد الجنود، وصرخت في وجهه.

تكمل بحسرة: كان أبني شديد الذكاء رغم صغر سنة( 17 سنة يوم استشهاده)، إلا أنه فتح دكانه بمدخل سينما والده، وكان يرفض أن يُعطي بضائعه بالمجان. ولا أنسى الطريقة التي كان يجمع فيها النحل والأفاعي وينزع أنيابها التي تلدغ ويحتفظ بها في جيبه، ويخيف بها الكبار، مثلما ربى الدجاج والأرانب في المنزل، واحتفظ بتفوقه الدراسي، لكنه رحل، ولن تغيب عني طلباته بطبخ الملوخية والفاصولياء، وتعلقه بعماته: باسمة، وسهام، وجنان، وحنان، وهبة.
أصرت عائلة العرابي على إطلاق اسم فؤاد على شقيقه الذي ولد في ذكرى استشهاده(22 كانون أول 1990)، وأعاد للعائلة توازنها العددي مؤقتاً، إلى جانب رشاد(الذي استشهد عام 2003)، ومحمد وأخواته الأربع.
تقفل أم فؤاد أحزانها على شهيدها الأول، الذي تحتفظ بقميصه الذي رحل وهو يرتديه، وألبسته لأخيه فؤاد الثاني، كما تطلق عليه. لكنها سرعان ما تفتح ألمها من جديد، على رشاد الذي استشهد قريباً من المنزل، يوم قرر العودة من رام الله وقطع أعماله في تجارة الأخشاب، ليسقط في مواجهة مع دبابة إسرائيلية، أصابته  في ساقيه، وأطلقت عليه قذيفة، في مشهد تكرر عرضه على"اليو تيوب".
تكمل الشريف التي ولدت في نابلس العام 1959: شاهدت قبل رحيل رشاد حلماً مزعجاً، وفيه ثلاث حفر، نزلت عمته في واحدة منهما، وفي الصباح قلت لنفسي الله يستر من هذا اليوم، ومع أول رصاصة سمعتها بكيت، لأنني تذكرت فؤاد، والرصاصة ذاتها التي قتلته.
غاب رشاد، وظلت صور مرحه، وشغفة بالدراجات النارية، وإلحاحه السفر إلى خارج الوطن، فيما ظل مشهد الأم التي تبحث عن ابنها الشهيد من مستشفى إلى آخر، لا يغادرها، بخلاف معظم الشهداء الذين كانوا ينقلون إلى مستشفى الرازي المجاور لمنزل العائلة، كانت وجهة رشاد الأخيرة إلى المستشفى الحكومي.
تقاطعها الدموع، ويأتي صوتها متعبا: ترفض خطيبته رنا جاويل الزواج من بعده، ونرفض نحن نسيان الأيام العشرة الأوائل من ذي الحجة، التي استشهد فيها عماد ورشاد وغابت عنا عمته جنان، ونخشى غدرها من جديد.

 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024