رائحة الأرض بعد 50 عاماً
رام الله –الحياة الجديدة- محمد مسالمة- رائحة الارض دفعت حامد العنبوسي ان يحمل حفنة من تراب عين الساكوت ويتنفسّها، ليريح بعبقها روحه المتعبة منذ عام 1969، بعدما هجّرته حكومة الاحتلال الاسرائيلي وأهله، ثم اغتصبت الارض ما يزيد عن 50 عاماً، فالعلاقة بين رائحة التراب ومسقط رأس الانسان وثيقة.
العنبوسي 69 عاماً، مشبعٌ بجغرافيا المكان، يعود اليوم ليس بجسده فحسب، وانما بذاكرةٍ ما زالت حيّة، يشير بيده الى منطقة منخفضة، حيث مكان منزلهم، ومنازل جيرانه، المنطقة بمحاذاة الحدود الاردنية في الاغوار الشمالية، قضت محكمة الاحتلال العليا بتسليم 3500 دونم الى اصحابها قبل اسابيع عدّة.
قرى ردمتها قوة السلاح هنا، كانت مناطق عامرة بأهلها قبل عام 1969، حيث احتلّت اسرائيل كامل التراب الفلسطيني، تشير آثار مواسير السقاية التي صدأت بفصول عشرات السنين الى ثمار يانعة، ومزروعات وفيرة وخيرات كثيرة، فعيون المياه تتناثر وتمنح الحياة للمساحات الخضراء.
استقبل المزارعون، اصحاب اراضي منطقة عين ساكوت قرار المحكمة العليا بانفاس اتعبها انتظار سنوات طويلة، لم يفقد العنبوسي أمل العودة، وواصل المطالبة بأرضه مع جيرانه قبل 50 عاماً، يقول المزارع: "في عام 1969 غابت شمس عين ساكوت، واشرقت بأمل العودة في عام 2017".
مجموعة من المستوطنين يتجمهرون عند "عين الساكوت" التي كانت تروي الاراضي الزراعية كافّة قبل التهجير، لا تبعد النبعة سوى بضعة امتار عن الحدود مع الاردن، فالمحاصيل الزراعية كانت تصل الاردن، ومنها الى السعودية وسوريا ولبنان والعراق والكويت.
اغلب محاصيل الأرض كانت من ثمار البطيخ والشمام والخيار والبندورة، اما الان فالمستوطنون يقومون بزراعتها بالقمح والاعشاب الطبية، مستغلين ثرواتها وخيراتها.
يخطط العنبوسي لعودته مع ابنائه، وبين سطور تفكيره بناء بيت قريب من "عين المياه"، وفلاحة الارض التي يملكها هو واخوته، حيث تقدّر بـ 300 دونم، بعد ان سكن مدينة طوباس منذ التهجير، ولا يزال يعمل مزارعاً في طمّون.