الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

"انتفاضة الحجارة" الشرارة الأولى للمقاومة الشعبية السلمية


 بسام أبو الرب
في الثامن من كانون الأول عام 1987 انطلقت شرارة الانتفاضة "انتفاضة الحجارة"، التي اندلعت من قطاع غزة، ثم انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيمات فلسطين، وذلك عقب قيام سائق شاحنة إسرائيلي بدهس مجموعة من العمال الفلسطينيين على حاجز بيت حانون «إيرز»، الذي يفصل قطاع غزة عن أراضي 1948.
وأطلق عليها اسم "انتفاضة الحجارة" كون الحجارة كانت الأداة الرئيسية فيها، كما عرف الصغار من رماة الحجارة بأطفال الحجارة، إضافة إلى اعتبارها شكلا من أشكال الاحتجاج العفوي الشعبي الفلسطيني على الوضع العام المزري بالمخيمات وعلى انتشار البطالة وإهانة الشعور القومي والقمع اليومي الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
وطرحت انتفاضة الحجارة ومنذ لحظة تفجرها على أنها قامت لتحقيق هدف جلاء قوات الاحتلال الإسرائيلي من أرض فلسطين، وتمكين الشعب الفلسطيني من بناء دولته، وفق اختياره الحر للنظام الذي يريده فيها، وذلك من خلال أساليبها النضالية، والتي استلهمتها من واقع شعبها وموقعه، وما تسمح به إمكانيات هذا الشعب وطبيعة هذا الموقع، بعيدا عن تقليد أو محاكاة ثورات غيرها من الشعوب، وأن تستخدم الجماهير من امتلاكاتها الذاتية كل ما تعتقد أنه بالإمكان استخدامه سلاحا ضد الاحتلال الإسرائيلي مهما كان مستوى بدائيته، إضافة إلى التعبير الأصيل عن حالة النهوض الكفاحي الجماهيري والمضمون الحقيقي لفلسفة المقاومة الشعبية، بأنه يجد القدرة على توسيع المشاركة الفعالة من خلال توزيع المنشور السياسي وكتابة الشعارات الوطنية على الجدران، والمظاهرات، والاعتصامات، والإضرابات، وإقامة الحواجز، ورمي الحجارة، وإحراق الإطارات، ورفع العلم الفلسطيني فوق أسطح المنازل وعلى أعمدة الكهرباء، وحمل صور الزعيم الراحل أبو عمار، وإجادة الهتاف والنشيد، ورفع صور الشهداء.
 

 

مصطفى البرغوثي أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية أحد رواد تجربة المقاومة الشعبية السلمية، قال "إن أسلوب المقاومة الشعبية ليس جديدا، حيث استخدمه الفلسطينيون في الماضي وحقق أفضل النتائج والمثال على ذلك الانتفاضة الأولى، بيد أنه لو استخدم نتائج هذه المقاومة بشكل أفضل لوصل الشعب الفلسطيني اليوم إلى دولته المستقلة".
وأضاف، "إن الشعب الفلسطيني أيقن في الوقت الحالي وبعد فشل المراهنة على قوى الخارج، بأن استثمار هذا النمط من المقاومة بعد عشرين عاما من المفاوضات، شكّل ضربة للاحتلال من خلال ضمان أوسع مشاركة جماهيرية ودولية، إضافة إلى إدراكه أنه دون تغيير ميزان القوى والاعتماد على الذات لن يتحقق الهدف"، وأوضح أنه قبل تسع سنوات انطلق شكل جديد من أشكال المقاومة الشعبية السلمية تزامنا مع بناء الجدار العنصري ومناهضته من خلال كافة النضال السلمي الذي تطور بشكل ملحوظ، وبتزايد حركة التضامن الدولي التي تمثلت بكسر الحصار المفروض على قطاع غزة الأمر الذي عكس حالة وعي لدى المجتمع الدولي.
وبين البرغوثي أن المقاومة ارتكزت على ثلاثة أسس تتمثل في الاعتماد على الذات، إضافة إلى تنظيم النفس والحركات الاحتجاجية، وتحدي الاحتلال وممارساته، سعيا منها لرفع التكاليف على كاهل الاحتلال.
وأوضح أن انتفاضة الأقصى التي اندلعت في العام 2000 لم يكن منظم لها كما يجب، ما أدى إلى تحولها إلى ردة فعل لما يطرأ على الساحة، مشيرا إلى أن انتفاضة الأقصى تعاطت مع أشكال جديدة من المقاومة في ظل تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني من خلال بناء جدار الفصل العنصري وتقسيم الضفة وغزة إلى "كنتونات" وفرض الحصار على مدينة القدس.
وقال البرغوثي، "إن انتفاضة الحجارة التي كانت بوادرها منذ العام 1976 مع انطلاقة حركات التطوع والتطورات داخل التنظيمات، واشتعلت بشكل رئيسي عام 1987، في ظل التعبئة للجماهير بشكل أفضل، وانضوائها تحت قيادة موحدة، الأمر الذي شكل ميزة كبيرة لها"، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني بحاجة في هذا الوقت للتغلب على بعض السلبيات، والعمل على توسيع قاعدة النضال الشعب والسلمي وتطويره، في ظل انعدام فرص المفاوضات مع إسرائيل وتعنتها، كونها تعتبر نفسها دولة فوق القانون، إضافة إلى تغيير ميزان القوى عبر المقاومة الشعبية وحركة التضامن الدولي ودعم صمود المواطنين على الأرض.
واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية تيسير خالد، أن انتفاضة عام 1987 جاءت في سياق سياسي محدد ردا على محاولات إقصاء منظمة التحرير الفلسطينية وتمثيلها للشعب من ناحية، إضافة إلى أن الشعب الفلسطيني لم يعد يحتمل التناقض في ما يعيشه تحت سلطة الاحتلال وممارسته من ناحية أخرى.
وقال خالد إن انتفاضة الحجارة كانت ذات طابع وبعد ديمقراطي ومجتمعي أثمر على المستوى المحلي بتوحيد الشعب الفلسطيني خلف منظمة التحرير، والتأكيد على شرعيتها، إضافة إلى أنها شكلت رسالة لإسرائيل بعدم احتمال استمرار الوضع القائم في ظل الظلم والاستيطان ومصادرة حقوق الشعب الفلسطيني.
وأضاف، إن الشعب انتفض بأساليب ومقاومة شعبية حسب إمكاناته والمرحلة التي عاشها، باعتبار أن كل مرحلة لها خصائصها ووسائلها التي كفلها القانون الدولي، رغم اختلاف الشكل عنه في انتفاضة الأقصى عام 2000 إلا أن الجوهر ذاته".
وشدد خالد على ضرورة تجنيد كل الطاقات على مختلف المستويات السياسية، والنقابية، والشبابية والمجتمعة، للانخراط في فعاليات المقاومة الشعبية ضد ممارسات الاحتلال من استيطان، ومناهضة بناء جدار الفصل العنصري، إضافة إلى مقاطعة البضائع الإسرائيلية، وتمكين المواطنين خاصة في الريف الفلسطيني ومناطق التماس مع الاحتلال ومستوطنيه، وذلك ضمن مسؤولية تقع على عاتق القيادة والقوى السياسية.
وكان الباحث والناشط في حركة العودة سالم أبو هواش أكد لـ"وفا" في حديث سابق، أن انتفاضة عام 1987 اشتملت على أوسع مشاركة شعبية فلسطينية، حيث قامت على قاعدة التنظيم الاجتماعي الفلسطيني المستقل، والطابع الديمقراطي العميق؛ حيث المبادرة الجماهيرية والمشاركة الشعبية في تحديد أهدافها، وفي برامجها وآليات عملها، بحيث توفر تناغما كبيرا بين قيادتها وجماهيرها، بما يحقق الشعور بالانتماء والحرص على المصلحة العامة.
وقال، "إن انتفاضة 1987 دحضت المزاعم الإسرائيلية التي تدعي أن الشعب الفلسطيني شعب صامت ولا يحق له التعبير عن ذاته، كون المنظمات الفلسطينية تمنعه عن ممارسة ذلك"، موضحا أن النتائج التي حققتها الانتفاضة تؤكد مدى فعالية أسلوب المقاومة الشعبية المدنية، حيث استخدمت إسرائيل في حينه كافة الوسائل المتاحة أمامها لوقف الانتفاضة لكنها لم تتمكن، فذهبت إلى مدريد ومن ثم لمفاوضات أوسلو، ورغم أن إسرائيل راوغت إلا أنها اضطرت للتعامل مع القيادة الفلسطينية والاعتراف بمنظمة التحرير، الأمر الذي مهد لمرحلة أوسلو وما بعدها.

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025