"عدم الانحياز"
أسيل الأخرس
عقد في جزيرة مارغرينا الفنزويلية أمس السبت، مؤتمر قمة حركة عدم الانحياز، في دورته السابعة عشرة، والذي تستمر أعماله حتى اليوم الأحد، بحضور ومشاركة رئيس دولة فلسطين محمود عباس على رأس وفد عالي المستوى.
وأكدت الدول المشاركة في بيان صدر الليلة الماضية أن القضية الفلسطينية ستظل على رأس أولوياتها، معلنة 2017 عام إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
وفي تصريح للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد، الذي تابع أعمال القمة، قال، إن حركة عدم الانحياز أدانت في إعلانها الصادر في ختام اجتماعاتها الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني والممارسات غير القانونية والاستفزازية بالأراضي المحتلة، لا سيما بحق المسجد الأقصى، فضلا عن سياسة التوسع الاستيطاني غير المشروعة في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، والرامية إلى تغير الواقع الديموغرافي على الأرض، وتقويض حل الدولتين.
وتعتبر حركة عدم الانحياز، واحدة من نتائج الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، ونتيجة مباشرة للحرب الباردة التي تصاعدت بين المعسكر الغربي (الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو) وبين المعسكر الشرقي (الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو) حال نهاية الحرب العالمية الثانية وتدمير دول المحور.
إن الحركة تأسست من 29 دولة من الدول التي حضرت مؤتمر باندونج 1955، من بنات أفكار رئيس الوزراء الهندي جواهر لآل نهرو والرئيس المصري جمال عبد الناصر والرئيس اليوغوسلافي تيتو.
وانعقد المؤتمر الأول للحركة في بلجراد عام 1961، وحضره ممثلو 25 دولة، ثم توالى عقد المؤتمرات حتى المنعقد الآن في فنزويلا ووصل عدد الأعضاء في الحركة عام 2011 إلى 118 دولة، وفريق رقابة مكون من 18 دولة و10 منظمات.
وأنشئت الحركة التي تأسست إبّان انهيار النظام الاستعماري، ونضال شعوب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وغيرها من المناطق في العالم من أجل الاستقلال، وفي ذروة الحرب الباردة، وكانت جهود الحركة منذ الأيام الأولى لقيامها، عاملاً أساسيًا في عملية تصفية الاستعمار، والتي أدت لاحقًا إلى نجاح كثير من الدول والشعوب في الحصول على حريتها وتحقيق استقلالها، وتأسيس دول جديدة ذات سيادة، وعلى مدار تاريخها لعبت حركة دول عدم الانحياز دورًا أساسيًا في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
وتم الإعلان في مؤتمر باندونج الأفرو-آسيوي عن المبادئ التي تحكم العلاقات بين الدول، كبيرها وصغيرها، وهي المبادئ التي عُرفت باسم "مبادئ باندونج العشرة"، والتي جرى اتخاذها فيما بعد كأهداف ومقاصد رئيسية لسياسة عدم الانحياز، وأصبح تحقيق تلك المبادئ هو المعيار الأساسي للعضوية في حركة عدم الانحياز؛ بل إنها أصبحت تعرف بما يسمى "جوهر الحركة" حتى بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي.
وفي عام 1960، وفي ضوء النتائج التي تحققت في باندونج، حظي قيام حركة دول عدم الانحياز بدفعة حاسمة أثناء الدورة العادية الخامسة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي شهدت انضمام 17 دولة إفريقية وآسيوية جديدة، وكان رؤساء بعض الدول أو الحكومات في ذلك الوقت، قد قاموا بدور بارز في تلك العملية، وهم جمال عبد الناصر من مصر، وكوامي نكروما من غانا، وشري جواهرلال نهرو من الهند، وأحمد سوكارنو من أندونيسيا، وجوزيف بروز تيتو من يوغوسلافيا، الذين أصبحوا، فيما بعد، الآباء المؤسسين للحركة، ورموز قادتها.
وعلى هذا، ركزت الأهداف الأساسية لدول حركة عدم الانحياز، على تأييد حق تقرير المصير، والاستقلال الوطني، والسيادة، والسلامة الإقليمية للدول؛ ومعارضة الفصل العنصري، وعدم الانتماء للأحلاف العسكرية متعددة الأطراف، وابتعاد دول حركة عدم الانحياز عن التكتلات والصراعات بين الدول الكبرى، والكفاح ضد الاستعمار بكافة أشكاله وصوره، والكفاح ضد الاحتلال، والاستعمار الجديد، والعنصرية، والاحتلال والسيطرة الأجنبية، ونزع السلاح، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وحظيت القضية الفلسطينية في مؤتمرات دول عدم الانحياز المتعاقبة على الاهتمام، حيث أكدت في مؤتمرها من العام 1964 والذي عقد في مصر بحضور 46 دولة على أهمية الدعم اللامشروط للشعب الفلسطيني، الدعوة إلى ضرورة التعاون بين دول الحركة.
فيما ركز مؤتمر نيودلهي/ الهند 1983 على القضية الفلسطينية وغزو لبنان ومجزرة صبرا وشاتيلا.