حارس.. زيتون "محاصر"
علا موقدي
يتساءل السبعيني عارف حسن الصوفي، وهو يحدق في مستوطنة "رفافا" القريبة من أرضه في قرية حارس بسلفيت شمال الضفة الغربية، عن جدوى التعب على الأرض التي تُلتهم كل يوم من قبل الاستيطان..
ويستدرك "الأرض مثل العرض لا يمكن ان نتنازل او نساوم عليها.. عليها ولدنا وعليها سنموت، وسندافع عنها لو كلفنا ذلك حياتنا"
للصوفي أكثر من 50 دونما من الأراضي الزراعية "المحاصرة" المحاذية للمستوطنة تنتظر سنوياً الموافقة "الأمنية" من قبل الاحتلال، ومصاحبة المتضامنين الدوليين لتمكينه من الدخول إليها من أجل قطف ثمار الزيتون.
"أرضي وزيتوني لم يتعبني يوما واحدا حتى وأنا بهذا العمر، إلا أن المستوطنات والمستوطنين جلبوا النكد واللهم للمنطقة كلها، حرقوا واقتلعوا وحاصروا وحرمونا ما تبقى منها" يقول الصوفي.
ويضيف: "تعرضت أرضي للتدمير أكثر من مرة، وتم شق طريق بداخلها، وقرارات من السلطات الاسرائيلية بتوسعة المستوطنة تتخذ بين الحين والآخر على حسابها، فتقلصت انتاجية زيت الزيتون من ما يقارب الثمانين تنكة الى خمس تنكات فقط، كما انه لا يسمح لنا بحراثتها والعناية بها نهائيا."
و"رفافا" المستوطنة، أقيمت في عام 1991 على اراضي قريتي حارس ودير استيا، وبلغ عدد سكانها في عام 2013 حوالي 1682 مستوطنا. المستوطنة شلت توسع البلدة باتجاه الشمال وضيقت على الاهالي وتسببت بأضرار كبيرة على الأراضي الزراعية.
ابن الحاج الصوفي بين أن قيمة الارض تقدر ب 2.5 مليون دينار اردني على الأقل، وصالحة للتعمير والتوسع العمراني، ويقول: "نحن بحاجتها للتعمير فيها لأن البلد لا يوجد بها متنفس كاف والأراضي محصورة، فالمستوطنين يستصلحون اراضينا يزرعونها ويستفيدون منها ونحن بحاجة ماسة لها."
ويوضح مدير الزراعة في محافظة سلفيت ابراهيم الحمد لـ"وفا"، أنه في السنوات الاخيرة معدل انتاجية الزيت في المحافظة يتراوح ما بين 1500-2000 طن يتم تصدير جزء منه لدول الخليج والأردن وجزء بسيط الى اوروبا، ويقول: نحن نحاول دائما ارشاد المزارعين وتوعيتهم بالإجراءات المناسبة للحصول على زيت ذو مواصفات جيدة، وندعوهم الى الالتزام بالموعد الذي تحدده الوزارة للقطف.
ويبين الحمد أن اكبر مشكلة تواجه المزارعين في محافظة سلفيت هو الاستيطان، فالصراع على شجرة الزيتون قائم منذ الأزل، ومشكلة "التنسيق الأمني" ومواعيد التصاريح التي تعطى للمزارعين تسبب لهم الضيق، والاحتلال اعطي في هذه السنة مواعيد متأخرة لإمكانية وصول المزارعين لأراضيهم، وهو ما يؤثر على المزارع الذي يحاول ان ينتهي مبكراً من قطف ثمار الزيتون قبل قدوم البرد والمطر، كما أنها تُخسر المزارع "العونة" أي الاشخاص الذين يجتمعون ويقومون بالأعمال التطوعية لمساندة المزارعين في مناطق الاحتكاك المباشر مع الاحتلال.
وأعتبر منسق لجنة الدفاع عن الاراضي في محافظة سلفيت جمال الأحمد، أن التنسيقات الامنية من أجل دخول المزارعين الفلسطينيين الى اراضيهم غير كافية، وأنها تعطى في غالب الأحيان لكبار السن الذين يجدون صعوبة في جني المحاصيل ونقلها، فيما يتم تحديد ايام معينة للقطف مقابل عدم الالتزام الاسرائيلي بفتح البوابات، حيث يبقى المزارعون ينتظرون لأوقات متأخرة من الليل، حتى يتسنى لهم الخروج من البوابة التي تحكم الحصار على اراضيهم.
ويقول الأحمد: إن الانتهاكات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الاسرائيلي بحق المزارعين من سرقة المحاصيل الزراعية وحرق اشجار الزيتون والاعتداءات المتكررة وتوسعة المستوطنات تزداد يوماً بعد يوم، وجميع هذه الاجراءات والممارسات هي محاولة لتهجير المزارع من ارضه وتركها للاستيلاء الكامل عليها.
يشار إلى أن محافظة سلفيت تعد من المحافظات الرئيسية في الوطن لإنتاج زيت الزيتون وتشكل ما نسبته 10-12% من انتاج الزيت في الوطن، حيث ان حوالي 60 الف دونم من اراضي البلدة مزروعة بأشجار الزيتون.