خطاب الرئيس.. رئيس الخطاب الإنساني
كتب موفق مطر
خاطب رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية الحكيم محمود عباس ابو مازن رؤساء وملوك وقادة وزعماء، وممثلي دول العالم، وارسل الى شعوبهم كتاب حكمة ورؤى انسانية، واحترام وسلام، وعزيمة وارادة، وآمال مستنبتة في تربة الضمائر الانسانية الحرة ايا كانت لغة وجنس ولون ودين اصحابها.
رئيس الخطاب العقلاني الواقعي ابو مازن، وقف على منبر الأمم ليسمع العالم كلمة الشعب الفلسطيني ولسان حاله يقول:
نحن لا نطلب معجزات.. وانما ما اقرته لنا الشرعية الدولية من حقنا التاريخي والطبيعي من وطننا فلسطين.
نطلب دول العالم المتحضرة والديمقراطية المؤمنة قياداتها واداراتها بمبدأ السلام والعدل في العالم ان تكون على قدر من الشجاعة للوفاء بتعهداتها وامضاءات ممثليها على قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
لا نطلب اخذنا الى القمر ولا الى اي كوكب آخر ولا الى اي بقعة يابسة مائية في كوكب الأرض، وانما ايمانكم ومناصرتكم لحقنا في العودة الى ارضنا، واظهار ارادة انسانية مجردة وسياسية منطقية ولو لمرة واحدة، لتطبيق القرار 194.
نقدم لكم خارطة طريق قصيرة وناجعة للقضاء على الارهاب الذي عانينا ونعاني منه منذ حوالي مئة عام، وتعانون اليوم ومنذ سنوات من مشتقاته بمسميات متعددة، نقدم لكم الوصفة الواقعية لاستعادة الامان والاستقرار والسلام لهذه المنطقة الحضارية من العالم ومركزها وطننا فلسطين، فانسحاب جيش دولة الاحتلال اسرائيل الى ما وراء حدود الرابع من حزيران من العام 1967 واعترافكم بخارطة فلسطين دولة مستقلة ذات سيادة على هذه الحدود بعاصمتها القدس الشرقية، ووقف الاستيطان، وتطبيق حل عادل لقضية اللاجئين وفق القرار 194 سيكون سبيلكم وسبيلنا لاحلال السلام مكان الحرب، والتعايش مكان سفك الدماء، والمحبة الانسانية مكان الكراهية، ووأد الصراعات الدينية والعنصرية الى الأبد.
نطلب من بريطانيا العظمى ان تكون اسما على مسمى، وأن تقرر فعلا عظيما في تاريخها الحديث حتى نفكر بالغفران لها، أن تعترف بدولتنا كخطوة على طريق التكفير عن ذنبها الفظيع والعظيم بحق شعبنا منذ وعدها (بلفور) مرورا بانتدابها المدمر لهويتنا ومستقبلنا وسياداتنا وتسليمها ارضنا بلا اي وجه حق اوشرعية لقيادات الحركة الصهيونية.
نطلب من العالم ان يعلم جيدا ان ذاكرة الفلسطينيين لا محدودة، محفورة في التاريخ المادي والثقافي والروحي، حتى وان انتهجنا الواقعية السياسية فنحن نتذكر قرار التقسيم 181 في العام 1947، وما قبله عندما كان اسم فلسطين وحده المطبوع والمحفور على اشكال وصور الرموز السيادية بدءا من المستندات الرسمية والعملة والصكوك، وما قبله بقرون المخطوط في الكتب المقدسة، وبعد أن نطحتنا الدول الاستعمارية بقرون المؤامرة والنكبة والنكسة في اسماء وحياة الفلسطينيين من الجليل حتى النقب ومن الناقورة حتى المجدل.
على العالم ان يعلم اننا هنا باقون فنحن تاريخ وتراب وماء وهواء هذه الأرض، ونطلب منه الاقرار والاعتراف بهذه الحقيقة لأن خلاف ذلك يعني استمرار تمرد الطبيعي الأصلي على المصطنع والمُنشأ بفعل القوة والارهاب.
خذوا علما أننا نتصارع مع المشروع الاحتلالي الاستيطاني الصهيوني الذي يهدد وجودنا ومستقبلنا على ارضنا وحقوقنا التاريخية والطبيعية عليها، ويسعى لالغاء هويتنا الوطنية وثقافتنا الانسانية التي لو أمعنتم النظر فيها لوجدتم انها نوع فريد من الثقافات الانسانية المتكاملة.
نحن نحترم الخيارات الدينية لأي انسان في هذا العالم، ولا نتصارع مع اليهود، ولا مع اي انسان بسبب عقيدته الدينية، فنحن نشتق افكارنا ومنهج حياتنا من اسم ارضنا وطننا فلسطين ارض السلام ولن نكون الا اوفياء لروح وجوهر ترابها الطاهر الذي تكون منه انساننا الأول قبل ان تلوثه الغزوات.
لقد قررتم لنا في العام 1947 أولا وبقرار التقسيم رقم 181 ثانيا حدود دولة فلسطينية، انتهكتها اسرائيل واستولت على اضعاف ما كان مخصصا لها في العام 1948 وفي العام 1967 ايضا وذهبنا الى حد الموافقة على قراراتكم بقيام دولة فلسطينية لنا في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة والقدس الشرقية، حقنا لدماء اطفالنا واطفالهم وحفاظا على الامن والاستقرار في العالم، فلماذا لا تضغطون على اسرائيل التي مازالت تحتكم لمنطق الاحتلال والاستيطان والتطهير العرقي والجرائم المدفوعة بنزعة عنصرية، أم تراكم تحسبون اننا ارتضينا هذه الحلول لعجز منا؟ ونتمنى انكم لا تجربون مدى اصرارنا على نيل حقوقنا، فنحن نتبع السبل الدبلوماسية والسياسية، والقانونية احتراما لانسانيتنا، ولكل امة الانسان فمن ذاق مرارة الهجرة والتشرد واللجوء، واكتوى بنيران الحروب والمجازر، هو اكثر الناس ايمانا بالسلام وهذا هو حالنا، فنحن لا نؤمن بالحروب سبيلا ولا نخضع لصناعها وأهواء ومصالح تجارها.
نطلب من الجميع قراءة كل كلمة في خطاب رئيسنا بأمانة المسؤولية، ودقة، فليس كل من وقف على منبر وخطب رئيسا، وليس بالضرورة صاحب رسالة، واعلموا ان شعب فلسطين يفخر بتقديم رئيس الخطاب الانساني لكم، كفخرنا ان الرئيس قد قال لكم صور آمالنا وضمائرنا.