النوائب المتجنحة والمجرب والمخرب!
كتب: موفق مطر- لا فرق بين مستخدم للدين، ومستخدم لحصانة برلمانية، فكلاهما نائبة– بمعنى المصيبة الكارثية على الجمهور، فالأول يدعي ان الله منحه شرعية اجبارنا على السير في نهجه الرغبوي المتفرع عن نهج جماعته، والآخر يدعي ان الشعب منحه شرعية الانحراف عن نهج ومنهج الحياة الوطنية، محاولا حملنا على (الحصانة النيابية) الى نهج رغباته الذاتية ومصالحه المرتبطة بجماعته، فيجنح الأول بالمجتمع الى جحيم الجهل والظلامية والعدائية والكراهية، أما الآخر فيجنح بالفكر والنظام السياسي الى مستنقع النفوس المريضة حيث يتكاثر فايروس الولاء للخارج، حيث تفقس بيوض (المخلوقات المتجنحة) الناقلة للداء، المفسدة للدواء!.
تتشابه هامات الكلمات والأسماء، لكن نقطة واحدة ايا كان موضعها كفيلة بانزال الاسم الى الدرك الأسفل، ولنا في المجرب والمخرب، مثال على ما نقول، فالأول (المجرب) هامة عظيمه - قائد – سار في حقل الغام بهدوء وأمان وحكمة وتعقل، وتخطى كمائن المخربين في الدهاليز المظلمة، وأطاح بمؤامرات بضربة قاضية احيانا، وبالنقاط في جولات اخرى، ثم خرج من النفق ليبدأ مسيرة التحرر والبناء، اما (المخرب) هذا المخلوق المتجنح، فتراه كالذباب الأزرق، يحط على كل ما هو نافع وخير للناس، يلوث بجراثيم ملتصقة ومحمّلة غذاء الناس الروحي والثقافي والسياسي الخاص والعام، فيصيب البنيان المرصوص - ما يفترض انه جسد الشعب – بمرض الصرع والصراعات، حتى يفقد المرء توازنه، فيهبط العقل الى الهاوية، وتتسلق الفوضى، وتفتح ابواب (الانفلات) على مصاريعها، وهذا المتجنح ان لم يكن ذباب ازرق فهو كالبعوض الذي يتلذذ على مص الدماء الوطنية، ثم يفسد شرايينها واوردتها بامراض عضال !.
مستخدم الدين ليس نائبا عن الله في امة الناس، ولم يمنحه احد هذه الشرعية، هو في الحقيقة (نائبة) يلفنا اعصارها، لمجرد اختلافنا معه في الرأي او الموقف، او المفهوم، سرعان ما ينقلب فيصبح (ربا بشريا) منافسا لرب وخالق الناس الله سبحانه وتعالى، ثم يفتح عليك فوهة لسانه فيقرأ كتاب شيطانه المخطوط اصلا – بحبر العدائية والكراهية - في ثنايا دماغه، ويدعي عليك ما لم تنطق به، وما لم يكن في حسبانك او تفكيرك، او في دماغك الذي تكمن في ثناياه افكار منيرة تضيء الدنيا، باشعاع المحبة والخير والسلام للناس في وطنك وفي الدنيا كلها.
مستخدم او مستخدمة الحصانة يصير مغتصبا لعهدة (الحصانة النيابية) التي وضعها الشعب بين يديه، ويصير (نائبة) ايضا، ذكرا كان او أنثى - فيجلب لك انت ناخبه وللجمهور وللشعب الخراب، يمزق النسيج الوطني، ينفخ سموم التشكيك والتخوين، يستنسخ حملات الغزاة المحتلين الاسرائيليين الفاجرة على قيادة الشعب، وقيادة حركة التحرر الوطنية، ينطقها بالنيابة عنهم باللغة المحكية الفلسطينية!! يعتدي (بسيف الحصانة) على من كان سببا في جلوسه على الكرسي المحصن، فينتقل من مرحلة التحريف الى مرحلة التخريف – لاحظوا فعل النقطة هنا ايضا !!!- يصاب بداء الأنا المتضخمة، يبطر، يذهب للمناطحة والملاسنة المنفلتة لا لغير سبب، وانما استجابة لالحاح رغباته الشخصية المتعلقة مصيريا بمن يُسيِر ويَمُدُ (النائبة المتجنحة) اي المصيبة حسب وصفنا لمستخدم الحصانة بكل الامكانيات المادية واللوجستية، لتفجير جسور اللقاء والتواصل مع الأشقاء في عائلتنا العربية.
مستخدمو الدين ومستخدمو الحصانة (النوائب المتجنحة) لم يوفروا لحظة مكنتهم من التحليق في فضاء الرئيس ابو مازن الا واستغلوها، لكن غزواتهم المبرمجة والمنظمة كانت مجرد اندفاع نحو نار، هي في الحقيقة بردا وسلاما على الشعب الذي أمّنَه على عهدة القرار الوطني والحرية والاستقلال، وحارقة لأيادي اللصوص (المتجنحين) الذي لم يكفوا عن محاولات سرقة كنز هذا الشعب من التضحيات والنضال لوضعها في حسابات اسيادهم ومموليهم !!..هؤلاء (المخربين) انفسهم لم يوفروا اية فرصة للانقضاض على القادة (المجربين) فتقمصوا هذه المرة دور مستخدمي الدين، بعد استسلامهم لنزعة الانتقام والعدائية، والصقوا على لسان القائد عزام الأحمد كلاما لم يقله ابداً، وذهبوا في تسلل مكشوف في عملية اقتلاع قلبنا العربي من جسدنا الفلسطيني، وفي ظنهم انهم يداهنون ويراؤون امتنا العربية وحكوماتها وقياداتها!! فهؤلاء الداخلون في لعبة المقامرة على القرار الوطني الفلسطيني المستقل، كانت تصريحاتهم وكلام ما يسمى استاذ العلوم السياسية !! او ما جادت به قريحة مراسل او كاتب في صحيفة مرتزقة تكتب بحروف لغة الضاد ما شاء أصحابها من التحريف في عاصمة الضباب (لندن) ففحوى كلام هؤلاء وملخصه بعد ان بدأوا في مغازلة قلب انتزعوه بايديهم وذم رأس الجسد: انظروا لهذا الجسد الفلسطيني – هم منه - انه لا يستحق هذا القلب العربي !!.. والأنكى من ذلك المجاهرة بالتحريض والتفاخر بزرع الآلغام على الطريق بين مقر الرئاسة في رام الله بفلسطين وعواصم الأشقاء العرب، وكأنهم لا يعلمون ان ما بين القاهرة وعمان وبيروت ودمشق كدول طوق وجوار، وعواصم الوطن العربي وما بين القدس عاصمة فلسطين الخالدة ورام الله مؤقتا طريق صخري صلد لا يمكن للحمقى حفر الأخاديد فيه ولا زرع الألغام، فأمثال هؤلاء لا يعرفون شرايين الاتصال والتواصل مع الأمة العربية وقادتها المخلصين، لأنهم مشغولون في السير في الدروب التي تأخذهم الى البنوك، ومقرات اسيادهم. فهم بين الحين والآخر بحاجة لتجديد الولاء وهذا سر الموجة الجديد من اسرابهم المتجنحة !.
يعرف مستخدمو الحصانة ومستخدمو الدين الجغرافيا..ليس حبا واحتراما لحدود الأوطان، وانما سبيلا يعينهم على المراوغة والانسحاب والتموقع عند الضرورة، لا يعرفون الصلة بين التاريخ والجغرافيا، لأنهم لو علموها او تعلموها لاستحوا من (النوائب) التي يأتونها ولما حاولوا اشعال نار بين القيادة الفلسطينية والقيادات العربية في الدول العربية المجاورة لفلسطين، وربما كانوا فكروا قليلا قبل احتلال مواقع المتطرفين مستخدمي الدين ومنافستهم في تأويل وتفسير كلام لم يقله اصلا القائد المجرب عزام الأحمد، فهؤلاء - حتى وان ادعى بعضهم الانتماء لحركة التحرر الوطني الفلسطيني "فتح"، فقد تغافلوا عن عمد او انهم نسوا في حمأة انشغالهم بـتأمين مصالحهم الذاتية أن فتح أسست لانطلاقتها ولثورة الشعب الفلسطيني المعاصرة في نظامها الأساسي بان هذه الثورة عربية القلب، وان فلسطين جزء من الوطن العربي وشعبها جزء من الأمة العربية، وبالتأكيد نراهم على يقين ان العلاقة الاستراتيجية بين فلسطين القيادة السياسية والتاريخ والجغرافية لا يرى ما على ذراها الا الوطنيون العمالقة، اما الذين شاءوا الانحراف والانجراف وجنحوا للسقوط الى قاع بلا قرار، فقد اثبتوا لكل من كان لديه شك ان قرار اخراجهم من عضوية وحصانة حركة فتح كان عين الصواب والحكمة.