بين بوابات حاجز وسجن .. أمتار إلى الحرية
رام الله- وفا- أسيل الأخرس- أمتار بين بوابات حاجز وسجن "عوفر" الاحتلالي، كانت مسافة سجن إلى الحرية، قطعها اللواء حسين سواعدة (63 عاما)، والمعروف حركيا بـ"سمور"، بخطى مثقلة وقلب انهكه المرض.
15 عاما قضاها مدير الاستخبارات العسكرية في المحافظات الشمالية اللواء "سمور" في سجون الاحتلال، تمر أحداثها وذكرياتها المؤلمة في شريط من أمام عينيه في لحظات، فخلالها كبر من كان طفلا، وشاخ ومات الكثير ممن كان يعرفهم.
ويقول اللواء سمور، الذي توجه فور الإفراج عنه، إلى ضريح الشهيد ياسر عرفات، ووضع إكليلا من الزهور عليه، لـ"وفا"، إن "الحرية شعور لا يوصف، إلا أنني حررت جسديا من السجن، فالحرية لا تكتمل إلا بحرية فلسطين وتحرير بقية الأسرى من سجون الاحتلال".
عشرات العيون تترقب وترصد بدقة بوابات سجن "عوفر"، توزع بصرها بين نقطة وأخرى علها تعرف من أي طريق سيطل "سمور"، أو تتمكن من رصد لحظة الافراج عنه.
هناك في لحظة فارقة، تعالت فيها الاصوات، ركضت روان (31 عاما) ابنة الأسير الوحيدة التي تحمل هوية فلسطينية، نحو بوابة السجن الحديدة، لتحتضن والدها، غير ابهة بسلاح جندي لم يعد يخيفها، بعد أن سرق احلامها لسنوات.
وتقول روان: "اليوم بخروج والدي من المعتقل، باتت أحلامي قابلة للتحقق، اليوم يمكن أن تكون حياتي طبيعية، فقد حرمت ان أعيش هذه الحياة بغياب والدي واخوتي".
وتضيف: "لدي الكثير الكثير من القصص، التي انتظر أن أخبر والدي عنها، فقد غيب في سجون الاحتلال 15 عاما، وحرمت من زيارته لمدة 7 أعوام".
عطاف عبد الوهاب زوجة الاسير "سمور"، تقول إنها عاشت لحظات صعبة أمام بوابة المعتقل، امتزجت فيها مشاعر الفرح بإطلاق سراح زوجها، ومشاعر الخوف من غدر الاحتلال بإلغاء أو تأجيل الافراج عنه.
وتضيف: يوم غد الإثنين لن يكون يوما عاديا بالنسبة لنا، فعيد الأضحى سيكون أول مناسبة تجمعنا بزوجي منذ 15 عاما، تعاقبت فيها المناسبات دون أن نشعر بطعم الفرح.
الاحتلال الذي حرم الاسير سواعدة من عمله وحياته وأسرته، حرم أولاده الاربعة أيضا من العيش في بلدهم فلسطين او حتى زيارته في المعتقل، او المشاركة في باستقباله لحظة إطلاق سراحه، كونهم لا يحملون هويات فلسطينية، وممنوعون من الدخول إلى فلسطين.
وتشير عبد الوهاب إلى أن الاحتلال تعمد التنغيص عليهم ومصادرة فرحتهم أكثر من مرة، من خلال إلغاء وتغيير موعد الافراج عن زوجها.
اللواء سواعدة ولد في الأردن، بعد أن هجرت عائلته من بئر السبع عام 1948، التحق بحركة "فتح" عام 1967، درس في الكلية العسكرية في الجزائر والعراق، وشارك في معركتي الكرامة وقلعة شقيف، وعاد إلى أرض الوطن عام 1996، واعتقلته قوات الاحتلال عام 2001.